رفعت الأقلام.. وجفت الصحف.. وتطايرت الوعود، وقبل أن يحلم المصريون بفجر جديد.. استيقظوا على حقيقة مرة.. رئيسهم المنتخب الذى اختاروه.. واختاروا معه العالم الذى وعدهم به، خذلهم ودمر ذلك العالم الذى يستحقونه بعد قيامهم بالثورة التى أتت به رئيسا. وكأن العهد أصبح أسهل شىء فى هذا الزمان.. فلك منى يا رئيسى المنتخب هذا الكلام: وعدتنى بالأمان.. فأصبح الخوف رفيقى، وعدتنى بمستقبل مشرق لأبنائى.. فتمنيت ألا أنجبهم فى عصرك، وعدتنى بحرية قلمى.. فقصفته وكبلت أفكارى، عاهدتنى على احترام دولتى.. فأهنت قضاتى، رسمت لى جنة على أرضى.. فلا الجنة رأيتها جنة، وحتى الأرض لم تعد أرضى. تعتبر إنجازات ال100 يوم من أول الوعود التى حنث بها الرئيس مرسى، فبعد أن تعهد بالقضاء على مشكلات الأمن، النظافة، أزمة المرور، قلة الوقود، وارتفاع أسعاره، وتوفير رغيف الخبز، فوجئنا بعد مرور أول مائة يوم من الحكم عدم تحسن شىء خاص بهذه القضايا، والأسوأ من ذلك هو عدم الاعتراف بالخطأ. فقد وجدنا المتحدث باسم الرئاسة يخرج علينا معلنا أن الخمس قضايا كانت مطروحة للتدخل السريع والوصول فيها لمستوى مرض، لكن هناك عقبات بلا شك ولا خلاف على ذلك كما تحققت بعض النجاحات فى هذه القضايا. وصرح أحمد زكى عابدين، وزير التنمية المحلية أنه بنهاية المائة يوم ستكون الحكومة قد توصلت إلى «برنامج عمل»، كما قال مصطفى حسين كامل، وزير الدولة لشئون البيئة: أننا لا نستطيع حل جميع الملفات الخمسة فى 100 يوم. ناهيك عن التملصات من الوعود.. وآخرها خطبة الرئيس مرسى فى استاد القاهرة، وزعمه تحقيق حلول القضايا الخمس بنسب تعجب منها الكبير والصغير، حتى ظن الجميع أننا نحن المخطئون وأن الشعب كله لايفهم، ولا يحس.. ما هو طبعا الرئيس ما بيكذبش، واحنا اللى أكلنا الجبنة. ∎ القضاء خط أحمر ومن أهم وأخطر تعهد مرسى قبل أن يصبح رئيسا للجمهورية أنه سيحفظ سيادة القانون ويعمل على تطبيقه على الجميع، وأولهم هو فالجميع سواسية أمام القانون، وسيكون ذلك عن طريق احترام القضاء وضمان استقلاليته والعمل على تنفيذ أحكامه. لكن أول ما فعله بعد امتلاكه السلطة إصداره قرارا بإعادة مجلس الشعب الذى قضت المحكمة الدستورية العليا بحله، ثم عاد فيه بعد غضب الشعب وأقال النائب العام فى المرة الأولى وتراجع فيه بعد غضب القضاة، ثم أصدر إعلانا دستوريا جديدا حصن فيه قراراته، ومنع الطعن فى انعقاد مجلس الشورى والجمعية التأسيسية، وأقال النائب العام وعين آخر بالرغم من أن ذلك لا يعد من سلطاته. ثم فوجئنا بمحاصرة المحكمة الدستورية العليا يوم إعلان الحكم فى بطلان التأسيسية، وعدم تمكين القضاة من الدخول، وسب وقذف قضاة مصر الأجلاء على مسمع ومرأى من الجميع، وللأسف لم يتخذ أى إجراء لحمايتها أو لحماية قضاتها، بجانب السماح بوضع مادة فى الدستور خاصة بالمحكمة الدستورية العليا للإطاحة بالمستشارة تهانى الجبالى بسبب نقدها للإخوان. والأسوأ من ذلك هو تقسيم قضاة مصر، وشق صفوفهم مما يؤدى إلى انهيار السلطة القضائية التى هى عماد الدولة. ∎ قصف الأقلام قبل الحكم تعهد الرئيس مرسى بحرية الإعلام وعدم قصف أى قلم أو منع رأى أو غلق قناة أو صحيفة.. والحق يقال أنه بعد الحكم لم يخل بوعده، ولم يقصف أى قلم.. المفاجأة بعض الأقلام قصفت بمفردها!. ففوجئنا بوقف قناة «الفراعين» وقناة «دريم»، وتمت إقالة رئيس تحرير جريدة الجمهورية جمال عبد الرحيم دون إجراء تحقيق معه، ولا ننسى التحقيق مع الإعلامى محمود سعد بتهمة إهانة الرئيس والحكم عليه بغرامة خمسة آلاف بسبب استضافته للدكتورة منال عمر، ومؤخرا التحقيق مع خالد صلاح رئيس تحرير اليوم السابع، والمحررة علا الشافعى بعد أن رفعت عليهما قضية سب وقذف للرئيس. فضلا عن إحالة فريق العمل ببرنامج ''نهارك سعيد'' على قناة النايل لايف إلى الشئون القانونية باتحاد الإذاعة والتليفزيون، وزعم وزير الإعلام أن ذلك بسبب إهانة ضيف البرنامج للرئيس وللجيش، ومحاولة مصادرة صحيفة الدستور، ومحاولة حبس رئيس تحريرها