أثار إعلان الرئيس مرسى الدستورى غضباً جامحاً فى المجتمع بين مختلف طبقاته، أعقبتها العديد من الاستقالات من مستشاريه ومن الجمعية التأسيسية وأثارت تصاعد حدة الاشتباكات بميدان التحرير وبناء قوات الأمن المركزى لجدار خرسانى أغضب القوى الوطنية والتى أكدت على رفضها للتعامل القمعى لوزاة الداخلية مع المتظاهرين. ودعت القوى الوطنية (الجمعية الوطنية للتغيير وحركة المصرى الحر وحركة كفاية وحزب المصريين الأحرار وحزب الدستور والتيار الشعبى وحزب الوفد والتحالف الشعبى والمصرى الديمقراطى وحركة 6 أبريل وغد الثورة وعدد آخر من الأحزاب والحركات الثورية) إلى استمرار المظاهرات والاحتجاجات فى جميع أنحاء مصر، واستمرار النضال بمختلف الأشكال من أجل إسقاط الإعلان الدستورى الأخير الذى أصدره مرسى والدفاع عن حق المصريين فى الحرية والكرامة والعدالة وإسقاط اللجنة التأسيسية لوضع الدستور، إقالة وزير الداخلية وإعادة هيكلة الداخلية. وقرر عدد من القوى الوطنية وممثلى القوى السياسية تشكيل جبهة إنقاذ وطنى. ورفضت القوى السياسية الحوار والتفاوض مع رئيس الجمهورية قبل إسقاط الإعلان الدستورى، وأكدت على دعمها للحشد الثورى فى ميادين مصر والاعتصام السياسى السلمى الذى تقوده الجماهير ودعم القضاة ورجال القانون والدفاع عن استقلال السلطة القضائية. كما دعوا إلى مليونية حاشدة الثلاثاء والجمعة المقبلة بمسيرات حاشدة إلى ميدان التحرير من أجل الدعوة لإسقاط الإعلان الدستورى وأكد حمدين صباحى المرشح السابق لرئاسة الجمهورية أنه لا حوار مع الرئاسة إلا بعد سحب الإعلان الدستورى، مؤكدا أن القوى المدنية لن تقبل أن تضيع أبسط معانى الديمقراطية من أجل إعلان دستورى يرسخ لدولة الاستبداد تحت مسمى القصاص للشهداء، وعارض بشدة عدد كبير من قادة التيار الإسلامى، فالدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح القيادى السابق البارز فى جماعة الإخوان المسلمين ورئيس حزب مصر القوية أكد أنه يرفض كل ما جاء بالإعلان الدستورى باستثناء قرار إقالة النائب العام وإعادة المحاكمات مؤكدا ضرورة إعلاء المصلحة العامة فى كل المواقف، مشددا على أهمية التنسيق مع جميع القوى الوطنية ووضع مبادرة للخروج من الأزمة. الدكتور محمد حبيب القيادى السابق بجماعة الإخوان المسلمين انتقد بشدة قرارات مرسى وأكد أنه أخذها دون الرجوع للقوى السياسية والوطنية الموجودة، وهو ما أحدث انقساماً فى المجتمع نظرا لعدم دستوريتها وقانونيتها، فهو يضع نفسه فوق القانون والدستور ويحصن قراراته، وأضاف إن قرارات مرسى أدت إلى إحداث شروخ عميقة مع قوى ثورية وقفت داعمة له فى لحظة حرجة وفارقة، كما أدت إلى توحد قوى المعارضة، واصطفافها فى خندق واحد ضده. الشاعر فاروق جويدة قرر الاستقالة من منصبه كمستشار لرئيس الجمهورية اعتراضا على إصدار الإعلان الدستورى دون عرضه على الهيئة الاستشارية، مؤكدا أنه لن يرضى أن يكون مشاركا فى حالة الانقسام التى تمر بها مصر فى الفترة الحالية. وهو نفس الوضع بالنسبة لسمير مرقص مساعد الرئيس لشئون التحول الديمقراطى المستقيل، والذى وصف القرارات بأنها معوقة لعملية التحول الديمقراطى وأنه لا بديل عن الاعتصام حتى التراجع عنها، فتحصين قرارات الرئيس بأثر رجعى.. مسألة غير مقبولة..