في مقالي يوم الخميس الماضي - تحدثت عن الوزير السياسي «إسماعيل باشا صدقي» وتعدد الحقائب الوزارية التي تولاها هذا «الكدر» السياسي المصري، فقد تعددت المناصب التي تولاها ما بين وزارة الداخلية، ثم وزارة الزراعة، ثم وزارة المالية، كما تولي رئاسة اتحاد الصناعات المصرية، وهو القائم بأعمال وزير الصناعة، ثم رئيسًا لمجلس الوزراء فيما قبل ثورة يوليو، وكان المعني المقصود من وراء سردي لهذا التاريخ وقراءته من المراجع الحديثة، سواء كان الوزير «إسماعيل صدقي باشا، أو فؤاد سراج الدين أو حتي جمال عبدالناصر وزير أو رئيس مجلس وزراء أو قائدًا للثورة ورئيسًا للجمهورية، القصد بأن الوزير السياسي هو الأحق بالمنصب أو الحقيبة الوزارية مهما كانت خلفيته الوظيفية حيث منصب الوزير هو منصب سياسي من الدرجة الأولي، لم نسمع في أي حكومة من حكومات العالم إلا قليلاً!! بأن الوزير يجب أن يأتي من خلفية وظيفية للحقيبة التي يتحمل مسئوليتها الدستورية، فليس من المهم أن يكون وزير الداخلية من رجال الشرطة، أو وزير الصحة من الأطباء أو وزير الإسكان من مجال الهندسة، حيث تلك المناصب تحتاج في حقيقة الأمر إلي تعامل مع مرءوسين في ديوان الوزارة أو هيئاتها، وأيضًا تحتاج إلي تعامل مع البرلمان وهي الجهة المنوط بها رقابة الأداء التنفيذي للحكومة، ومراقبة الوزراء في أدائهم لواجباتهم الدستورية، وشيء آخر هو تعامل الوزير مع سلطة الإعلام والصحافة، ثم تعامله مع المواطنين، ولا يمكن أن يكون الوزير مهما كانت درجة اجتهاده في مهنته السابقة علي توليه المنصب الوزاري يعتبر كفئا في تعامله سياسيا مع هذه الجهات المرتبطة ارتباطًا لصيقًا بالوظيفة أو بالمنصب السياسي للوزير!! ولعل في ظل النظم الدستورية والتي تأخذ النظام الديمقراطي أسلوبًا في الحكم وتعتمد علي انتخابات برلمانية تتولي فيها الحكومات الإدارة بناء علي عدد المقاعد التي نالها الحزب المشكل للحكومة سواء كان حزب أغلبية، وتشكيل حكومة منفردة من الحزب الفائز أو كانت الحكومة ائتلافية نتيجة فوز عدة أحزاب متقاربة في الأصوات وعدم حصول حزب بعينه علي أغلبية مقاعد البرلمان. هذا النظام يشكل في حد ذاته حكومات ظل قائمة في تلك الأحزاب وهي جاهزة تمامًا لتولي الحقائب فور إعلان نتيجة انتخابات البرلمان. أي أن كل حزب يوجد من كوادره من هم مرشحون لتولي حقائب الوزارات المختلفة في حالة الفوز بأعلي الأصوات من الشعب وتكليف رئيس الجمهورية للحزب الفائز بتشكيل الحكومة. وحتي في نظامنا السياسي القائم علي النظام «البرلمان الرئاسي» وهو أن رئيس الجمهورية هو أعلي سلطة تنفيذية في البلاد. وأنه هو المشكل للحكومة إلا أن ذلك أيضًا يعتمد علي فوز حزب الأغلبية في الانتخابات البرلمانية، وبالتالي فكوادر الحزب الفائز هم المرشحون لتولي تلك الحقائب في الحكومات المشكلة، وإن كان من الممكن في نظامنا الإداري التنفيذي في مصر، أن يأتي وزير من خارج حزب الأغلبية أو لا علاقة له بالسياسة من قبل توليه المنصب.