مشهد يتكرر ودماء تسيل على الصليب.. لم تكن حادثة كنيسة العذراء بالوراق الأولى، ولن تكون الأخيرة إذا لم يستيقظ المسئولون؟! حادثة مأساوية راح ضحيتها خمسة قتلى وعشرات المصابين جراء اعتداء من قبل مسلحين مجهولين خلال حفل زفاف بالكنيسة، فى ثوان معدودة تبدلت ضحكاتهم إلى دموع ودماء.. أطفال وأبرياء فقدوا حياتهم على يد الإرهاب الغاشم، والجميع وقف يشاهد بلا حراك، أو مساءلة أو حتى اعتراف بالمسئولية. نبهنا مرارا وتكرارا على ضرورة تأمين الكنائس خاصة بعد استهدافها وحرق أكثر من 34 كنيسة عقب فض اعتصامى رابعة والنهضة، ولكن ما استجاب أحد، وكانت هذه هى النتيجة...فمن المقصر، وعلى من تقع المسئولية، ومن يتحمل دماء الأبرياء؟! وكنوع من رد الفعل ومع تصاعد وتيرة الأحداث نظم مجموعة المواطنين وقفة احتجاجية للتنديد بأحداث كنيسة الوراق، وشارك فيها أعضاء باتحاد شباب ماسبيرو فى تنظيم الوقفة التى حملوا خلالها صورا لعدد من الضحايا ولافتات تعبر عن مطالبهم، فضلا عن ترديد هتافات مؤيدة للقوات المسلحة؛ ومنددة بجماعات الإسلام السياسى خاصة جماعة «الإخوان المسلمين». كما ردد عدد من المشاركين هتافات مناهضة لحكومة الدكتور حازم الببلاوى، وأخرى مؤيدة للفريق أول عبدالفتاح السيسى، النائب الأول لرئيس الوزراء وزير الدفاع تطالبه بالتدخل لضبط جميع رموز الإرهاب وإعادة الاستقرار للشارع المصرى.. وقام المتظاهرون بوضع العلم المصرى، ورفعوا المصحف إلى جوار الإنجيل والصليب من المسلمين والمسيحيين المشاركين فى الوقفة الاحتجاجية. ومن ناحيته طالب اتحاد شباب ماسبيرو القوى السياسية والأزهر، بأن يكون لهما دور واضح فى إدانة ما يحدث من حرق للكنائس وإشعال الفتنة الطائفية، مؤكدًا أن دور الأزهر مهم جدًا من خلال مراجعة الكتب التى تدعو لما أسماه بالتطرف والأفكار المتشددة والتى ولّدت العديد من العنف وضرورة «فلترتها» من الأفكار المسمومة التى تساهم بشكل واضح فى إشعال نار الفتنة الطائفية. ∎ أين القوى السياسية؟ قال رامى كامل - عضو اتحاد شباب ماسبيرو: على القوى السياسية والأزهر الشريف، أن يعودا لدورهما الأساسى بتواجدهما فى الشارع والبدء فى عمليات التوعية للناس، فالحقيقة أن دورهما متخاذل فى الشارع المصرى وكان يجب على جميع القوى السياسية تفعيل دورها فى الشارع المصرى بأن تقوم بتوعية المجتمع بشكل كامل. والأهم من ذلك هو التصدى للأفكار المتطرفة من خلال مراجعة كل الكتب والأفكار المدسوسة. ووجه رامى تحية شكر وتقدير للأزهر حيث إنه بدأ بالفعل يتبنى تلك الفكرة ويرحب بها، كما أن الأزهر وعدهم بأنه سيقوم باتخاذ قرار فورى لقبول هذه الفكرة وسيكثف دوره فى مراجعة هذه الكتب من خلال مجمع البحوث الإسلامية فى مصر. ويشير رامى إلى أن المؤلفات المتطرفة التى نمت وترعرعت فى مصر مثل الفكر القطبى لجماعة الإخوان المسلمين هى المسئول الأول فى جعل الإخوان بهذا الشكل. ∎ حراسة مشددة: أما القمص عبدالمسيح بسيط - أستاذ اللاهوت الدفاعى فى الكنيسة القبطية الأرثوكسية وكاهن كنيسة العذراء بمسطرد، فيقول: الحل فى ضرورة وجود حراسة شديدة على كل كنيسة، فلو لاحظنا سنجد أنهم الآن يضربون الكنائس الموجودة على الشوارع الرئيسية حتى يضربوا ويهربوا، أما الكنائس الموجودة فى الشوارع الجانبية فمن الصعب ضربها حتى لا يتعرضوا للكشف. فالطبيعى أن تضاف حراسة مدربة وفى نفس الوقت لا تسمح بوجود سيارات أمامها، وتكون أعينهم مفتوحة ومتوقعة للأحداث، إلى ضرورة أن يكونوا على دراية بكل ما يحدث