وقد أعلن الدكتور سليم العوا مستشار الرئيس استقالته اعتراضا على الإعلان الدستورى وأعلن الدكتور عبدالغفار شكر، نائب رئيس المجلس القومى لحقوق الإنسان، عن تقدمه باستقالته من منصبه، وذلك لعدم اتخاذ المجلس أى موقف تجاه الإعلان الدستورى الذى أصدره الرئيس مرسى، رغم ما فيه انتهاكات واضحة لحقوق الإنسان. الدكتور حسن نافعة أستاذ العلوم السياسية أكد أن ميدان التحرير هو الملجأ الوحيد حاليا وأن نفس الأجواء تذكره بأجواء ثورة 52 يناير وأن مواد الإعلان الدستورى تصنع ديكتاتورا وأن الهدف الأساسى للإعلان الرئاسى هو تمكين الجمعية التأسيسية بتشكيلها الحالى بعد الانسحابات الأخيرة منها، من كتابة دستور على مقاس الجماعة التى ينتمى إليها الرئيس، وأكد أن الرئيس مرسى قسم المجتمع ولم يستطع أن يكون رئيسا لكل المصريين وأن الوضع الحالى جعل الجميع ضد مرسى وقراراته وساوى فى ذلك بين من دعم الثورة عن حق وبين ما كان ينتمى للنظام السابق فالصورة مشوشة. من جانبها رفضت حركة مينا دانيال وكل أسرته الإعلان الدستورى وابتزازهم بالمعاش الاستثنائى للشهداء، أو إعادة محاكمة قتلة الثوار، وأكدوا أنهم مستمرون فى الاعتصام فى ميدان التحرير. وأدان الحزب الاشتراكى المصرى سياسة القمع التى تنتهجها قوات الأمن وعمليات البلطجة التى تمارسها جماعة «الإخوان المسلمين» وأنها لن ترهب القوى الثورية ولن توقف مسيرتها من أجل تحقيق أهداف ثورة 52 يناير، فالشعب المصرى الذى ناضل طويلاً وقدم أغلى التضحيات من أجل التخلص من فساد واستبداد نظام مبارك لن يقبل أن ينتهى الأمر بفرض نظام أشد استبداداً ورجعيةً وعداءً لمصالح الجماهير الشعبية وأعلن حزب المصريين الأحرار تأييده ومساندته الكاملة لقضاة مصر ولجميع هيئات السلطة القضائية فى مواجهة الاعتداء السافر على استقلال القضاء وانقلاب رئيس الجمهورية على دولة القانون والشرعية الدستورية. وأكد أحمد سعيد رئيس الحزب أنه يجب الضغط بكل الوسائل من أجل إسقاط الإعلان الدستورى الباطل الذى أعطى لرئيس الدولة سلطة عزل القضاة وإهدار حق مجلس الدولة فى إبطال قراراته وحق المحكمة الدستورية العليا الأصيل فى الرقابة ومراجعة القوانين. وأوضح أن الحزب قرر الاعتصام مع بقية القوى الوطنية بميدان التحرير حتى إسقاط الإعلان الدستورى. وقال إن قرارات الرئيس محمد مرسى هى انقلاب على الشرعية وعلى الديمقراطية. ودعا كل الأحزاب والتيارات الوطنية الديمقراطية فى مصر أن يكون الشعب والقضاء يداً واحدة فى مواجهة الهجمة الفاشية الجديدة التى تسعى لوضع رئيس الدولة وجماعته فوق كل السلطات. الدكتور رفعت السعيد أكد أن قرارات الرئيس مرسى هى ترسيخ للحكم الديكتاتورى يصاحبه حكم متأسلم جائر، فهذا الحكم بلاء وهناك جرائم ترتكب فى بلاد عدة مثل السودان وإيران باسمها. ودعا شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب للانسحاب من التأسيسية والانضمام لصفوف القوى الوطنية.. وطالب السعيد بانسحاب باقى أعضاء التأسيسية المحسوبين على القوى المدنية، سواء من الأعضاء الحاليين أو الاحتياطيين، مؤكدا أنه آن الأوان لاتخاذ موقف واضح غير مهادن ورفض قاطع للقرارات بالتصعيد والعصيان والإضراب وحول القوى المدنية ومدى قوتها ووقوفها ضد القوى الإسلامية أضاف السعيد: إن الثورة نفسها قامت على أكتاف القوى المدنية وغير صحيح بالمرة أن الإسلاميين هم من قاموا بالثورة وأنهم قد يظهرون فى صورة حشود لأنهم أكثر تنظيما لكن لاتزال القوى المدنية موجودة ومصرة على استكمال الثورة وأن الميدان لن يخلو وأنه سيمثل قوة ضاغطة خلال الأيام القليلة القادمة ولا بديل إلا بطلان الإعلان الدستورى. مؤكدا أنه قد انسحب حتى الآن 62 عضوا من الجمعية التأسيسية لوضع الدستور أى 25 ٪ من إجمالى عددها، فالتأسيسية فى مأزق حقيقى ويجب الضغط لإسقاطها.∎