اهتمت وسائل الإعلام خلال شهر رمضان وحتي أيام عيد الفطر المبارك بدعوة القس المتطرف الأمريكي تيري جونز إلي حرق نسخ من المصاحف، وذلك في ذكري الحادي عشر من سبتمبر، لكن وقبل الموعد بيومين تراجع القس عن قراره مقابل عدم بناء مركز إسلامي بالقرب من موقع حادث 11 سبتمبر ، وكأنها نوع من المقايضة بين فعل يدل علي ثقافة الكراهية المتأصلة لدي رجال دين مسيحيين متطرفيين وبين مطلب مشروع في بناء مقر للعبادة. الغريب أن الولاياتالمتحدة اكتفت فقط تجاه ذلك باعلان الرئيس الأمريكي أوباما ان امريكا ليست في حرب مع الإسلام ، وتركت بالفعل ثقافة الحرب يقودها رجال الدين المتطرفون يؤصلونها ويعلنون أساليبها كما يشاءون .. بل ويحرضون الناس عليها بتأصيل كراهية الإسلام والمسلمين . هذا كله يطرح تساؤل لدي كل إنسان عاقل وهو: لماذا لا تقوم أمريكا إن كانت حقاً لا تكره الإسلام ولا تريد الحرب ضده بمحاسبة أصحاب تلك الدعوات التي تمثل إرهاباً دينياً واعتداءً علي ديانة سماوية هي خاتمة الرسالات ؟ ولماذا تطالبنا امريكا والغرب دائما بتحسين خطابنا الإسلامي للغربيين حتي نكسب حبهم وعقولهم في حين لا تطلق نفس الدعوة لرجال الدين المسيحي لديها؟ وهل من العدل أن نظل دائما نجمل في صورتنا أمام الآخرين بينما يحملون هم الكراهية في نشأتهم وتعاليمهم التي يتلقونها من رجال دينهم؟ وهل من المنطقي أن يطلب من المسلمين بضبط النفس دائماً حتي في حرق المصحف الشريف الذي هو كلام الله بينما يترك الحبل علي الغارب للآخرين يعتدون ويتطاولون ويعبرون عن رغباتهم الشاذة تجاه الإسلام والمسلمين ؟ إننا نشعر دائما بأننا في الجانب الضعيف.. مع أن الحقيقة عكس ذلك ، فلدينا دين الله الذي ارتضاه للخلق وجعله رحمة للعالمين وقوة لمن اتبعوه ، إنه علينا إن أردنا حفظ ديننا وقرآننا ان نتعامل من منطلق القوة لا الضعف وأن نعلن للعالم أجمع أن الإسلام ليس ذلك الدين الذي يرهب الآخرين، وأن ندلل علي ذلك بالفعل لا بالدفاع الكلامي، وأن نبذل أموالنا في إيصال فهم الدين للجميع ونشرح آيات القرآن الكريم بكل اللغات علي ألسنة متخصصين من جميع البلاد ، وألا نتهاون في الدفاع عن مطالبنا ، وإظهار حقائق المطالب الإرهابية التي يطلقها رجال دين امريكيون او غربيون ضد الإسلام والمسلمين . وعلي الولاياتالمتحدة إن كانت حقاً ليست في حرب مع الإسلام أن توقف الحرب المتطرفة الكلامية لبعض رجال الدين بها، وأن تعامل مسلميها بالمساواة ولا ترفض مطلب لهم لمجرد الرفض، وتؤصل مفهوم احترام الأديان بين مواطنيها، وتعزل كل رجل دين يحاول أن ينال من هذا المفهوم.. بل وتعاقبه إن استطاعت، فالحرية لا تعني إشعال الفتن والحروب بين الناس باسم الأديان.