التصوير الفوتوغرافي رسالة، ولغة بصرية وحسية، فن جمع بين الفنون كلها، وهو من أكثر الفنون بساطة، مما يجعله قريبًا من عقلية ومشاعر الكثيرين، وهو ما جعل الفنانة مي حواس تستخدمه كوسيلة فنية لتقديم تصوراتها فيما قدمته، من خلال معرضها الذي افتتح الثلاثاء الماضي بقاعة "إكسترا" بالزمالك، عرضت فيه 30 صورة فوتوغرافية، سجلت بعدستها ما يمر أمامنا بلمحة أو لحظة، ونراه ثم يختفي، ولا يمكننا استعادتها مرة أخري. "أثيريات" أو جوهر الشيء ومضمونه، هو عنوان المعرض الذي اختارته مي حواس موضوعاً لتصويرها الفوتوغرافي، متناولة رقصة التنورة الصوفية الشعبية، التي نبعت من فلسفة روحانية، وعبرت عن حوار الحركة ودوران الراقص علي إيقاعات الموسيقي، فقد أبهرتها الحركة الدائرية السريعة المختلفة والمتنوعة للراقص، وحركة وتداخل وانسجام الألوان، واندماج الزخارف الهندسية الموجودة في زي الراقص، وتدفق الزخارف والألوان مع الموسيقي والإيقاع لإحداث إيقاع جمالي جديد. استطاعت الفنانة أن تقدم رؤية فوتوغرافية، جمعت بين الحقيقي والغيبي في آن واحد، ورصدت بلغة شاعرة، وتحدثت بعدستها، سجلت حركة راقصي التنورة وبقيت الحركة مستمرة ومتواجدة رغم أنها أصبحت لقطة في صورة، تحققت فيها قيمة الحركة الغائبة، ما يؤكد مدي تركيز الفنانة الذهنية والوجدانية والبصرية في التقاط المضمون. التقطت الفنانة الجمال من الزوايا المختلفة، يصعب معها تحديد موقع عدساتها، مما أضفي علي الموضوع جمالاً وحققت في أعمالها الكثير من الأنظمة الفكرية للقطاتها، منها النظام البنائي المعماري والهندسي للحركة الخاطفة، والتوازن في اللقطة، وهذا تحقق في لقطة لراقص التنورة، وهو يؤدي حركة عنيفة وسريعة، الصور بعضها لراقص واحد، بأكثر من لقطة للحركة، والبعض الآخر لجموعة راقصين، متناولة حركتهم الجماعية، وما تخلفه من اندماج ضوئي. اهتمت الفنانة في فوتوغرافياتها بعنصر التكوين وعلاقته بالضوء، ومصادر الظل والنور، مما أضفي علي أعمالها الجو الدرامي، عن طريق اختيارها للحظة بصرية تندمج فيها الألوان، لتجعلنا نراها بلون آخر، هذا النظام في الرؤية الضوئية في أعمالها فاق تصوراتنا البصرية المعتادة، وطبقت فيه الفنانة المعني الحقيقي للتصوير الفوتوغرافي كما كتب باللغة اليونانية، وهو الرسم بالضوء.. الفنانة مي حواس مهندسة معمارية وحاصلة علي ماجستير في العمارة، وتعد الآن رسالة دكتوراه في فلسة العمارة، وتمارس الكتابة النثرية، ولها ديوان من قصائد النثر بعنوان: "لمحات من نور"، واشتركت في عدة معارض جماعية للتصوير الفوتوغرافي، كما عقدت ندوات عديده منها: ندوات عن الاستشراق والعمارة الإسلامية.