لفت انتباهي في دائرة مصر القديمة أن اثنين من مرشحي الوطني علي مقعد الفئات في الدائرة يضعان لافتة واحدة لدعمهما معا: "انتخب تيسير مطر رمز الهلال.. ومحمد عبد العال رمز الجمل".. والمفترض أن الاثنين يتنافسان علي مقعد واحد! وقد جرت العادة منذ انتخابات 1984، أن يحصل مرشح الوطني الفئات علي رمز الهلال، ومرشح الحزب العمال علي رمز الجمل، وبالتالي تعرف جماهير الحزب، والمؤمنون بأفكاره أن رموز الحزب التي تنتخبها علي الدوام هي الهلال والجمل، لكن السؤال المطروح في عدد غير قليل من الدوائر وليست مصر القديمة فقط: من سينتخب ابن الوطني من بين مرشحيه المتعددين؟ لا أخفي اندهاشي حتي الآن من ظاهرة تعدد الترشيحات التي توسع فيها الحزب الوطني في نحو ستين بالمائة من الدوائر، وبالمناسبة لجأ إليها الحزب في انتخابات الشوري قبل عدة أشهر لكن بشكل محدود وفي عدد قليل من الدوائر، كما اعترف أيضا بعدم قناعتي بكل ما قيل من تبريرات وشرح لهذه الظاهرة الفريدة. صحيح أنني انتقدتها ولا أستوعبها، لكن لندع الحكم عليها إلي ما بعد الانتخابات.. وبالمناسبة التقييم لا يكون بالنتيجة العامة للانتخابات فقط، ففي تقديري المتواضع أن الوطني سيحقق أغلبية مريحة، ليس فقط لأنه الحزب السياسي الأكبر، وإنما لأنه لا توجد في مصر أحزاب حقيقية فاعلة. وأعتقد أنه يجب الوضع في الاعتبار عدة عناصر مهمة عند تقييم تجربة الدوائر المفتوحة، منها شكل العلاقة بين المرشحين المنتمين لحزب واحد في حالة تنافسهما، وتأثير هذا التنافس في كل دائرة علي صورة الحزب لدي الجماهير.. كما يجب أن يشمل التقييم أيضا تأثير هذا التنافس داخل الحزب الواحد علي فرص المرشحين المنافسين سواء كانوا ينتمون لأحزاب أخري أو من مستقلي الحزب الوطني الذين مارسوا هوايتهم في الترشيح خارج الأطر الحزبية. وحتي يأتي وقت التقييم أعتقد انه علي الحزب الوطني بذل جهد مضاعف لشرح ظاهرة تعدد الترشيحات، ليس فقط لكوادره في مختلف المحافظات، وإنما للجماهير التي تعاني من حالة لخبطة، وتسأل سؤالا طبيعيا: أي هؤلاء المرشحين في دائرة واحدة هو مرشح الوطني الأصلي؟.. وأيهما الاحتياطي؟.. وهل الحزب يدعم جميع مرشحيه المتنافسين؟.. وكيف سيدعمهم؟ وهنا سؤال قاعدي آخر: اعتدنا في كل انتخابات نيابية عقد مؤتمرات جماهيرية تحضرها القيادات المركزية للحزب لمساندة المرشحين.. فهل ستعقد هذه المؤتمرات.. أم ستلغي في الدوائر المفتوحة؟.. وهل ستذهب قيادة الحزب لكل مرشح علي حدة؟.. أم ستجمع المرشحين المتنافسين علي منصة واحدة؟