قليل جدا من المنتجين يتحمسون لإنتاج أفلام تنتمى لنوعية أفلام الفانتازيا ونفس الشىء ينطبق على الممثلين والحجة أن مثل هذه الأعمال نادرا ما تنجح ولذلك لا نجد منتجا يغامر بفلوسه فى مثل هذه النوعية من الأفلام إلا إذا كان معه نجم من نجوم شباك التذاكر ليسترد على الأقل فلوسه التى صرفها على إنتاج هذا العمل. بنظرة سريعة لأفلام رأفت الميهى ملك هذه النوعية من الأفلام ستجد أن أغلب أفلام الفانتازيا التى صنعها وحققت إيرادات فى شباك التذاكر كانت بطولة محمود عبدالعزيز، أما فيلمه الوحيد الذى ينتمى لنوعية الفانتازيا وأسند بطولته لعدد من الوجوه الجديدة وقتها وهم داليا البحيرى وأحمد رزق وجيهان راتب فقد حقق فشلا ذريعا، لذلك من يتحمس للمشاركة بهذه النوعية فى الوقت الحالى من الشباب يعلم جيدا أنه يغامر وقد يكون الأمر فى صالحه أو ضده لكنه فى النهاية اختار المغامرة، مهما كانت العواقب أتحدث عن فيلم «هاتولى راجل» القائم على فكرة «ماذا لو»؟ تبادلت فيه الأدوار بين الرجل والمرأة لتصبح النساء هن العنصر الذكورى فى المجتمع اللائى يسيطرن على شكل العلاقة بين الرجل والمرأة. هذا العالم تخيله ببراعة وخفة ظل المؤلف كريم فهمى، وهو أحد الأبطال الرئيسيين بالفيلم وقد اتخذ افتراضية ظهور هرمون لدى النساء يجعلهن لا يلدن سوى البنات وهذا يعنى سيطرة النساء على جميع الوظائف أما الرجل فدوره لا يتعدى دور ربة المنزل أو الرجل الذى يخشى عليه أهله من الفتيات.
∎ إذا كنت تشاهد الفيلم وتريد أن تفكر وتشعر أن به هدفا فهو يرسل رسالة للمرأة ليؤكد لها تضامنه معها وأنه ضد ما تتعرض له من المجتمع الذكورى، لذلك وضع جنس الرجال فى نفس المواقف السلبية التى تتعرض لها من الرجل سواء فى البيت أو العمل وإذا كنت تبحث عن الضحك من خلال كوميديا الموقف فالمؤكد أنك ستجد ذلك فى فيلم «هاتولى راجل».. بغض النظر عن بعض الملاحظات الموجودة فى سيناريو كريم فهمى والتى يبررها بأن فيلمه قائم على افتراضية خيالية وليس من حق أحد محاسبته على فيلم ينتمى لنوعية «الفانتازيا» إلا أن «هاتولى راجل» يعتبر أفضل الأفلام الموجودة فى موسم أفلام العيد وتستطيع القول بضمير مرتاح أنك أمام فيلم لايت كوميدى يطرح قضية فى إطار من الفانتازيا وغير مطلوب منك مقارنته بأفلام لمست مع فكرة سيطرة المرأة على الرجل لأن «هاتولى راجل» يطرح الموضوع بشكل عصرى وبمعالجة مختلفة وبعناصر شابة سواء كانوا أمام الكاميرا أو خلفها. المخرج أحمد شاكر يقدم تجربته السينمائية الأولى ويحسب له اختياره الموفق لأبطال الفيلم الستة، فأنت أمام ثلاث ثنائيات يقدم فيها المخرج شريطه السينمائى الأول تمثله إيمى غانم الزوجة المسيطرة على زمام الأمور بداية من ليلة زفافها وعلاقاتها بزوجها كريم فهمى الذى يتولى شئون البيت كربة منزل والنموذج الثانى هو لأحمد الفيشاوى الذى يعكس صورة الرجل الخام الذى يخشى عليه أهله من تغرير الفتيات به ليأخذن غرضهن منه ثم يتخلين عنه وهذا ما حدث له من المخرجة يسرا اللوزى عندما استدرجته لمنزلها ثم أنهت علاقاتها، أما النموذج الثالث فهو لشريف رمزى الذى يجسد نموذج رجل ليل يذهب لمن تدفع له من البنات إلا أنه يتوب بعد وقوعه فى حب ضابط الشرطة «ميريت» التى تضبطه متلبسا فى بيت دعارة.
