«الأعلى للإعلام»: استدعاء الممثلين القانونيين لقناتي «الشمس وهي»    أسعار الذهب اليوم الأحد 25-05-2025 في الأسواق.. بكم عيار 21 الآن؟    صلاح حليمة: مصر نجحت في مواجهة التهديدات العابرة للحدود    كيليان مبابي يحصد جائزة الحذاء الذهبي 2025.. ما هو مركز محمد صلاح؟    طلب جديد من الأهلي لحل أزمة وسام أبوعلي قبل مونديال الأندية    "بعد عودته للفريق".. ماذا قدم محمود تريزيجيه خلال رحلته الاحترافية؟    الابن مات قبل الزوج والحفيد أنهى حياته.. 4 فواجع في حياة نوال الدجوي    محمد رمضان يطرح أغنيته الجديدة «لسه بدري عليه» (فيديو)    بعد تصدرها التريند.. كيف تحدثت منى زكي عن ابنتها لي لي (فيديو)    «نصيحة هامة على الصعيد المالي».. حظ برج الأسد في الأسبوع الأخير من مايو 2025    هل السجود على العمامة يبطل الصلاة؟.. الإفتاء توضح الأفضل شرعًا    بدء تشغيل العيادات الخارجية ب المستشفى الجامعي في السويس    الصحة: إنقاذ حياة مصاب بجلطتين دماغية وقلبية وبوقت قياسي بمستشفى شبين الكوم التعليمي    دمشق تتعهد لواشنطن بالمساعدة في البحث عن أمريكيين مفقودين في سوريا    حقيقة حدوث زلازل وانفجارات اليوم 25-5-2025| العالم ينتظر حدث جلل    إنتر ميلان يستعيد 3 نجوم قبل موقعة باريس في نهائي الأبطال    حماس: تعطيل إسرائيل إدخال المساعدات ل غزة سياسة ممنهجة لتجويع المدنيين    متى يبدأ صيام العشر الأوائل من ذي الحجة 2025؟ فضلها وموعدها    الرئيس السيسي يصدر قرار جمهوري بمناسبة عيد الأضحى    قبل أيام من قدومه.. لماذا سمى عيد الأضحى ب "العيد الكبير"؟    مباشر نهائي دوري السلة – الأهلي (29)-(27) الاتحاد.. ثلاثية من دولا    وزير الأوقاف في ماسبيرو لتسجيل حلقات برنامج حديث الروح في دورته الجديدة    مدبولي: حريصون على جعل مصر مركزًا إقليميًا لصناعة الحديد    المفتي: يوضح حكم التصرف في العربون قبل تسليم المبيع    دليلك لاختيار الأضحية في عيد الأضحى 2025 بطريقة صحيحة    تامر حسني وأبطال "ريستارت" يحتفلون اليوم بالعرض الخاص للفيلم    ختام الموسم.. ماذا يحدث في 10 مباريات بالدوري الإنجليزي الممتاز؟ (مُحدث)    عمر مرموش يقود تشكيل مانشستر سيتي ضد فولهام في الدوري الإنجليزي الممتاز    تشكيل ليفربول - صلاح أساسي أمام كريستال بالاس في ختام الدوري الإنجليزي    خلال المؤتمر الجماهيري الأول لحزب الجبهة الوطنية بالشرقية.. عثمان شعلان: ننطلق برسالة وطنية ومسؤولية حقيقية للمشاركة في بناء الجمهورية الجديدة    «الإسماعيلية الأزهرية» تفوز بلقب «الأفضل» في مسابقة تحدي القراءة العربي    "عاشور ": يشهد إطلاق المرحلة التنفيذية لأضخم مشروع جينوم في الشرق الأوسط    إصابه 5 أشخاص في حادث تصادم على الطريق الإقليمي بالمنوفية    النواب يوافق نهائيا على مشروع تعديل قانون مجلس الشيوخ    جدول مواعيد الصلاة في محافظات مصر غداً الاثنين 26 مايو 2025    نائب رئيس الوزراء: زيادة موازنة الصحة ل406 مليارات جنيه من 34 مليار فقط    مواصلة الجهود الأمنية لتحقيق الأمن ومواجهة كافة أشكال الخروج على القانون    5 سنوات على مقتل جورج فلوريد.. نيويورك تايمز: ترامب يرسى نهجا جديدا لخطاب العنصرية    مصر تهنيء الأردن بمناسبة الاحتفال بذكرى يوم الاستقلال    الهيئة العربية للاستثمار توقّع مذكرة تفاهم مع شركة أمريكية لدعم التحول الرقمي في الزراعة    جامعة كفر الشيخ تنظم فعاليات المسابقة الكشفية الفنية لجوّالي الجامعة    المئات يشيعون جثمان القارئ السيد سعيد بمسقط رأسه في الدقهلية    يسبب السكتة القلبية.. تناول الموز في هذه الحالة خطر على