هل من السليم أن نسعد، كمسلمين، بخبر يعلن أن شقيقة زوجة توني بلير رئيس الوزراء البريطاني الأسبق قد أسلمت؟ أم أن علينا أن نتعامل معه باعتباره خبراً طريفاً.. نقرؤه علي سبيل التسلية وينتهي الأمر؟ لقد اتسع نطاق نشر الخبر في جميع أرجاء العالم، ليس لأهمية ذاتية في السيدة التي أسلمت.. ولكن لأن (لورين بوث) لديها علاقة مصاهرة بشخصية مشهورة.. لولا هذا ما انشغل بها أي شخص.. وربما كان سبب زيادة الاهتمام هو أن لورين ذات الملامح الجميلة قد أعلنت عن إسلامها انطلاقا من زيارة إلي قبر (فاطمة المعصومة).. وهي لمن لا يعلم ابنة الإمام موسي بن جعفر.. وتحظي بقداسة بين الشيعة.. ويذهب الناس إلي مرقدها حيث يهتفون: يا فاطمة اشفعي لنا. لا أظنه نصرا للإسلام، كما أنه لا يمثل انتقاصاً للمسيحية.. بغض النظر عن أن السيدة التي أسلمت قد حدثت العالم عن أنها قد بلغت مقصدها الروحي الجديد بدءًا من تضامنها مع النشطاء في غزة.. ومثل هذه النوعية من الناس موجودة في أوروبا.. لكنهم ليسوا سوي متمردين.. مقتنعين بجدوي تمردهم أو يمارسون الاختلاف وحب الظهور عبر الاختلاف.. ولابد أنه يحق لنا أن نفترض أن العشرات قد أسلموا في ذات اليوم.. كما تنصر غيرهم.. بدون أن ندري عنهم شيئا. المحجبة الجديدة، التي قالت بعض تعليقات المسلمين علي الإنترنت إنها لابد أن تكون قدوة لمن لم تتحجب من السيدات المسلمات، تعمل في قناة إيرانية.. اسمها (دي بريس).. ولا يجوز لي أن أربط بين وظيفتها وبين إسلامها الشيعي.. فالله أعلم بعبيده وبما في نفوسهم وما يؤمنون به وما هي دوافعهم.. لكنني لا أعتقد أن لورين قد تميزت عن غيرها من المسلمات اللواتي لم يتحجبن.. ولا ينبغي ابتزازهن بهذه الكلمات التي تطالبهن بالاقتداء بالإنجليزية القادمة من المعسكر المسيحي. تصرفت لورين انطلاقا من مواقف شخصية، هي حرة، غير أن هذا التوسع الإخباري قد يكون مبررا لكثير من المتطرفين في العالم الغربي لكي يتحسسوا مسدساتهم مجددًا.. بشأن انتشار الإسلام في أوروبا.. خاصة أن الكثيرين يعتبرونه تحدياً خطيراً للأمن القومي لعديد من الدول.. كل علي حدة.. وكل الدول سويا.. ولا يجب أن ننسي أن بعض تفسيرات اغتيال الأميرة الراحلة ديانا - مواطنة لورين - لها علاقة بأنها قد تكون قد حملت من شاب مسلم هو ابن الملياردير المصري محمد الفايد. ومن جانب آخر، فإن هذا الاحتفاء.. الذي أعتقد أنه مدفوع بدعاية إيرانية شيعية، يعطي دون أن ندري الشرعية لعمليات التبشير.. المسيحية.. ولا أعتقد أنه سوف يمر وقت طويل قبل أن ترد مؤسسة دينية ما بأن هناك مسلماً علي قدر من الشهرة المساوية للأخت لورين قد تحول عن دينه.. ويحظي الخبر ببعض التوسع العالمي. انتصارنا الحقيقي كمسلمين، وهو انتصار بعيد علي أي حال، لن يتحقق من خلال أسلمة كل من عاش في العالم الغربي وآمن بالمسيحية، وجاء للإسلام، انتصارنا سوف يكون من خلال تقدمنا.. وإيماننا بروح العصر.. والانطلاق نحو العلم.. وتقديم النموذج الحضاري الموازي.. الذي يعترف بالآخر.. ويجسد التقدم.. وأولي بنا أن ننشغل بالإسهام الذي نقدمه للحضارة البشرية.. ويسجل في تاريخ الإنسانية.. لأن إسلام الأخت لورين لن يكون له ذكر في التاريخ.. ونتمني أن تحافظ علي دينها الجديد.. ولا تفاجئنا بخبر آخر بعد فترة من الوقت لمزيد من اجتذاب الانتباه.. وقد يكون الخبر هو التحول عن الدين الذي ذهبت إليه.. حسب نوع القناة التي تعمل بها. من واجبي أن أحترم عقيدة لورين أيا ما كانت.. مسلمة أو مسيحية.. سنية أو شيعية.. كما أنه علينا جميعا أن نقبل بهذه القاعدة للجميع.. في كل مكان.. وألا نعتقد أن التوسع الدعوي أو التبشيري.. سوف يحقق فوزاً لدين علي آخر.. الأديان الحالية لن تنتهي بزيادة عدد هؤلاء وأولئك.. كما أنها لن تقهر بعضها بانتقال البعض من هنا إلي هناك. أقول هذا وأنا أتوقع أن بعض خطباء المساجد في مصر وغيرها سوف يتناولون الخبر بصورة أو أخري في خطبهم اليوم الجمعة.. ولعلهم يتحسبون ويتعاملون مع الأمر بقدر من الرفق.. لورين ليست انتصاراً لنا ولا هزيمة لهم. الموقع الالكتروني : www.abkamal.net البريد الالكتروني : [email protected]