تحت عنوان "التحرش بدل الحوار" كتب الأستاذ سلامة أحمد سلامة في الشروق الأربعاء عن حالة التحرش اللفظي والجدل الذي لا يفضي إلي نتيجة بديلا عن الحوار، الذي تعيشه الحياة العامة في مصر. وضرب الأستاذ سلامة ثلاثة أمثلة علي تلك الحالة هي علي ترتيبه: الضجة التي أثارها حديث الأستاذ محمد حسنين هيكل حول وفاة الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، وأزمة صورة الرئيس التي نشرتها الأهرام، والتراشق السياسي المصاحب لمسلسل الجماعة. ويقول الأستاذ سلامة: "يكفي أن يقول أحدهم كلمة أو عبارة تُنتزع من سياقها لتثير زوبعة هائلة تفجر سيولا من الغضب والاتهامات التي تنتهي في كثير من الأحيان إلي النيابة العامة والمحاكم. كما حدث عندما روي هيكل بعض الملابسات التي أحاطت بوفاة الزعيم الراحل عبدالناصر، والشائعات التي ترددت حول الرئيس السادات". وحسب الأستاذ سلامة فقد حسم هيكل الشكوك بشأن اغتيال عبدالناصر ونفي أي دور للسادات، ويري الأستاذ سلامة أن هذه القصة كان يمكن أن تمر مرور الكرام ضمن كثير من التفاصيل التي يرويها هيكل في حلقاته، دون أن تهب هذه الأعاصير من جانب بعض "الأقارب وكذابي الزفة والباحثين عن أسباب للشعبطة في أذيال هيكل". وأعتقد أن الأستاذ سلامة استخدم بناء محكما لمقاله، للوصول إلي الفكرة الحاكمة للمقال وهي حالة التحرش بدلا من الحوار التي يعشيها المجتمع، وهنا يأتي دور قادة المجتمع ومفكريه وكتابه وصحفييه الكبار بحجم هيكل، المطلوب منهم التدقيق فيما يقولون ويكتبون حتي لا يساهموا في شيوع وازدهار التحرش الكلامي في مصر. وإذا عدنا لما قاله الأستاذ هيكل في برنامجه بقناة الجزيرة نلاحظ علي الفور أنه رغم نفيه تورط الرئيس الراحل أنور السادات في وفاة الرئيس عبد الناصر، لكنه استبق هذا النفي بإزاحة الستار عن قنبلة من العيار الثقيل بقوله " قبل ثلاثة أيام من وفاة عبدالناصر كان هناك حوار بين عبدالناصر والرئيس الفلسطيني ياسر عرفات في جناح الزعيم المصري بفندق النيل هيلتون، واحتدم الحوار بينهما وتسبب في ضيق لعبد الناصر، لاحظ السادات انفعال عبد الناصر فقال له: ياريس انت محتاج فنجان قهوة وأنا ح أعمله لك بإيدي" وبالفعل دخل السادات المطبخ المرفق بالجناح وعمل فنجان القهوة، لكنه أخرج محمد داود وهو رجل نوبي وكان مسئولاً عن مطبخ الرئيس عبد الناصر، أخرجه السادات من المطبخ وعمل فنجان القهوة وجابه بنفسه وشربه عبد الناصر، وقيل إن السادات دس السم له في هذه الأثناء(....). ورغم قول هيكل بعد ذلك إنه لا يصدق هذه الواقعة، لكن لا أتصور أن صحفيا كبيرا مثل الأستاذ سلامة يغفل عن تحليل ما قاله هيكل، والتلميحات التي أتي بها، والحديث عن كلام مرسل، ومنحه مساحة كبيرة من الكلام، ثم يعود إلي نفيه.. في نفس الوقت الذي لم يذكر فيه هيكل من صاحب هذه الرواية.. ومتي قيلت.. وفي أي سياق.. ولماذا صمت طيلة أربعين عاما عن ذكرها.. ولماذا لم يذكرها في حياة أصحابها؟ أتفق مع الأستاذ سلامة في أننا نعيش حالة من التحرش اللفظي في البلد، لكن ما قاله هيكل يغذي مثل هذه الحالة، كما يغذيها أيضا دفاع الأستاذ سلامة الذي يبدو أنه يأتي من منطلق علاقة شخصية قديمة بين الاثنين.. وعلاقة عمل وشراكة في الشروق.