لم يعد بإمكان من يعمل فى الشأن السياسى أن يتجاهل ما يحدث داخل التيار الناصرى بأحزابه المختلفة، فتلك الأحزاب (الكرامة ، العربى الناصرى ، الوفاق القومى ، المؤتمر الشعبى الناصري) التى اتخذت من اسم الزعيم الراحل جمال عبدالناصر منهجا لها لتسير على دربه، إلا أن ما حدث هو العكس تماما، فهذه الأحزاب صارت فى الطريق المعاكس لما بدأه ناصر، والذى كان أهم أهدافه هو تحقيق الوحدة العربية، ولكن الغريب أنه بعد وفاة (عبدالناصر) تفتت أتباعه ومحبوه من الناصريين، حتى أن الدعوات لاندماج الناصريين فى كيان واحد لم تتحقق. وظل التيار الناصرى فى مصر عالى الصوت إعلاميا، لكنه ضعيف التأثير على الأرض، إلى جانب تفككه إلى أحزاب وقوى متعددة مما جعله بعيدا عن تحقيق أى إنجاز حقيقي.. التقينا بعدد من القيادات الناصرية لنعرف أسباب تفكك الناصريين؟، وما هو مصير دعوات الاندماج ولم الشمل التى دعا إليها بعض القيادات الناصرية؟. • تفاؤل بلم الشمل القيادى العمالى والناصرى كمال أبو عيطة، يرى أن تحالف (قوى الشعب العامل) مجرد محاولة أولية للم شمل القوى الناصرية وقال (لن تقوم لنا قائمة إلا بتوحيد قوى ثورة 30 يونيو)، مضيفا أن دعوة لم الشمل التى يتبناها التيار الناصرى دعوة متفائلة، صادرة عن رغبة صادقة لتحقيق ما نادت به ثورتا 25 يناير و30 يونيو من العدالة الاجتماعية، والعيش، والحرية والكرامة الإنسانية، حيث احتوت هاتان الثورتان فى مضمونهما أهداف ومبادئ الفكر الناصرى والتى يأتى على رأسها تحقيق العدالة الاجتماعية.. وعن الأسباب التى دفعته للدعوة للم شمل الناصريين قال أبو عيطة إن تحالف الأحزاب الناصرية يعمل فى الوقت الراهن على توحيد القوى السياسية المؤمنة بثورتى 25 يناير و30 يوينو، بجانب توحيد النقابات المتشرذمة بين القوى السياسية للعمل خلال الفترة القادمة على تدشين قائمة موحدة من ثوار يناير والمؤمنين بها ضد الثورة المضادة، مؤكدا أن هناك قوى معادية للثورة تحاول إعادة الأوضاع من خلال البرلمان القادم إلى أسوأ ما كانت عليه أيام مبارك.. وأشار القيادى الناصرى إلى أن الانقسام والاقتتال بين الناصريين جريمة أضاعت قوتهم وقيمتهم، وأدت إلى تفرقهم، وأضاف نرغب فى أن نسلم التيار الناصرى للجيل المقبل من الشباب ككيان متماسك وقوى وليس مبعثرا ومفتتا، وقال فى سبيل ذلك قمت بمحاولات عديدة من أجل توحيد النقابات العمالية والفلاحية ولكنها باءت بالفشل نتيجة لمصالح البعض، مشيرا إلى أن حالة الانقسام داخل تحالف 30 يونيو تهدد البلد بأكمله، وأن هذا الانقسام والتفتت ينعكس بدوره فى سن تشريعات تعبر عن سيطرة أصحاب رأس المال وليست منحازة للفقراء. واستطرد أبوعيطة قائلا إن حزب رأس المال سيكون له الغلبة داخل البرلمان القادم، وبعده بآلاف الخطوات قد نجد من يعبر عن الاتجاهات السياسية المختلفة، وقال (شهادة أقولها أمام الله ولست مستفيدًا من شيء لأننى لن أخوض الانتخابات لكن علينا أن نحذر من سيطرة رأس المال على الحكم، حتى لا نعود لما قبل ثورة 25 يناير).. وفى سبيل ذلك قال أبو عيطة: أسعى حاليا لتوحيد القوى الأقرب إلى حيث أبناء التيار الناصري، مؤكدا أن مؤشرات تلك الدعوة لم تظهر بعد. • مواقف لا أفكار أما القيادى الناصرى الدكتور صفوت حاتم ، فيرى أن الناصريين متفرقون حول مجموعة من المواقف السياسية والاجتماعية، مؤكدا أنه لا يوجد خلاف فكري، ولكنه الخلاف حول الوضع السياسى الحالي، والتحالفات مع القوى الإسلامية. وأضاف: الناصريون بعد ثورة 25 يناير انقسموا إلى جزء يرى أنه لا ينبغى على الناصريين التحالف مع جماعات الإسلام السياسي، باعتبارهم تيارًا ساهم فى ضرب الناصريين، وكان معاديا