كتب - يوسف منير عندما كشفت المصادر الدبلوماسية أن الولاياتالمتحدةالأمريكية تخلت عن جهودها لتجميد المستوطنات الإسرائيلية لم يكن البعض يعرف هل عليه أن يضحك أم يبكي.فكانت العلاقات الأمريكية الإسرائيلية في أول عامين لإدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما كارثية بينما الاستفادة من الأخطاء السابقة ستجعل العامين القادمين ذات أهمية كبري. فالفشل في التجميد لا يتعلق بالمستوطنات فقط ولكنه أيضا هو يعد اختباراً للالتزام الأمريكي بالوساطة غير المتحيزة فضلا عن القضايا الرئيسية والتي من بينها عودة اللاجئين الفلسطينيين والقدس وهي القضايا التي لا تقل صعوبة عن المستوطنات وربما تفوقها.ولكن النجاح في تحقيق التجميد كان من شأنه توضيح قدرة الولاياتالمتحدةالأمريكية في فرض التزامات علي كافة الأطراف. وهو ما لم يحدث علي أرض الواقع وبدلا من ذلك فخلال فترة التجميد المؤقت والتي دامت لعشرة أشهر كانت عملية بناء المستوطنات الإسرائيلية لا تزال متواصلة ولم يتم تجميد سوي بناء المنازل الجديدة بينما تزايد بناء المستوطنات حول القدس. وعندما بدأت عملية أوسلو للسلام وهي العملية القائمة علي مبدأ الحل القائم علي دولتين فكان هناك 200.000 من سكان المستوطنات في الأراضي الفلسطينية.وعلي مدار السنوات الماضية تدعي إسرائيل دائما أنها تسعي للسلام بينما تزيد من عدد المستوطنات ووصل عدد سكان المستوطنات اليوم لأكثر من 500.000 مستوطن وفقا لمكتب المركزي الإسرائيلي للإحصاءات.ولا يمكن لأي قائد فلسطيني التفاوض مع إسرائيل بينما تستمر الأخيرة في بناء المستوطنات علي الأراضي الفلسطينية. وباءت استراتيجية الولاياتالمتحدةالأمريكية بالفشل عندما توقعت قيام الإسرائيليين بتنفيذ الأوامر لتجميد المستوطنات وما لم تدركه إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما أن إسرائيل لن تغير من سلوكها دون حافز.وفي الوقت الذي بات هذا فيه واضحا جليا قدمت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون عرضاً يصل إلي الرشوة. وبشكل عام فإن الحافز لمحاولة تصحيح التصرفات السيئة في المجتمع الدولي مثل التوسع في بناء المستوطنات علي الرغم من الالتزام بخارطة الطريق والقانون الدولي يكون بسياسة العصا وليس الجزرة،ولكن الصفقة التي قدمت لإسرائيل والتي تشمل حصول إسرائيل علي طائرات متقدمة من طراز طائرات 35F التي تصل تكلفتها إلي مليارات من الدولارات في مقابل 90 يوما من التجميد فكل هذا بسياسة الجزرة وليس العصا. ولكن كل هذه السياسات لم تفلح وواصل الإسرائيليون التوسع في بناء المستوطنات والتصريحات الاستفزازية بشأن المستوطنات حول القدس والتي كانت تبدد أي أمل نحو تجميد المستوطنات.وهو ما ساهم في توصيل رسالة إلي الفلسطينيين مفادها أن الولاياتالمتحدةالأمريكية عاجزة عن القيام بدور الوسيط غير المتحيز.فأمريكا لم تضع أي فرصة لمكافأة السلوك الإسرائيلي الخاطئ وإسرائيل لم تفت أي فرصة دون الضغط علي حليفتها. فينبغي علي إدارة الرئيس أوباما عدم توقع انصياع إلاسرائيليين لأي أوامر دون ممارسة أي ضغوط وقد يكون هذا الضغط اقتصاديا أو دبلوماسياً ويكون ضغطاً حقيقياً وملموساً. إذا لم تستطع واشنطن فرض قوتها أو إرادتها للضغط علي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بشأن المستوطنات هل يمكن لأي شخص الاعتقاد بأن أمريكا ستمارس الضغط علي الإسرائيليين لقبول صفقة بشأن القضايا الرئيسية العالقة بالطبع فهذا من غير المحتمل. ولم يكمن الخطأ الأكبر الذي ارتكبته الولاياتالمتحدةالأمريكية في العامين المنصرمين في مشكلة المستوطنات فحسب ولكن من فشلها في استخدام نفوذها لمنع إلاسرائيليين من وقف بناء المستوطنات. هل تعلمت واشنطن الدرس؟ ربما فحمل مطلع الشهر الحالي الإجابة عندما ألقت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون بخطاب بمعهد بروكنجز الأمريكي، وأعربت خلاله عن خيبة آمالها تجاه عملية السلام .ولم تشر إلي أي تغير في موقف السياسة الأمريكية وكان مفاد رسالة كلينتون في إيجاز أن الولاياتالمتحدةالأمريكية ستواصل ما قامت به وسط أمال بتحقيق نتائج أفضل. وفي الوقت الذي يطوق العالم شوقا للاستماع إلي التغير في اتجاه السياسة الأمريكية لا نجد سوي تكرار أمريكا التزامها باتباع السياسات نفسها التي اتسمت بالفشل في الماضي وهو ما دفع الأرجنتين وبوليفيا والبرازيل مؤخرا للاعتراف بالدولة الفلسطينية.فإذا لم يتغير نهج الولاياتالمتحدة في التعامل مع الانتهاكات الإسرائيلية، لن يتعامل أحد مع الإدارة الأمريكية علي محمل الجد لا الإسرائيليين، ولا الفلسطينيين بالطبع، ولا المجتمع الدولي، ومن ثم لن يستطيع أحد إلقاء اللوم عليهم.فمن يستطيع أن يلقي باللوم عليهم؟ نقلا عن لوس أنجلوس تايمز المدير التنفيذي للمركز الفلسطيني بواشنطن ترجمة : مي فهيم