لا أدري بالضبط ما الأسباب والدوافع التي تدعو البعض وتدفعهم لأن يتلفظوا بالألفاظ الخارجة علي شاشاتنا التليفزيونية؟ ما الذي يحاولون تحقيقه من وراء هذا؟ هل يعتقدون أن دمهم سيكون أكثر " خفة"؟ أم أنهم يعتقدون أن هذه هي لغة الجمهور وأنه لا يفهم غيرها؟ كلا التفسيرين من وجهة نظري يحتوي علي " قلة أدب" إن جاز هذا التعبير في وصف ممارسات البعض. أعرف أن هناك صراعاً بين مقدمي البرامج علي ما يسمي بالتواصل ، وأن أسهم أي مقدم أو مقدمة برامج تزيد قيمتها بزيادة درجة التواصل مع الجمهور.. وأفهم أن بعض مقدمي البرامج مستعدون للتضحية بكل أوراق التوت التي يحتفظ بها الإنسان العاقل من أجل التواصل مع الجمهور.. ولكن من قال إن أقصر طريق للتواصل ، وأنجح طريقة للوصول للجمهور هو هذا الهجوم غير المتحضر علي تقاليدنا؟ وهذا التهتك والتنطع؟ ما هذه الخلاعة التي أصابت البعض منا؟ ألم يتصور هؤلاء أن بين مشاهديهم ولو واحد في المائة أناساً متحضرين ومحترمين؟ ألم يتصور هؤلاء أن من بين مشاهديهم من تؤذيه هذه النكات البايخة والألفاظ المسيئة؟ إن كانوا يعرفون فتلك مصيبة ، كما يقول الشاعر العربي، وإن كانوا لا يعرفون فتلك مصيبة أشد وأعظم . دعوني أقلها بصراحة ، ليس كل من «هب ودب» يصلح لأن نفتح له شاشاتنا، أو نعطيه المساحات علي جرائدنا.. كثير من إعلاميينا في حاجة إلي " تأديب وتأهيل وإصلاح".. الشهرة مطلوبة ، ولكن الخبرة والدراسة والتأهيل والتدريب أكثر أهمية.. الوسامة مطلوبة، ولكن التعليم والثقافة واللباقة والذوق أكثر أهمية. وليس معقولاً أن ننفق الملايين علي المعدات والتجهيزات والديكورات ، ولا ننفق جزءاً منها علي تدريب مقدمي البرامج وعلي صقل أدائهم .. " الطبخة الإعلامية تحتاج إلي قليل من الملح وإلا فسدت" ، وهذا القليل الذي يستخسره البعض في قنواتنا هو سبب تردي كثير من البرامج ، وتدهور الذوق العام في بلادنا. منذ سنوات ، قامت إحدي مقدمات برامج التوك شو المسائية بقراءة رسالة وصلتها علي جهاز التليفون الخاص بها ، وكانت هذه الرسالة مسيئة للقناة وللشركة التي تمثلها .. وبررت المذيعة ما قامت به بأنها كانت تقرأ رسالة وصلتها .. وناقل الكفر ليس بكافر .. ساعتها قيل لها : ولو وصلتك رسالة خارجة ونكتة بذيئة علي تليفونك هل كنت ستقومين بقراءتها للجمهور علي الهواء ؟! الإجابة كانت ساعتها بالنفي .. غير أنه في أيامنا هذه الإجابة نعم .. وكلكم تعرفون الأمثلة !!!