يظل مهرجان قرطاج السينمائي الدولي، هو المهرجان العربي الوحيد، القادر علي استقطاب وحشد مئات من الجمهور في تونس أمام قاعات السينما، وكأن إقامته -كل عامين- هي بمثابة عيد للسينما في تونس وأفريقيا والعالم. وتتزامن إقامة الدورة الثالثة والعشرين من مهرجان قرطاج السينمائي الدولي -والذي تقام فاعلياته حاليا من 23 إلي 31 أكتوبر الجاري- مع إعلان الرئيس زين العابدين بن علي -رئيس الجمهورية التونسية- ليكون عام 2010 للسينما التونسية، وهو ما أدي لأن تكون هناك مشاركة سينمائية مضاعفة من سينمات العالم أفريقيا والوطن العربي وأمريكا الجنوبية والشمالية وأوروبا علي خلاف دوراته السابقة، فقد وصل عدد الأفلام المعروضة والمشاركة لأكثر من 250 فيلما، ما بين الروائي الطويل والقصير والوثائقي. وبمناسبة عام السينما التونسية، أقيم علي هامش المهرجان ندوة خاصة تحت عنوان «المرأة في السينما العربية.. الصورة والدور»، وقد طرح فيه مخرجون وسينمائيون من تونس ومصر والمغرب، دور سينما المرأة، خاصة في ظل وجود التباس حول ماهية سينما المرأة، وهل المقصود بها السينما التي تناقش وتطرح قضايا المرأة، أم السينما التي أنجزتها مخرجات؟ وقد شارك فيها مخرجات مثل عطيات الأبنودي وفيولا شفيق من مصر، وديما الجندي من لبنان، وياسمين قصاري من المغرب، وفريد بوغدير من تونس، والذين اتفقوا علي أنه لا يوجد شيء اسمه سينما المرأة وسينما الرجل، لأن كليهما يكملان بعضهما بعضا، وحكايات كل منهم لا تنفصل عن الآخر. والمهرجان الذي تترأسه المنتجة والسينمائية درة بوشوشة، احتفي في دورته الحالية بإطلالة جديدة علي سينما العالم، خاصة السينما الأفريقية، حيث يعرض ما يقرب من 39 فيلما من قسم «سينماءات العالم» وفيه تكون معظم الأفلام المعروضة ممن شاركت في الكثير من مهرجانات السينما في العالم، وحصد العديد من الجوائز من بينها الفيلم الأمريكي You Will Meet A tall Dark Stranger You وهو أحدث أفلام المخرج العالمي الشهير وودي ألن، وفيلمان للمخرج الإيراني عباس كياروستاني الأول هو «شرين» إنتاج عام 2008، وفيلم نسخة طبق الأصل وهو آخر أفلامه السينمائية والذي تقوم ببطولته جوليان منوش وجون كلود كاريار، والفيلم الفرنسي «نسيت أقولك» الذي قام ببطولته عمر الشريف، وإخراج لوران فيناس ريمون، وفيلم «رجال وآلهة» إخراج إكزافي بوفوا. ومن بين السينمات التي احتفي بها المهرجان في دورته الحالية، السينما المكسيكية، حيث عرض ما يقرب من 14 فيلما من أحدث إنتاجاتها، ومعظمها حاصل علي جوائز كثيرة من مهرجانات سينمائية في العالم، بينما عرض عشرة أفلام روائية طويلة في قسم سينما خاصة، من أهم الأفلام التي عرضت الفيلم الأمريكي الفلسطيني «ميرال» والذي كتبت السيناريو والحوار له الإعلامية الإيطالية ذات الأصل الفلسطيني «رولا جبريل» وأخرجه جوليان شنابال وفيلم «هليوبوليس» إخراج أحمد عبدالله، والفيلم الجزائري الفرنسي «خارجون عن القانون» والذي سبق أن عرض في المسابقة الرسمية في الدورة الماضية من مهرجان كان السينمائي الدولي، وكتبه وأخرجه رشيد بوشارب. وتبدو مصر حاضرة بشكل جذاب ومميز في المهرجان، حيث يعرض اليوم الجمعة فيلم «رسائل البحر» للمخرج داود عبدالسيد، في قاعة سينما الكوليزيه -السادسة مساءً- بينما لاقي عرض فيلم «ميكروفون» للمخرج الشاب أحمد عبدالله، استحسان عدد كبير من ضيوف المهرجان، علي الأخص الجمهور التونسي، والذي ملأ قاعات السينما في العرضين اللذين أقيما للفيلم.. وكذلك الحال لباقي الأفلام المصرية التي تعرض خارج المسابقة الرسمية مثل «خلطة فوزية» إخراج مجدي أحمد علي، و«واحد صفر» إخراج كاملة أبوذكري. المعروف أن مهرجان قرطاج السينمائي الدولية تأسس عام 1966 علي يد السينمائي التونسي الطارة شريعة الذي يكرمه المهرجان هذا العام، بهدف النهوض بسينما الجنوب في العالم خاصة السينما الأفريقية.