لم أتمني شيئاً في حياتي كما أتمني أن أري شوارع بلادي (مصر) ومثل شوارع المدن الأمريكية وبعض الأوروبية ، حركة مرور سائلة دون توقف ، تكدس بالسيارات من كل الألوان والأطياف والماركات، وسلاسة بالغة في حركة السير، دون أيه تدخلات بشرية. نعم دون أيه تدخلات من شرطة مرور أوضباط مباحث أو كونستبلات. تجولت في رحلتي الأخيرة مابين بعض المدن الإيطالية ، ثم مدن في أمريكا مثل "لوس أنجلوس" و"لاس فيجاس" و"أطلانطا (جورجيا)" وواشنطن (د.سي)" (العاصمة) الأمريكية، كل هذه المدن لم تر عيني شرطياً ينظم حركة المرور، ولم أر حتي سيارة شرطة في مكان ما، تتابع حركة السير، ولم أشاهد رادارات، واضحة للعين ترصد الخارجين عن آداب المرور، كل ما أراه هو انضباط كامل من الناس ومن قائدي السيارات بإشارات المرور، وكأنها سياج مفروض علي الحركة، حتي المشاة لا يتحركون بين الطرق إلا بإشارة خضراء بعلامة كف اليد، تسمح لهم بالعبور، وأمام ذلك توقف كامل لسيل من السيارات أمام رجل أو سيدة قررت العبور علي أي من الطرق المفتوحة،كل هذا الاحترام للشارع في أمريكا وأوربا، يعود لسلوك تعلمه الطفل في المدرسة ما قبل المراحل الإبتدائية ، وتعمق في أصول وأداب وحسن سلوك الشارع في المراحل التالية من التعليم الإبتدائي ، حتي أنني سألت عن ضابط أو رجل الشرطة فقيل أن الكاميرات المعلقة بجانب إشارات المرور والتي تنقل الحركة إلي مراكز مراقبة (غير مركزية)، تنقل بالتالي المخالفة والتي هي في العادة دون قصد من السائق، إلي حساب قائم في المحليات، لكي تبلغ لقائد السيارة في نفس اليوم وربما قبل أن يعود إلي منزله بأن قيمة المخالفة تعدت (الخمسمائة دولار)لبعض الأخطاء والأمر بالحضور في بعض المخالفات أمام قاضي المرور، في القضاء المستعجل لا يتعدي علي مرور المخالفة 48ساعة، لكي ربما يأخذ المخالف حكماً بالحبس لمدة شهر أو ثلاثة، أو العمل في الخدمة العامة لمده تتراوح بين أسبوع وثلاثة شهور. هكذا يكون الاحترام للقانون (الذي وضعه المجتمع لحماية نفسه وحماية أملاكة وحماية أرواح أعضائه). ولعل أيضاً ما يثير الاستغراب في بلادنا، أننا كمجتمع يعمل علي إصدار تشريعات وقوانين وكلها قابلة لأن تنظم الحياة خاصة في الشارع المصري، ولكن المشكلة الرئيسية هي عدم احترام هذه القوانين وهذه التشريعات من القائمين علي تطبيقها وتنفيذها، فسنجد أن أول المركبات المخالفة للقواعد تحمل لافتات حكومية، أو شرطية، وسنجد أيضاً أن رجل المرور في الشارع قد فقد دوره وفقد حماسه لتطبيق القانون، لأنه يعلم تماماً بأن من ينظم لهم المرور لا يحترموه ولديهم آليات سحب المخالفات بل وإلغاء القضايا المرتبطة بمخالفاتهم وبالتالي أصبح الحال علي ما هو عليه الآن ، لا قانون ولا احترام ولا انضباط في الشارع المصري للأسف!!