انتشرت في الآونة الاخيرة ظاهرة "دعاة العامية " وهم دعاة ظهروا مؤخراً علي شاشات الفضائيات ليخاطبوا الجمهور باللغة العامية اعتقاداً منهم بسرعة وصولهم إلي الناس ليحققوا بذلك انتشاراً أوسع.. الغريب أن دعاة المساجد استخدموا نفس الأسلوب وساهموا في انتشار اللغة العامية واختفاء العربية الفصحي والتحلل من قواعد نطقها السليم ، وهو ما دعا أعضاء مجمع اللغة العربية إلي شن هجوم علي دعاة العامية خاصة فوق المنابر ، الأمر الذي لم تنكره وزارة الأوقاف، كما قام المتخصصون بعرض أسبابه في سياق التحقيق التالي. أكد محمود حافظ رئيس مجمع اللغة العربية أن المجمع أول من طالب هؤلاء الدعاة وغيرهم من القائمين علي وسائل الاعلام وممن لهم اختلاط بالجمهور أن يحافظوا علي لغتهم الأم وهي العربية الفصحي منعاً لانقراضها حيث تم إرسال مخاطبات إلي وزارات الاعلام والاوقاف لانها تعتبر الوزارات الأكثر اختلاطا بالجمهور وتعمل علي توجيه الرأي العام فالمذيع يعتبر قدوة في خطابه كذلك فالخطيب أو الأمام هوالشخص الذي يتبعه الناس ويقتدون به ويعملون بما يقوله عن ثقه ودون نقاش لذلك فيجب استغلاله لنشر اللغة العربية الفصحي. وقال: لكثرة العامية بين الدعاة علي المنابر تمت مخاطبة الاوقاف اكثر من مرة إلا أن تلك الخطابات لم تفعل حتي الآن حيث ما زال هناك الكثير من الدعاة يخاطبون الناس بالعامية، وهوما يساعد علي انتشار اللغة العامية وإنحدارها إلي أدني مستوياتها بما يجعلها خطرا ينشره المتآمرون علي لغة القرآن. بينما اوضح د. حسين الشافعي عضوالمجمع والاستاذ بكلية دار العلوم انه تمت مطالبة وزارة الاوقاف ووزارة التربية والتعليم أكثر من مرة بضرورة اتباع اللغة العربية من جانب موظفيها وضرورة وجود نظام مراقبة وعقاب من يخالف ذلك نظراً لأهمية اللغة العربية الفصحي وضرورة اتباعها ونشرها بين الاطفال في المدارس ثم بين الناس في المساجد لانهما افضل الأماكن لتدعيم اللغة العربية ، مؤكدا أنه إذا لم تلتزم الجهات المعنية بذلك فإنه سيتم اللجوء للقضاء للمطالبة باتباع اللغة العربية ومعاقبة من يخالف ذلك وهو ما ينص عليه القانون حيث اعطي مجلس الشعب في السنوات الاخيرة سلطة لمجمع اللغة العربية بإلزام الهيئات باتباع اللغة العربية . بينما يري د. احمد الجارم عضوالمجمع أن مشاركة الناس عامة والدعاة خاصة للحفاظ علي اللغة العربية من التدهور والانقراض امر ضروري ولا يجب أن نحمل الأمر بمجمله للمسئولين وكان للمجمع اكثر من مطالبة بضرورة اتباع اللغة العربية حيث تمت مخاطبة المساجد خاصة الكبري منها حيث يتردد عليها اكبر عدد من الناس، موضحا أنه لعدم وجود رقابة علي الائمة وخطابهم في المساجد فلا يمكن معاقبتهم او فرض تلك القرارات عليهم. رؤية المتخصصين وحول وجهة نظر المتخصصين يوضح الدكتور عبد الفتاح أبوالفتوح رئيس قسم أصول اللغة بكلية الدراسات الاسلامية بجامعة الازهر أن الدعوة إلي العامية قديمة منذ القرن الثامن عشر وأن هناك بعض كتاب العرب يرون أن العامية هي البديل والغرض الظاهر هواننا ننزل إلي القارئ لنتحدث بلغته ، ويؤكد أن هذه الدعوة تقضي علي جذور الدين والعقيدة حيث أن اللغة العربية لغة القرآن الكريم والسنة