∎ الملاحظ فى الفيلم أن معظم إيفيهاته معكوسة لتناسب الطرح الذى يقدمه المخرج والمؤلف وكثير من هذه الإفيهات تشعر أنك شاهدتها من قبل فى أفلامنا، فمثلا أحد المشاهد التى جمعت المخرجة يسرا اللوزى بأحمد الفيشاوى فى بيتها نراه يقول لها «أنا ولد ولود» على غرار بنت بنوت ورغم أن كلمة «ولود» لا معنى لها فى الواقع إلا أن جمهور الصالة انفجر ضاحكا من الإيفية، أيضا تعمد المؤلف محاكاة بعض المشاهد بأشهر الأفلام بشكل معكوس ليؤكد على فكرة سيطرة المرأة على المجتمع ففى ليلة زواج إيمى غانم من أحمد فهمى نراه متأبطا ذراع والدته لتسلمه لعروسته وتوصيها به خيرا وفى نفس الليلة نرى تأزم الموقف بينهما لتنفجر العروس فى وجه عريسها غاضبة من نفسها لفشلها فى ليلة دخلتها وهذا المشهد لابد أن يذكرك بفيلم «النوم فى العسل» لعادل إمام، أيضا مشهد قفز ميريت بأحد الشلالات المائية وهى تقول لشريف رمزى «بحبك» لابد أن يقفز لذهنك مشهد أحمد السقا فى فيلم «أفريكانو» مع منى زكى.
∎ «هاتولى راجل» فيلم كان من المفترض تنفيذه بثنائى واحد فقط وفقا للنسخة الأولى للسيناريو الذى عرضه المؤلف كريم فهمى على شريف رمزى ليلعب دور العنصر الرجالى بالفيلم ولأن شريف منذ بداياته لا يعنيه حكاية البطولة المطلقه فقد دفعه ذكاؤه للاتفاق مع مؤلف الفيلم بتنفيذه من خلال ثلاث ثنائيات بخلاف إصراره على تواجد أسماء كبيرة كضيوف شرف وقد تجاوز عددهم العشرة أبرزهم أحمد عز الذى ظهر بشخصيته الحقيقيه ليوضح لأحمد الفيشاوى حقيقة ما يتردد عن الفنانين وعزت أبو عوف فى دور المسئول عن مركز إعادة تأهيل الرجال ونيكول سابا فى دور زعيمة العصابة ودينا المرأة الخارجة عن القانون والتى تعتبر علاقاتها بشريف رمزى هو نقطة ضعفها الوحيدة وشيرين التى لعبت دور والدة ميريت التى أقنعتها بضرورة انفصالها عن الشاب المنحرف شريف رمزى وأحمد راتب فى دور والد أحمد الفيشاوى ورجاء الجداوى رئيس المباحث التى تشعر بالأسف والحزن بعد أن أخبرها شريف رمزى بأنه تاب عن ممارسة الرذيلة، وكريم محمود عبدالعزيز فى دور صديق البطل وريهام أمين التى دخلت فى علاقة غرامية سريعة فى نهاية الفيلم مع أحمد الفيشاوى كدليل على تخلصه من صفة الخجل وبغض النظر عن وجودهم بالفيلم كمجاملة لأبطاله ولموزع الفيلم محمد حسن رمزى إلا أن تواجدهم أضاف للفيلم فنيا وتجاريا خاصة أن أدوارهم كانت لها ضرورة درامية باستثناء تواجد سمير غانم فى نهاية الفيلم كعنصر مبهج.. جميع أبطال الفيلم لابد أن تشعر بوهج فى أدائهم خاصة أحمد الفيشاوى وشريف رمزى ويسرا اللوزى وإيمى غانم ومن الأسماء التى لابد أن تستوقفك المخرج محمد شاكر خضير فى أولى تجاربه السينمائية حيث أدار بحرفية 6 أبطال رئيسيين بخلاف الأسماء الكبيرة من نجوم ضيوف الشرف فى عمل فنى ينتمى لنوعية الفانتازيا، وهذا يؤكد تمكنه من أدواته كمخرج، وأيضا ميريت ابنة الفنانة شيرين أثبتت أنها ليست مجرد وجه جميل وموهبتها فقط هى التى ستضعها فى مكان متميز خاصة أنها حريصة على اختيار ما تقدمه وليست فى حاجة لقبول أدوار لا تضيف لها، ويحسب لها إصرارها على أداء مشاهد الأكشن بنفسها فهى بالفيلم الوجه النسائى لأحمد السقا.. أيضا كريم فهمى، فهو من الوجوه الجديدة التى لابد أن تستوقفك بأدائه غير المفتعل لشخصية الزوج الذى يقوم بدور ربة المنزل وهو بالمناسبة شقيق المؤلف والممثل أحمد فهمى، وأخيرا أريد توجيه تحية لمنتج الفيلم حسين ماهر الذى غامر بفلوسه لإنتاج تجربة سينمائية مختلفة بنجوم شباب فى الوقت الذى تنصل فيه كبار المنتجين من مساندة السينما وتركوا السينمات تضىء أنوارها لأفلام البلطجة والراقصات والمطربين الشعبيين، وسلموا على الفن يامنتجى مصر.