القلب    محافظ بني سويف يلتقي وفد المجلس القومي لحقوق الإنسان    محافظ المنوفية: تقييم دوري لأداء منظومة النظافة ولن نتهاون مع أي تقصير    الصحة العالمية تشيد بإطلاق مصر الدلائل الإرشادية للتدخلات الطبية البيطرية    محافظ أسيوط يتفقد مستشفى الرمد بحي شرق ويلتقي بعض المرضى    فور ظهورها.. رابط نتيجة الشهادة الإعدادية الأزهرية بالاسم ورقم الجلوس 2025 الترم الثاني    بعد افتتاح الوزير.. كل ما تريد معرفته عن مصنع بسكويت سيتي فودز بسوهاج    انتظام كنترول تصحيح الشهادتين الابتدائية والإعدادية الأزهرية بالشرقية    وزير الخارجية يتوجه لمدريد للمشاركة فى اجتماع وزارى بشأن القضية الفلسطينية    إيرادات السبت.. "المشروع x" الأول و"نجوم الساحل" في المركز الثالث    الكشف عن مبنى أثري نادر من القرن السادس الميلادي وجداريات قبطية فريدة بأسيوط    الاحتلال الإسرائيلي يقتحم عدة قرى وبلدات في محافظة رام الله والبيرة    محافظ الشرقية: 566 ألف طن قمح موردة حتى الآن    استعدادًا لعيد الأضحى.. «زراعة البحر الأحمر» تعلن توفير خراف حية بسعر 220 جنيهًا للكيلو قائم    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاحد 25-5-2025 في محافظة قنا    أول رد من «الداخلية» عن اقتحام الشرطة لمنزل بكفر الشيخ ومزاعم تلفيق قضية لأحد أفراد العائلة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عندما يكتب الأستاذ مفيد عن الأستاذ هيكل

أعرف الرجلين وجلست إليهما. الأستاذ محمد حسنين هيكل والأستاذ مفيد فوزى. وهى جلسات لو تعلمون عظيمة. عظيم أن تجلس للتاريخ، لمحاورى صانعى التاريخ الإنسانى، سياسة وثقافة وفناً.
الأستاذ هيكل إحدى الجلسات امتدت لثلاث ساعات وتكررت أكثر من مرة. كان الرجل يريد أن يسمع من جيل شاب- كما كان يقول- عن أحوال مصر قبل ثورة يناير ووقت حكم الإخوان. منصتا كان الرجل. يثبت عينيه فى عينى. بجسارة وقوة وثقة. وكان يقاطع حديثى بسؤال فى غاية الدقة. وأجيب ربما بدقة أقل. وكان يرد على أسئلتى وهو يرسل لى بنبرة صوته وعينيه بأنى على وعى بما يدور. ذكاء اجتماعى يأسر كل من يجلس إلى الأستاذ. ولا أخفى إننى كلما تكلم الأستاذ. كنت أشرد وأنظر إلى تفاصيل هذا الرجل. كل كتاب وكل سطر وكل حرف كتبه هذا الرجل قرأته. فكنت أشرد أمام رجل كان جليسا لجمال عبدالناصر وشارل ديجول وماو سى تونج وشوان لاى وخروشوف وبريجينيف ونهرو وأنديرا غاندى والخمينى ومحمد رضا بهلوى والسادات وعبدالمنعم رياض ومبارك وعبدالفتاح السيسى. وعندما تنتهى الجلسة مع الأستاذ. أشعر وأنا خارج من عنده بأننى مغلف بطقس تاريخى. مخدر إلى أن تلتهمنى زحمة القاهرة فأعود للوعى المؤلم. أما الأستاذ مفيد فوزى عندما تجلس إليه تشعر بشيء آخر تماما. هو رجل مبهر. لديه ميزان حساس (جدا) لوزن البشر. وعلى أساس وزنك يعاملك. فأنا أعشق كتابات هذا الرجل. وأعشق أسلوبه فى الكتابة. (ستايل) مختلف له بصمة وضع عليها اسم (مفيد). مدهش فى حواراته بطريقة السؤال ومضمون السؤال وكلمات السؤال. فحوارات الأستاذ مفيد ليست من نوع- شعورك إيه أو ما رأيك- سؤال فى المطلق. من يرجع للكتابين العظيمين هؤلاء حاورهم مفيد فوزى يعرف أن الحوار عند الأستاذ ليس حواراً لملء الورق. بل حوار روح وجسد وعقل. حوار مع محمود درويش وحوار مع فيروز وحوار مع كلوديا كاردلينى ويوسف إدريس ومحمود السعدنى. وكما استطاع الأستاذ هيكل أن يتلفز المقال الصحفى. استطاع الأستاذ مفيد أن يتلفز الحوار الصحفى. فكانت حواراته مع الدكتور يوسف إدريس وسناء جميل وعادل إمام تحفة فنية لا تريد أنت تنتهى وأنت تشاهده. أتذكر حواره مع