حولهم. أما بالنسبة لدور وزارة الداخلية فليكن الله فى عونهم لأن عليهم عبئا رهيبا، لكن للأسف مازلنا نتعامل بسياسة رد الفعل، فجميعنا يعلم أن الإرهاب سيضرب الجيش والشرطة ومؤسسات الدولة،والكنائس، فطبيعى أن نؤمن الكنائس خاصة فى الأعياد وأيام الصلاة، فعلينا أن نتوقع الفعل لأن المخطط للعمليات يعلم جيدا أنه بعد العملية ستشتد الحراسة، فما ذنب الأبرياء الذين راحوا وفقدوا حياتهم؟! ولابد من وجود كاميرات مراقبة خارج أسوار الكنيسة، بجانب الكاميرات التى يجب أن توضع بالداخل، حتى يتصرف بسرعة إن رأى شيئا مختلفا. ويرى القمص بسيط أنه للأسف المجتمع الخارجى حتى الآن لا تصل إليه الصورة بشكل سليم وصحيح، فللأسف الإعلام المصرى مسموع محليا فقط، وليس عالميا. نفس الأمر بالنسبة للمسئولين فى الخارجية، فهم مخترقون لأن هناك أربعين سفيرا لهم ميول إخوانية يمثلون مصر فى الخارج، فهل نتوقع منهم أن يوصلوا الصورة الحقيقية للعالم الخارجى؟! ∎ إرهاب غير منظم: يقول المفكر القبطى كمال زاخر - رئيس جبهة العلمانيين الأقباط: بداية أرى أن الداخلية تقع تحت وطأة أمرين: الأمر الأول غياب المهنية، فهم لابد أن يدركوا أنهم مسئولون عن هذا الأمر ليس باعتباره دورا اجتماعيا أو سياسيا بقدر ما هو دور مهنى، فوظيفتهم الأمن. وهناك بلاد كثيرة تسمى هذه الوزارات.. وزارات الأمن الداخلى، فبالتالى فالمسمى نفسه يعبر عن محتواه ومسئوليته، وجوهر العمل به. والحل هو العودة منذ بداية تعلم الطالب فى كلية الشرطة، فعليه أن يتعلم أن وظيفته ودوره أمنى وليس سياسيا، وعلينا أن نتذكر أن ثورة يناير محركها الأساسى كان الغضب من سياسة الداخلية. أما الأمر الثانى فهو مرحلة الارتباك التى يعيشها جهاز الشرطة، واستعادة عافيتها من جديد بعد الإساءة المتعمدة إليها ومحاولة الوقيعة بينها، وبين الشارع. ويضيف المفكر كمال زاخر إن الداخلية شأنها شأن جميع مؤسسات الدولة التى حدث بها اختراق، وهذا أمر يحتاج إلى مراجعة وإعادة هيكلة، ووضع معايير جديدة. أما فيما يتعلق بتأمين الكنائس، فلابد ألا نبكى على اللبن المسكوب لكن أنا متصور أنه لابد من النظر إلى تأمين دور العبادة والمؤسسات الحيوية عن طريق وضع كاميرات مراقبة ترتبط بغرفة مركزية تتم مراقبتها بشكل دائم ومستمر حتى يستطيع المسئول مراقبة ومتابعة كل ما يحدث أمامه، ونفس الأمر بالنسبة للطرق والكبارى. والأهم من كل ذلك هو توافر الإرادة السياسية وإلا فما نفعله سيكون فقط رد فعل لحظى ناتج من البيروقراطية العتيقة التى نعانى منها. ويشير المفكرالقبطى زاخر إلى أن المشكلة ليست فى الدبابة أو المدرعة التى تحمى الكنيسة، فالعمل الإرهابى ليس عملا منظما يمكن مواجهته بشكل منظم، فحتى أمريكا لا يحدث فيها ذلك، فأين أجهزة المعلومات، وأين الخطوات الاستباقية التى تسبق حدوث أى إرهاب، فللأسف لقد أصبح الإرهاب حلقة أخيرة من المنظمين والممولين.. وهنا يأتى دور أجهزة المعلومات بدءاً من جهاز الأمن الوطنى، وجهاز المخابرات، ومراكز المعلومات التى من الممكن أن يتكاملوا مع بعضهم البعض، فدور الأمن ألا يحارطب الجريمة فقط بل دوره هو منع وقوعها من الأساس. فأنا أرى أن السبب هو إما فى وجود أجهزة معلومات تعمل وأجهزة متلقية لا تعمل، أو فى عدم وجود أجهزة معلومات لا تعمل، فالحل لا يكمن فى عدم وضع دبابة أو شرطة فقط لأن هذا لن يمنع وقوع الجريمة المباغتة، وأنا لا أريد وضع البنزين على النار لكن النقطة الأهم هو أن يمارس الأمن دوره ويكتشف الجريمة قبل وقوعها.