طبعا بعد الخصخصة حدث تحديث «لمظهر» بعض مواقع خدمية أذلتنا عمرا ببؤس حالها وموظفيها، ولكن تم تأجيل تحديث العقول.. فكأن من اشترى حق إدارة المواقع الخدمية دهن واجهات العشوائيات بالبوية منافسة لوزارة المالية فى مشروعية الجباية! مثلا تم تحديث موقع شركة مياه القاهرة الكبرى برمسيس، أرضيات رخام، إضاءة، مقاعد انتظار فضية، موظفين فرحانين بالمكان والكمبيوتر والحوافز، موظفة استقبال مطقطقة، وماكينة سحب رقم انتظار.. ما شاء الله مصر تتعافى، تنمية مستدامة بعون الله.. دخلت مذبهلة، سحبت رقمى وجلست.. جلست طوييييلا مع أن الموظفات أكثر من طالبى الخدمة!! صبرت على البطء كضريبة لاستمتاعى بآدميتى فى موقع خدمة حكومية، وابتهاجا باعتذار الموظفة عن التأخير!! بدأت الخدمة فانقطع النور! فلا يزال العميل فى نظر موظف الحكومة هو زبون رخم.. ولا يزال مدير الموظفين لطيفا وابن حلال، قد يعاتب موظفيه على بطء الخدمة، لكن لا يعاقبهم على رفع الخدمة للإفطار أو للصلاة.. إنما يعاقبهم لو فهمت منه أن عقم الإدارة هو سر بطء تنفيذ خدمتك البسيطة فى التو واللحظة!! رضخت لدفع رسوم مرتفعة جدا- 70 جنيها - مقابل استخراج شهادة استهلاك مياه بياناتها تظهر فورا أمام الموظف والمدير بلمسه لأزرار الكمبيوتر، رضخت إنقاذا لما تبقى من يومى ويوم عمله، ثم عجزا والموظفة تنهى الخدمة بنفس الابتسامة «الاستلام بعد أسبوع أو عشرة أيام»!! ما علينا.. بكرت مضطرة لمكتب الشهر العقارى بمصر الجديدة، لإلغاء توكيل محام خان القسم وباعنى للخصم.. فى المدخل استقبلتنى أكوام أثاث المصلحة القديم الراقد تحت الرماد منذ فاز المبنى بشرف «النموذجي» زمان!! السلالم إلى الدور الثالث مغلفة بالأتربة ولعنات كبار السن والعجزة، وسؤال يتكرر من 20 سنة، لماذا الخدمة فى الثالث، وماكينة التصوير والأرشيف فى الأرضى، مع استمرار الإكرامية علنية فى كل الأدوار! استقبلنى رخام الصالة وكراسيها الفضية فدق قلبى توجسا، لمحت أخيرا أبوابا للحمامات المقابلة لشبابيك الخدمة وكراسى الانتظار، فطردت تشاؤمي.. لكن أرقام الحضور يسجلها موظف مخصوص بمرتب! يكتب اسمك ويوشوشك، إما تفتح مخك وتتقدم، أو تتلطع!! بإشارة من زميله ينادى السيستم سقط تعالوا بكره، يمشى البعض فيعود السيستم! طال انتظارنا ساعتين والموظفون أيضا أضعاف الجمهور!! دخلت للمديرة أشكو فلم ترانى لمشغوليتها بتخليص المستعجلين!! عدى النهار وانصرفت بسؤال، هل فرش سجادة كبيرة للصلاة بالصالة هى تعليمات وزارة المالية!؟ وتظهر الصورة الحقيقية لوزارة المالية كيهودى عجوز عصبى يا ويلك لو لمسته، فى مكتب الشهر العقارى بنادى الشمس.. موظفيها لتحصيل الموارد، لكن النظافة أو تحديث المكتب مش مشكلتها.. أكبر نادى فى الشرق الأوسط أهمل مكتب خدمات الحكومة ليصبح مستودع أوبئة، كراسيه تقمع اسفنج أحشائها «بعُهدة شلت» عامرة بمخلفات القطط والقوارض.. الكمبيوتر العتيق صامد، يستقبل ويرسل البيانات لطابعة فى حجم التلاجة، وحدود «الآلة» تنتهى على أعتاب مكتب الأرشيف والحفظ! الموقع الأخطر حافظ أصول العقود والتوكيلات، والمحظور دخوله إلا لموظف واحد حصرا لمسؤولية الفقد.. والموظف ساكن خارج القاهرة ما يقدرش يجى يوميا، والمواطن عصبى معدوم الرحمة، رافض فوت علينا بعد الويك إند يا سيد! أما موظفو الضرائب العقارية فى الأحياء، فكأنهم أهل الكهف فى جبل دفاتر «منه وإليه»، أسماؤهم منقوشة بالطباشير على مكاتب إيديال صفيح، يصطادون الضرائب وهم جلوس خلف مكاتبهم، بإيقاع الزبون فى فخ استخراج ورقة رسمية، ودون حتى إخطاره بديونه نتيجة صدور قوانين، لماذا!! لنقص الورق، وعجز 60% موظفين!! أكثر من 6 ملايين موظف إدارى فى مصر كارهين ومكروهين، هم إرهاب بختم الدولة.. لن يصمد الرخام وأبواب الحمامات لحين تقاعدهم.