رواية من جزأين للكاتب الروائى (محمد جبريل) أهل البحر هم أهله فى مدينة الإسكندرية التى ينتمى لها.. نجد أن مجموعة الشخصيات التى كتب عنها لا تتصل شخصية بأخرى إلا نادرا.. كل شخصية حكاية.. تجمعهم مدينة الإسكندرية. أجد أن هذه المدينة هى بطلة الرواية الحقيقية. فى الجزء الأول تسع وعشرون شخصية من الرجال وثلاث نساء. ليس مهما أن يكونوا من مواليد الإسكندرية، المهم أنهم عاشوا فيها وتأثروا بها مثل شخصية: • إسماعيل صبرى عرفناه شاعرا من دراستنا للشعر العربى ويعرفنا به الكاتب محمد جبريل أنه من تأثروا بالإسكندرية، فبعد دراسة الحقوق فى مصر وفى فرنسا وترقى فى مناصب القضاء فى مصر أصبح رئيسا لمحكمة الإسكندرية. وفى أوائل القرن العشرين اعتزل الخدمة ليتفرغ لكتابة الشعر. لقد تأثر إسماعيل صبرى بمدينة الإسكندرية وأحبها كما أثرت على حياته فى بحرى.. وفى الإسكندرية شارع باسمه.. يقول الكاتب (جبريل) إنه أحب الشارع قبل أن يحب الشاعر.. ويحدثنا عن أهمية هذا الشارع فى المدينة.. ثم يحدثنا عن الشاعر.. لقد دعا إسماعيل صبرى فى قصائده إلى عودة الدستور. ندد بحادثة دنشواى. أحب الغناء وألف أغنيات لمطربى تلك الفترة من بدايات القرن العشرين.. وأحب التوحيد فى ثلاثة. الله، المبدأ، المرأة، وأحب الحرية فى ثلاثة. حرية المرأة فى ظل زوجها. حرية الرجل تحت راية الوطن وحرية الوطن فى ظل الله.. يحدثنا الكاتب والشاعر إسماعيل صبرى عن غيبة المرأة عن المجتمع المصرى هى علة ما نكابده من جفاء فى الطبع. وجهامة فى البيت. وسآمة فى العمل وقال إذا لم تصبح المرأة فى البهو عطر المجلس وعلى الطعام زهرة المائدة وفى الاجتماع روح الحديث فهيهات أن لنا مجتمعًا مهذب وحياة طيبة وأسرة سعيدة. وأيد قاسم أمين فى دعوته لتحرير المرأة ورفض مبدأ تعدد الزوجات.. تردد إسماعيل صبرى على صالون (مى زيادة) كل يوم ثلاثاء وأحبها كغالبية المترددين على الصالون ولم يجد حرجا فى ظروف المنصب الذى تولاه ولا المجتمع ولا الطبقة التى ينتمى إليها فى أن يكتب قصائد يعلن فيها حبه لها. مثل (روحى على دور بعض الحى هائمة.. كظامى الطير رفافا على الماء.. إن لم أمتِّع بميّ ناظرى غدا.. أنكرت صبحك يا يوم الثلاثاء». • معلمة فى حلقة السمك يذكر الكاتب (محمد جبريل) من تاريخ الإسكندرية (ابتهال مني) وبالرغم من جمالها كان زوجها المعلم فى حلقة السمك يميل إلى حب (الغلمان) فكانت تخفى أنوثتها بارتداء زى الرجل ربما تثيره لكن ظل على غيه فطردته من البيت وتولت رعاية أبنائها.. مات زوجها بعد مرض لم يمهله طويلا، وأنكرت بالغضب والشتائم من اتهموها بأنها دست له السم فى طعامه.. وقالت إنه أخطأ فطردته من البيت لكن حبه ظل فى قلبها.. لذلك كانت تزوره من وقت لآخر حيث يرقد فى مقبرته وتصحب معها (شحاتة الحانوتي) وتوزع الصدقات على روح المرحوم.. وقررت الست (ابتهال) أن تتولى بنفسها مكان زوجها فى حلقة السمك بالرغم من التحذيرات ولأنها متعلمة وتحب القراءة فتحدثت مع الرافضين لعملها عن حق المرأة فى التعامل مع ملكيتها تبيع وتشترى لتكسب عيشها بما لا يخالف شرع الله.. هكذا تعلمت من الإسلام الذى أعطى للمرأة حق الخروج من بيتها لاكتساب عيشها.. قالوا لها إن حلقة السمك ليست العالم الذى تسهل فيه الحياة فهى عالم الرجال.. لكن ابتهال زاحمت الرجال فى الحلقة فى عمليات البيع والشراء.. ولم تجد حرجا فى الجلوس على المقهى تشرب الشاى وتدخل فى مناقشات.. وتوسعت تجارة المعلمة بأسطول من السيارات ينقل الصيد إلى أماكن خارج الإسكندرية وأسهمها فى شركات تجارية وبنوك.. وأدركت أن العالم خارج البيت ليس عاصفا وأنها تستطيع ركوب البحر بدون أن تخشى الأمواج.. فهل تترك كل هذا وتستجيب لشكوى أكبر أبنائها الذى تخرج فى كلية الحقوق وأن مجموعه يؤهله لوظيفة معاون نيابة لكن وقفتها فى حلقة السمك تعطل هذه الوظيفة!! وفى مقهى تلاقى معلمين السمك لم يندهشوا عندما أخبرهم شحاتة الحانوتى أنه قد تخلى عن مهنته ربما تترك له الست ابتهال التى تزوجها مكانها فى حلقة السمك وإدارة أموالها.. حذرها ابنها الأكبر من هذا الزواج وسألها هل تعتزل النجاح فى عملها للزواج من شحاتة ؟! حذرها من أن تطلق يد الرجل فى أموالها فدافعت عنه.. حدثها ابنها عن الفرق بينها وبينه فقالت أى فرق ؟!.. هو رجل وأنا امرأة وحيدة.. بعد أن يئس ابنها من مناقشتها.. قال إنه سيصدق ما قيل أن شحاتة عمل لها سحرا للمحبة ودسه لها فى ماء النرجيلة التى تدخنها فى المقهى فتزوجته!! وقد تهامست روايات فى المقهى أن شحاتة أنقذ الست ابتهال من عمل واحدة من عشيقات زوجها ربط فى ذيل سمكة قرموط وقذف به فى البحر لتنتقم المرأة من ابتهال التى دست السم فى طعام الزوج الراحل.. وحفظت ابتهال الجميل لشحاتة فتزوجته.. فهل كان الزوج بجانب ميله للغلمان له عشيقات ؟!.. حكايات كثيرة فى الإسكندرية.. •