النبوية فمن قاموا بإفشاء اللغة العامية التفوا حول غاية خسيسة ولكنها مغلفة بإطار يخدعون به الناس وإذا نجحوا في فصل الناس عن اللغة العربية سينجحون في فصل الناس عن عقيدتهم وهو الهدف المرجو. ويتهم الدكتور عبد الفتاح القائمين علي الاعلام دعاة العامية بأنهم يساهمون في إنحدار اللغة ويدعوهم إلي الرجوع إلي اللغة العربية لانها اساس الوحدة العربية، ويوضح أن اللغة العربية الفصحي بها العديد من مستويات الفهم تتناسب مع كل مستوي فكري فهناك مستوي للمثقفين وآخر للعاديين حيث إن العربية بها ترادف للكلمات فهي واسعة، لذلك فاللغة العربية يمكن تبسيطها بعدم الأخذ بالألفاظ الصعبة او الغامضة لان مجالها الدراسات العليا والمتخصصون، إلا أن ذلك لا يعني الاستغناء بالعامة عنها، خاصة أن اللغة العامية تحللت من علامات الإعراب وتم استبدالها ببعض الحروف. بينما يصف د .عبد المعطي بيومي عضومجمع البحوث الإسلامية ظاهرة انتشار اللغة العامية بين الدعاة أنها بغيضة، لأن أي أمة تحترم نفسها تنطق بلغتها الأم، مؤكدا أنه يقاطع اي وسيلة اعلامية تنطق اوتكتب بالعامية خاصة مع علمه أن بعض الاعلاميين ناطقون جيدون للغة العربية الا انهم يستهترون بها. ويناشد بيومي الجمهور بمقاطعة دعاة العامية للحفاظ علي شخصية الثقافة العربية لأنها هويتنا أن نحذوحذوألمانيا وفرنسا والصين وغيرهم فإنهم يدرسون بلغتهم الاصلية فلماذا يقول العرب بإلغاء هويتهم ويتحدثون بالعامية؟! رد الأوقاف وحول موقف وزارة الأوقاف يعترف الدكتور سالم عبدالجليل وكيل وزارة الاوقاف لشئون الدعوة بظاهرة دعاة العامية، ويؤكد أنها انتشرت بشكل كبير عندما كثرت وسائل الاعلام المرئية ولاقت رواجاً نظراً لامية الشعب الثقافية واللغوية ما جعل المتمسكين بالفصحي يغيرون خطابهم للعامية ليواكبوا ما أحدثه دعاة العامية لأنه رأي انه سبيل لانتشاره أو قبوله مثل الاخرين. ويؤكد ضرورة أن يكون هناك وسطية في الحوار بحيث الا أتكلم بالعامية التي تهبط بمستوي الخطاب ولا بالفصحي الصعبة فلا بد من تبسيط الخطاب ولا مانع من ذكر بعض الأمثال الشعبية لتسهيل الأمر، فعلي الرغم من أن نشرات الاخبار تذاع بالفصحي فإننا نفهمها. ولكن يبقي سؤال "هل صناع الخطاب لديهم قدرة ومعرفة بقواعد اللغة العربية الفصحي"؟، بالطبع لا فالكثيرون لا، يعرفون القواعد لهذا يهربون للعامية لذلك فنحن في حاجة إلي إعادة النظر في المناهج وليس الأمر بمستحيل أن نعيد اللغة العربية إلي الوجود خاصة وأن ابناءنا في الابتدائي يدرسون بالعربية الفصحي. ويرجع أحمد ترك إمام مسجد النور ظاهرة انتشار اللغة العامية بين الدعاة إلي انتشار العامية الركيكة التي تضيع المعاني لذلك علي وسائل الاعلام التصدي لها والتي يجب أن تُفعِل المهنية كما اننا نحتاج إلي وجود نموذج يؤثر في الناس ليحدث تغييراً. ويضيف الأمير برعي امام مسجد الحسين أن هناك من يأخذ باللغة العامية الدارجة بحجة انها تصل إلي الناس ولكنها حجج باطلة لان الناس يفهمون لغة الاسلام وأن هناك بعض الدعاة اشتركوا في انتشار هذه الظاهرة لذلك يجب أن يرتقوا بذوق الناس ويغيروه وأن يقوموا بتوصيل المعلومة بلغة نحوية بسيطة واختيار الالفاظ السهلة.