للتجربة الناصرية، كما أنه تيار لا ينتمى لفكرة الوطنية المصرية أو القومية العربية، وليس لديهم وضوح اجتماعي، وجزء آخر وافق على التحالف والاندماج مع جماعة الإخوان، و زاد الأمر بترشح بعض الأحزاب التى تحمل الفكر الناصرى على قوائم حزب (الحرية والعدالة) فى برلمان 2011،مؤكدا أن مثل هذه المواقف أثارت جدلا واختلافا داخل التيار.. وعن ظهور العديد من الدعوات من قيادات ناصرية لجمع شمل الناصريين قال حاتم: هذه الدعوات لم تكن مثمرة، وأوضح أن التشرذم والتفكك لا يتوقف على الناصريين فقط، مضيفا: إننا لو نظرنا على الخريطة لكافة الأحزاب الليبرالية أو اليسارية لوجدناها متفرقة ومقسمة من داخلها ولا يوجد اتفاق بينها.. وعن أسباب التشرذم والتفكك يرى حاتم أن التجربة الحزبية المصرية لم تنضج بعد، لا قبل الثورة ولا بعدها، ولا منذ أن بدأت الحركة الحزبية فى مصر عام 1977،هذا الى جانب حالة من التشوه الخلقى والعضوى فى نشأة الأحزاب السياسية، فالأحزاب نشأت بشروط وقيود تم وضعها للحفاظ على قوة وسطوة الحزب الواحد وهو الحزب الحاكم. إلى جانب أن المصريين لا يهتمون بالعمل الجماعى سواء كان عملا حزبيا أو نقابيا أو عملا تطوعيا إلا بنسبة ضئيلة جدا، كما أن الأحزاب تنشأ منذ الثورة وفقا لرغبة ومصالح بعض رجال الأعمال، وفى النهاية الحزب الذى لا يوجد لديه مال يتجه لجمهوره، والجمهور لا يشارك. وعن المرشحين من التيار الناصرى قال: لا أعتقد ترشح الكثير من الناصريين لنقص الإمكانيات المادية وليس نقص الكوادر، مؤكدا أن الانتخابات لها حسابات والعمل الوطنى له حسابات أخري، هذا إلى جانب المعركة الإعلامية وهى الأشد والأشرس، فهناك رجال أعمال لديهم أحزاب وأموال وإعلام وصحف ويستطيعون شراء وعود وعقد اتفاقات فى العملية الانتخابية. • مؤامرة للتصحيح بينما يرى حامد جبر عضو الهيئة العليا لحزب الكرامة، أن الأحزاب الناصرية جزء من نسيج الشعب المصرى الذى تأثر بالأوضاع السيئة والتردى فى البلاد منذ ما يزيد على 40 عامًا، مؤكدا أن تشرذم الناصريين وتفتتهم يعود لمؤمراة قديمة تمت برعاية الدولة نفسها، وأضاف: بدأ تنفيذ تلك المؤامرة بعد وفاة الزعيم الراحل جمال عبدالناصر حيث حدث الخلاف بين النظام الجديد وبين من يعملون وفقا لتوجهات التجربة الناصرية التى كانوا جزءا منها، ولذا افتعل الرئيس السادات ما يسمى ب (ثورة التصحيح) للإطاحة برموز نظام عبدالناصر، ثم قام بهدم المعتقلات، وإبرام صلح (حديبية) جديدًا مع قيادات الإخوان بقيادة عمر التلمساني، وتم الاتفاق بينهما على ضرب الناصريين واليسار. وحول وضع التيار الناصرى فى الوقت الراهن قال عضو الهيئة العليا لحزب الكرامة: إن الأحزاب الناصرية بصفة عامة فشلت فى استكمال مسيرة الرئيس الراحل جمال عبدالناصر وذلك لعدم قدرتها على تنظيم صفوف الناصريين وتوحيد جهودهم السياسية، هذا الى جانب نقص الموارد المالية للأحزاب الناصرية، وبالتالى فشلت هذه الأحزاب فى تقديم نفسها كبديل سياسى للحكم، أو حتى كتيار قوى فى البرلمان. وعن دعوات لم شمل الناصريين قال أى محاولة للم شمل الناصريين ستبوء بالفشل ولن يكتب لها النجاح سواء قام بها جيل القيادات أو جيل الشباب لأن كلاً منهما له أزماته، ولذا علينا ان نختفى من المشهد على أن نقدم خبرتنا للشباب وندعهم يعملون، فقيادات الناصريين أغلبهم تجاوز ال 50 من عمره ، وهذه القيادات تستطيع أن تنقل تجاربها للأجيال الأخري، وقال لا أنا ولا (حمدين صباحي) ولا غيرنا نستطيع لم الشمل مرة أخرى. وعن البرلمان القادم قال: أتوقع أن نسبة من يتبنون المشروع الناصرى فى البرلمان القادم ستكون من 30٪ إلى 40٪،وسوف يشاركون بشكل مستقل. •