ماذا تبقي لنا من أكتوبر 1973 ومن انتصارات اكتوبر الخالدة؟ ماذا تبقي لنا من إسطورة العمل الوطني المتكامل والمتناغم والمحترف؟ ماذا تبقي لنا من نماذج الكفاح الشريفة والمشرفة، ومن قيم التضحية والفداء العظيمة؟ ماذا تبقي لنا من صور الصمود والتحدي وقهر اليأس والتمسك بالأمل حتي وإن بدا مستحيلاً أو وهماً؟ ماذا تبقي لنا من تلاحم وتمازج قوي الشعب، ووقوفها علي قلب رجل واحد من أجل تحقيق المهمة ومن أجل تحرير الوطن؟ ماذا تبقي لنا من هذه اللحظة العبقرية التي توحد فيها العرب جميعاً وتوحدت فيها الهمم كلها؟ أسئلة لابد من الإجابة عنها عند الاحتفال بهذا الحدث العظيم.. إننا في حاجة لمعرفة ماذا تبقي لنا من هذه الأشياء حتي نستطيع أن نحدد أولويات العمل الوطني في المرحلة الحاضرة، وفي المراحل التالية.. نحتاج إلي أن نعرف هل نستطيع أن ندمج جميع القوي ونحفزها للقيام بعمل وطني متكامل من أجل هذا الوطن في لحظته الراهنة.. نريد أن نعرف هل لدينا قدرة علي استلهام "روح اكتوبر" وعلي تقمص دور البطولة في أروع صورها حتي نحقق أهدافنا الراهنة... نريد أن نعرف نقطة البداية في العمل الوطني الجاد... ماذا تبقي من أكتوبر 1973؟ سؤال لابد من الإجابة عنه قبل الإقدام علي أي مشروعات مستقبلية.. لقد كان اكتوبر 1973 هو اللحظة العبقرية التي ظهرت فيها كل خصائص الشعب المصري مجتمعة في آن واحد.. يمكنك أن تأخذ هذه اللحظة وتحللها لتري فيها "الجينوم" المصري، وتري فيها "الخريطة الجينية" للشعب المصري، وتري من خلالها نتائج ال DNA للمجتمع المصري.. لذلك فإن أي لحظة تالية لها لابد من القياس مقارنة بها.. هي إذاً نقطة الالتقاء وموضع المقارنة دائماً.. فماذا تبقي لنا من هذه اللحظة العبقرية؟.. هل نبتعد عنها بأميال كثيرة، أم أن الأمر لا يتعدي فراسخ معدودات؟ سؤال آخر، متصل ومنفصل في الوقت ذاته، ألا يمكن استنهاض الهمة المصرية والحمية الوطنية إلا عند وجود تحديات خارجية؟ في الخمسينيات تحدينا العالم كله وبنينا السد العالي "قلنا هنبني وادينا بنينا السد العالي"، في السبعينيات تحدينا اليأس الداخلي والقوي العظمي خارجياً وانتصرنا في معركة أكتوبر.. والآن.. ولدينا القيادة السياسية الطموحة والرشيدة ، ولدينا كل الظروف المواتية للعمل الوطني الجاد، وكل الأجواء المهيئة لكي نبني ونعمر ونصل إلي المكانة التي تليق بتاريخنا وبإمكانياتنا.. وسط هذا كله لا توجد روح التحدي التي تجعلنا نتبني المشروع القومي الكبير لنهضة مصر.. هل نحتاج إلي تحدٍ خارجي أكبر من المنافسة الدولية لكي نستعيد روح أكتوبر؟ ولماذا لا يكون التحدي في هذه المرة نابعاً من رغبتنا الحقيقية في الإنجاز وفي تحقيق ما نصبو إليه؟ لا شك أننا أقدر علي هذا وأجدر به لو صدقت النوايا وصحت العزائم.. كل عام وأنتم بخير..