الرائعة الراحلة سناء جميل وهو يقزقز اللب قاصدا ويلقيه على الأرض لأنه يعرف أن الست سناء تحب النظافة ولا تطيق أن يرمى أحد أى شيء على الأرض. أما كتابات الأستاذ مفيد الصحفية فهى عالم آخر من الكتابة. فيه فلسفة عميقة دون أن يقول عن نفسه فليسوفا. عندما يلقى بأسئلته على الورق. تجدها أسئلة فلاسفة. تحتار كقارئ أن تجيب عنها. وعندما تجلس إليه تعرف أنه يحب بجنون كل من على الترتيب حنان مفيد فوزى وشريف الحفيد وآمال العمدة ومجلة صباح الخير. عندما توليت رئاسة صباح الخير هاتفنى صباحا. مهنئا وناصحا ومرشدا. فى كل كلمة من كلماته كأنه يوصينى بحبه الكبير- مجلة صباح الخير- يغار عليها ويخاف عليها ويحنو عليها. عشق مبهر للمكان وللورق وللمعنى فى صباح الخير. الأسبوع الماضى صدر للأستاذ مفيد كتاب جديد. إبحار فى عقل وقلب محمد حسنين هيكل. هيكل الآخر. حوارات مطولة ما بين رجلين يجيدان السياسة والحياة وفن الصحافة وفن الحوار. قرأت من قبل تلك الحوارات التى امتدت لإحدى عشرة حلقة على صفحات الشقيقة الصغرى مجلة نصف الدنيا. لكن عندما تسلمت الكتاب. قرأته من جديد. كأنى أقرأ الحوار لأول مرة. لأنى أعرف أن القراءة مرة ثانية للكتاب بعد سنوات من التراكم المعرفى والثقافى تجعلك تستقبل الكتاب برؤية أخرى وروح أخرى وفكر آخر. كما أن عامل السن وعامل الزمن وعامل الأحداث والتجربة. تجعلك فى وعى أكبر وأنت تقرأ من جديد لكتاب قديم. فقد قرأت من قبل وأنا فى بداية الثلاثينيات من العمر كل كتب الأستاذ هيكل. وقرأتها مرة أخرى كاملة وأنا فى بداية الأربعينيات. وكانت القراءة مختلفة تماما فقد كان الوعى مختلفا. وخلال الأعوام الماضية بعد أن فتحت ثورة يناير (بكابورت الكتابة) جعلت كل محبى القراءة يعودون لقراءة إبداعات كٌتاب الماضى. سلامة موسى وطه حسين والعقاد وزكى نجيب محمود ونجيب محفوظ ويوسف إدريس ولويس عوض وغالى شكرى ومصطفى أمين ومحمد حسنين هيكل وأحمد بهاء الدين وموسى صبرى ومحمود السعدنى ومفيد فوزى وكامل زهيرى ورءوف توفيق وجلال أمين وإدوارد سعيد ومحمود درويش وزكريا تامر والطاهر وطار وبراترند راسل وميشال فوكو وألبير كامى وسارتر وناتالى ساروت. وتقرأ عن شارل ديجول وشوان لاى وتشرشل ونهرو وجمال عبدالناصر ومحمد أنور السادات. وتشاهد رسومات بهجت وحجازى والليثى وتسمع أم كلثوم وحليم وفيروز ونجاة وكل ألحان بليغ حمدى وكل كلمات مرسى جميل عزيز. كل اسم من هؤلاء قطعة من الذهب. الإبداع بعناية وشياكة وجمال ورشاقة وفكر وعلم. ولم يبق من كل هؤلاء سوى زكريا تامر السورى المنفى فى لندن والأستاذ مفيد فوزى والأستاذ رءوف توفيق والدكتور جلال أمين فى مصر. وعندما تمسك بكتاب الأستاذ مفيد فى حواره مع الأستاذ هيكل يعود بك الزمن للكتابة الجميلة الرشيقة الشيك الممتلئة المضمون. كتابة بها روح وثقافة ومعرفة وفن وعقل. وبها متعة. لو كان يصح. لكان يجب علينا أن نكتب على غلاف الكتاب عبارة (هنا متعة). متعة فى المقدمة والتحضير للسؤال وللسؤال وللإجابة وللتعليق على الإجابة. يعيب الكتاب، وإن كانت ميزة عند البعض، أنه كتاب صغير عدد صفحاته 140 صفحة من القطع المتوسط. وهو لمحترفى القراءة كتاب صغير. وللهواة كتاب جيد. لكن الفضول الإنسانى لمعرفة هيكل يجعلك تريد أن يمتد الكتاب لثلاثمائة صفحة من القطع الكبير. فالأستاذ هيكل كتاب كبير بمفرده. لكن الأستاذ مفيد فى كتابه هذا لم يترك شيئاً فى الرجل إلا واقتحمه وفتش فيه ووضع من روحه كلمات تحيى الحوار. فكان متكاملا لا ينقصه شيء. رحم الله الأستاذ محمد حسنين هيكل. وللأستاذ مفيد.. (أحبك).•

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.