إسلام عفيفى. حتى جاءت الطامة الكبرى بمادة الصحفيين فى الدستور، والتى لغت نص (الصحافة سلطة رابعة) وفتحت الباب لقضايا اتهام الصحفيين، ولم تحظرها، وذلك كوسيلة لإرهاب الصحفيين وقصف قلمهم أمام أى كلمة حق يحتمها عليهم الضمير الصحفى. ∎ احترام القانون أخطر شىء يهدد كيان أى دولة هو عدم احترام قوانينها، وهذا ما فعله الرئيس المنتخب، فبعد أن طالب الشعب أن يثور ضده إذا لم يحترم الدستور والقانون على حد قوله (إن الشعب صاحى وواعى وعارف أن الذى لم يحترم الدستور والقانون سيثور ضده، وأنا عاوز الشعب يثور ضدى إذا لم أحترم الدستور والقانون). ولم يكذب الرئيس فقد أصدر إعلانا دستوريا جديدا مخالفا للقانون، وحجته أنه فعل ذلك من أجل حماية ثورة 52 يناير ومن أجل محاربة الفاسدين. والأمر ذاته عندما وعد القوى الثورية قبل جولة الإعادة فى الانتخابات الرئاسية بإعادة تشكيل الجمعية التأسيسية لوضع الدستور بما يضمن تمثيل جميع الفئات، لكنه حنث بوعده. وبالرغم من أنه رأى انسحابات متتالية من القوى المدنية والأقباط والعمال والنقابات اعتراضا على ما يحدث فيها، لم يتحرك وأصر على استكمال الدستور واستفتى عليه. فضلا عن استخدامه سلطة التشريع، وإصداره القوانين والقرارات بدون الرجوع لمستشاريه ونائبه، وعندما ثار الشعب نقل التشريع لمجلس الشورى الذى يضم فى غالبيته تيارا إخوانيا وسلفيا. ∎ أهل الذمة قبل أن يتولى الرئيس مرسى الحكم تعهد أن يكون رئيسا لكل المصريين، فلا فرق بين مسلم أو مسيحى كلهم مواطنون فى وطن واحد.. متساوون فى الحقوق والواجبات لكن للأسف لم يصدق الكلام، فبمجرد أن تولى الرئيس زمام الأمور شعر الأقباط بالوحدة، لدرجة لجوء بعضهم للهجرة..لم يعودوا يشعرون أنهم فى بلدهم. فبدء من مضايقات بعض الجماعات المتشددة لهم، ومحاولة تهجيرهم من بيوتهم.. وبطء تعامل الرئاسة مع الموقف.. إلى إهمالهم فى الجمعية التأسيسية، وعدم الأخذ برأيهم حتى فى مواد الدستور التى تخصهم. ومن قبلهم عدم اهتمامه بحضور حفل تنصيب البابا تواضروس الثانى. وقبل كل ذلك عدم تعيين غير قبطى واحد فى مؤسسة الرئاسة، استقال بعدها اعتراضا على وضع الأقباط فى الجمعية التأسيسية. ∎ مصابو الثورة الثورة التى أتت بمرسى رئيسا.. ودفع ثمنها شباب ضحوا بحياتهم، وأعضائهم تعهد لأمهاتهم الشهداء والمصابين ومن فقدوا عيونهم أن تكون هناك إعادة محاكمة جادة بأدلة اتهام من السلطة التنفيذية التى أرأسها.. وأكد أنه لن ينام لن أنام حتى يقتص لدماء الشهداء. لكن للأسف بعد أن أصبح رئيسا لم يحدث شىء، وبعد سنة عندما ثار الناس شكل لجنة تقصى الحقائق فى وطلب إلى النائب العام إعادة عرض القضيتين الخاصتين بالرئيس السابق محمد حسنى مبارك ووزير الداخلية الأسبق حبيب العادلى ومساعديه على محكمة جنايات القاهرة، وذلك بالرغم من تأكيد فقهاء دستوريين ومنهم الدكتور يحيى الجمل أن وعد الرئيس بإعادة المحاكمة ليس له أى صحة قانونية، حيث أن الأحكام الصادرة ضد المتهمين صادرة عن محكمة الجنايات ولا يمكن النظر فيها مرة أخرى إلا بقانون جديد يتيح ذلك. ∎ التأمين أما بالنسبة لموضوع التأمين فقد تعهد الرئيس فى أحد البرامج التليفزيونية أثناء الإعلان عن برنامجه الانتخابى أنه لن يفعل مثل سائر الرؤساء ويمشى بكتيبة حرس، كما تعهد بأن يصلى الجمعة فى كل أسبوع فى حى عشوائى وسيذهب بدون حراسة. وبعد الرئاسة اتبع إجراءات أمنية مشددة أثارت غضب المواطنين، وأصبح لا يسير فى مكان إلا ومعه حراسة خاصة، ناهيك عن الملابس الواقية من الرصاص. وأكثر شىء أثار حفيظة الناس هو صلاته بمسجد السيدة زينب ومسجد أبو بكر الصديق بمساكن شيراتون بمصر الجديدة وهو يصلى تحت حراسة مكثفة وهو يخطب وصفان جالسن بظهورهم له. ∎ الضمان الاجتماعى وعد الرئيس جميع الناس بزيادة معاش الضمان الاجتماعى ومضاعفة المستفيدين منه من 5,1 الى 3 ملايين مواطن وإسقاط الضرائب كلية عن مليون ونصف مليون أسرة، لكن الذى حدث على أرض الواقع هو زيادة المعاشات فقط من 200إلى 300 جنيه.∎