هذه الجملة التي جاءت في شدو «أم كلثوم» مصر التي في خاطري وفي دمي أحبها من كل روحي ودمي»!! في عصر الزهو الوطني وصحوة شعب مصر في أوائل الخمسينيات من القرن الماضي. مصر التي كانت في خاطر أم كلثوم، هي مصر التي في خاطر كل وطني اليوم، إلا عدد كبير جداً من المصريين، لم تعد مصر في خاطرهم أو في «حلمهم» أصبحنا اليوم شتاتاًً من المصريين!! لم تعد «مصر» في خاطرهم، نتنازع ونتصارخ حينما نتناقش أو نتحاور، ونسمي ذلك بالحوار أو الرأي والرأي الآخر وأصبح كل فريق من الشتات يتربص بالآخر، ولا نعلم ما خفي تحت ثيابه، أهو سكين قاطع أم سلاح قاذف، أم نية خبيثة لنشر الشائعات والاتهامات جذافاً وسوق السمع رائج في مصر ولا شيء يشغل بال الكثيرين اليوم إلا أن يسأل أحدهم الآخر، هل سمعت عن فلان أو علان؟ هل قرأت ماذا كتب (عدنان أو حزنان) كل سواء!! الكل ينتقد ويشيع ما يراه وما لا يراه وكل حسب هواه!! ولا تدقيق في المعلومات ولا أهمية أساساً فيما يقال (الكذب منه والحقيقي)، ولا يهم أحداً أن يصدق ما يقال أو يكذبه!! فنحن جميعاً نعيش في سوق (عكاظ) حيث لا يفهم أحد!! ولا هو مطلوب أن نفهم!! كل هذا يهدم صورة (مصر) التي كانت في خاطر أم كلثوم وخاطري، وخاطر قليل من المصريين!! (مصر) التي تجمعنا مواطنين علي أرضها ونحتمي بالرزق فيها ونتقاسم الحياة بهنائها ومرها في أرجائها، تحتاج منا جميعاً أن نهدأ وأن نعي وأن نعي وأن نعمل جميعاً من أجل رفعة هذا المجتمع، مطلوب من المصريين أن ينبذوا الأحقاد وأن يتخلوا عن مساوئ سلوك البشر والأنانية، وترك الحرام، ونبذ الفساد، والبعد عن مكامن الشبهات، مطلوب من المصريين إدارة وشعباً أن يتقوا الله فيما رزقهم وفيما حباهم من نعمات، مطلوب من المصريين أن نستقوي بأدياننا (إسلام ومسيحية ) وأن نتبع قول رسول الله صلي عليه وسلم، بأننا أمة متحابة تسعي للخير وتنشر السلام وتقضي علي الجهل والمرض والفقر، بالتعاون والتكافل بين أغنيائنا وفقرائنا». ومطلوب الإخلاص في أدائنا لأعمالنا، مطلوب أن نضع في اعتبارنا أن العمر قصير جداً وأن الحياة بكل ما فيها من لهو ومن متع هي زائلة والباقي هي تلك الأعمال الصالحة والصدقة الجارية والولد الصالح.. لسنا مؤبدين في الأرض ولسنا بخالدين فيها إلا بالذكري الطيبة، هذه هي أرض (مصر) التي في خاطري وفي خاطر كل مخلص من مواطنيها، لذا أمامنا جهاد عظيم، جهادنا مع أنفسنا لكي نعمل علي أن تكون (مصر) ليست عالة علي أمة أخري، بمعونات أو منح، ولا يمكن أن نطلب الحسنة ونحن أسياد!! فلسنا بأتراك الزمن الغابر القائلين «أعطني حسنة وأنا سيدك» !!