منحها دورًا استثنائيًا فى فيلم (العصفور) الذى يحتل المرتبة 45 فى قائمة أفضل 100 فيلم فى ذاكرة السينما المصرية، وقد كانت مشاهدها فى العصفور ونجاحها فى تجسيد الشخصية وإيمان شاهين بها وبموهبتها، إعلانا للجميع بميلاد ثنائى رائع فى التمثيل والإخراج، حيث ساهم التعاون المشترك بينهما فى خلق طاقة تخرج من داخلهما أفضل ما يمتلكان، وهو ما دفعه لاختيارها لأداء دور والدته، فى (إسكندرية ليه؟)، لكن فترة انقطاع سبقت تعاونهما الثالث والأخير فى (الوداع يا بونابرت) قبل أن يقررا عدم التعاون مرة أخرى، سينمائيًا، وإنسانيًا، لكنها قطيعة لم تدم، حيث تصالحا بالعيون دون كلام قبل رحيل (جو) بسنوات قليلة. «أهم ما يميز شاهين هو أنه لم يتربى فى ظروف سهلة، فقد عاش مع والدته وأخته ظروفًا اقتصادية وسياسية، أهلته لرؤية الناس (الشقيانين) عن قرب، وهو ما انعكس على فنه».. هكذا قررت محسنة توفيق أن تبدأ حديثها عن يوسف شاهين، مدللة على ذلك بفيلم العصفور، حيث حكى لها شاهين عن أبعاد كثيرة لشخصية بهية - لم تكن موجودة فى السيناريو- من بينها أن تلك السيدة قد تعرضت للاغتصاب وهى صغيرة، ولاتدرى محسنة إذا كان شاهين تخيل ذلك، أم استدعاه من مخزون ذاكرته، لكن ما تعرفه من خلال قربها الإنسانى منه أن استعداده الفطرى كفنان، خلق، بل والإيمان بقدرة (الغلابة) على خلق التأثير، حتى ولو بصرخة (هنحارب). «كنت متغاظة منه قوى».. هكذا تصف محسنة مشاعرها تجاة (جو) عندما أبلغها باختيارها لشخصية الأم فى العصفور، لأنه قفز بها مرحلة عمرية كبيرة، لكنها ترى هذا القرار اليوم بأنه من حسن حظها، حيث تقول: «أنا حفيدة الجبرتى فى الحقيقة، وأنظر اليوم إلى قبولى هذا الدور بأنه استعداد فطرى لوراثة البصيرة، التى أمتلكها جدى». فترة طويلة لم يعملا فيها سويًا منذ (إسكندرية ليه؟) عام 79، وحتى (الوداع يا بونابرت) فى 85، لكنها تفسر ذلك أنه علم بأنها «مكروه من قبل النظام»، حسابات خاطئة، صححها (جو) عندما قال لى قبل تصوير (الوداع يا بونابرت) تعالى بقى علشان أستمتع بشوية تمثيل من بتوع زمان». كنت مدركة أن ابتعاد شاهين عنى إنسانيًا طوال كل تلك السنوات سببه أنه خجول وحساس، ولا يستطيع مواجهتى لأنه أعطانى ظهره وقت الاحتياج. فى عام 2005، جمعت الصدفة بين الصديقين اللذين تأخر لقاؤهما سنوات طوال، فاحتضنها «جو» بين ضلوعه حضنًا فهمت مغزاه، فأزال كل ما بداخلها من غضب تجاهه. ليس هذا الاعتذار الصامت وحده هو ما أشعرها بدنو أجل صديقها، لكن مشاهدتها لفيلم (هى فوضى)- آخر ما أخرج شاهين قبل وفاته بعام- جعلها تبكى قائلة : «يا حبيبى يا جو..أنت خلاص قربت تمشى وعايز تقول لنا كلنا أنا ماخنتش، ورجعت أوضح من الأول».•