مذاق مختلف يشعر به جمهور رمضان عندما يشاهد الفنان خالد صالح وهو يلعب شخصية «طلعت» الرجل الصعيدي الذي يعيش ما بين الصعيد مسقط رأسه والإسكندرية مكان عمله، حيث يقدم تجربة جديدة يثبت بها أنه قادر علي تجسيد كل ما هو صعب. التقيناه به ليحدثنا عن ملامح هذه التجربة وكيف دخل «موعد مع الوحوش». في البداية كيف وجدت ردود الأفعال حول مسلسلك «موعد مع الوحوش»؟ الحمد لله بالرغم من أن الوقت مازال مبكرا علي تقييم أي تجربة أو عمل يتم عرضه حاليا إلا أنني فوجئت بتجاوب واعجاب من الجمهور الذي استطاع أن يتابع الحلقات الأولي، والحقيقة أن فريق العمل بذل مجهودًا كبيرًا لتقديم شيء مختلف سواء كان المؤلف أيمن عبد الرحمن والمخرج أحمد عبدالحميد وشركة الانتاج كينج توت مع نخبة كبيرة من النجوم من بينهم الفنان عزت العلايلي وسهير المرشدي وعدد من الشباب من بينهم ريم هلال وفرح. البعض رأي عدم وجود توافق بينك وبين الممثلة الشابة فرح يوسف التي تقوم بدور حبيبتك خاصة أنها تصغرك كثيرا في السن؟ المخرج وجد أنها مناسبة جدًا للدور وهي موهوبة وتعمدنا من خلال هذا المسلسل أن نمنح فرصة كبيرة لعدد من الشباب الموهوبين كما منحها لنا البعض في فترات سابقة وأنا أعلم جيدا أن الحصول علي فرصة أصبح أمرا صعبا ولكن فيما يتعلق بمسألة السن فلا أجد داعيا لهذا الكلام خاصة أنني لا أعرف لماذا ينظرون لفرق السن بيني وبين فرح فالنظرة هنا لابد أن تكون لطلعت تاجر القماش والفتاة التي تعمل كبائعة ولابد أن يتم الفصل بين شخصية خالد صالح الفنان والشخصية التي أقدمها في الأحداث. ما الذي جذبك لهذا المسلسل علي وجه التحديد؟ المسلسل يتناول الصعيد بشكل مختلف وأعجبتني المقابلة بين الجبل في الصعيد والبحر في الإسكندرية بجانب الاختلاف في اللهجة وهذا لم أجده في مسلسلات صعيدية من قبل والذي دفعني أكثر لقبول هذا العمل هو أنني أقدم الشخص الصعيدي بملامح إنسانية أعمق فتراه وهو يبكي وهو قوي يحارب من أجل حبه ويأخذ الثأر أيضا فكان شغلي الشاغل هو أن نقدم تركيبة مختلفة لم تقدم من قبل. ولكن دائما تتشابه المسلسلات الصعيدية كيف صنعت الاختلاف؟ حاولنا عمل تركيبة مختلفة من حيث الشكل والمضمون ولكن لا أنكر أن الحشو لن يكون بعيداً عن المسلسلات الصعيدية فالتيمات دائما تتشابه وكلها قريبة من بعض ولن نستطيع الاختلاف بشكل كبير ولكن حاولنا الابتكار في ظروف ضيقة والجمهور يستطيع أن يلمس ذلك. وكيف تمكنت من اللهجة بهذا الشكل؟ استعنت بمصحح لهجة ليس في طريقة الكلام فقط ولكنه يقدم لي خدمة لا تقل أهمية حيث ألجأ إليه عندما أجد كلمة صعبة أو غير محببة بالنسبة لي فيساعدني في إيجاد كلمة أسهل منها. الفنان نور الشريف قدم العام الماضي مسلسل «الرحايا» وحقق نجاحاً كبيراً ومن قبله قدم جمال سليمان «حدائق الشيطان» أين تجد موقعك بين نجوم الدراما الصعيدية؟ الدافع الوحيد الذي جعلني أقبل علي تقديم مسلسل صعيدي هو أن للجمهور حقاً علي ومن حق الناس التي تحبني أن أقدم لها كل التجارب والأعمال لأنهم يثقون في قدراتي وينتظرون مني كل ما يخطر ببالهم ولذلك قدمت مسلسلاً صعيدياً لأرضي جمهوري وبالمناسبة لم أعد أخشي أي دور بعد أن قدمت شخصية الشيخ مصباح في مسلسل «تاجر السعادة». وكيف تجد المقارنة بينك وبين الفنان يحيي الفخراني الذي يقدم مسلسلاً صعيدياً هذا العام؟ قد يندهش البعض عندما أقول إنني شعرت بالاطمئنان عندما عرفت أن النجم يحيي الفخراني يقدم مسلسلاً صعيدياً لأنني تأكدت أن القضية محسومة لصالحه منذ اليوم الأول لأنه لا يوجد بيننا أي منافسة ورحم الله امرأ عرف قدر نفسه فلا شك أن الأستاذ سوف يكسب. إذن تهرب من المنافسة هذا العام؟ سوف أكون كاذباً إذا تخيلت للحظة أنني سوف أتفوق علي الأستاذ يحيي الفخراني فأنا أستطيع تقدير ثمني وقدراتي جيداً فهو يملك خبرات أكثر مني بمائة مرة كما أنني المستفيد أكثر منه هذا العام لأنني استفدت منه كثيراً وهو لم يستفيد مني شيئا لذلك أنا بعيد جداً عن منافسته وما أستطيع فعله هو أنني أحقق متعة لجمهوري عن طريق الاختلاف وإذا لم أنجح في ذلك وقتها لا أستحق أن أكون موجوداً. ومن أفضل من قدم دور الصعيدي من وجهة نظرك؟ مع احترامي لكل الفنانين الكبار والعمالقة الذين قدموا هذا الدور ولكني أري أن الفنان حمدي غيث هو أفضل من قدم دور الصعيدي علي الإطلاق وهناك نماذج كثيرة لأعمال يمكن أن تدرس لهذا العبقري من بينها طبعا مسلسل «ذئاب الجبل» وأعمال كثيرة مهمة وهذا يؤكد لنا أننا ممثلون محظوظون لأننا لدينا في مصر مدارس عظيمة في التمثيل منذ جيل زكي رستم وحسين رياض. وإلي أي جيل ينتمي الفنان خالد صالح؟ أنا أنتمي لعدة أجيال ومن الممكن أن أمثل لجمهور الجيل القديم بإخلاصه وتفانيه في الاختيار والعمل باجتهاد وأمثل له للجيل الجديد بملاحقته لما هو جديد ومختلف ومتابعته للغة العصر وملامحه ولذلك أفخر بأنني ابن لعدة مدارس فنية صنعها عظماء الفن في مصر. تتحدث بفخر عن الفن المصري وصناعة في ظل تعالي أصوات الاتهامات بتراجعه مؤخراً؟ بالفعل كنا سابقين بفننا وفي مجال السينما علي وجه التحديد وكنا متفوقين علي مستوي العالم كله ولكن المشكلة أنه جاءت علينا فترة «اتهبلنا» بمعني أننا لم نستطع إدارة مواردنا وكان لدينا شرف ومسئولية الريادة ولكن اكتفينا بالحديث عنها دون ممارستها في حين أن الريادة ممارسة وهذا يذكرني دائماً بموقف «الستات من الرجالة» والنظرة الخاطئة التي ينظرها الرجل نفسه حيث يظن أن الرجولة بالقوة والعنف فقط ولكن الحقيقة هي أن الرجل هو المحب والمحتوي فنحن لم نرسل المتخصصين في الماكياج علي سبيل المثال للتعلم في الخارج والتدريب علي ما هو جديد لذلك أصبحنا نستورد الماكيير والدوبلير وهكذا.. أصبحنا مستهلكين فقط. ومن المسئول عن هذا التراجع؟ أعيب في الأساس علي النخبة من مثقفين وصحفيين وأطباء لأنهم المسئولون عن تحريك الرأي العام وتوعيته وأعتقد أيضاً أننا نعيش مرحلة مهمة وحاسمة خاصة أننا وضعنا أيدينا علي الأزمة وأدركنا أننا نعيش مشكلة وفي أحيان كثيرة أتمني أن يتوقف الزمن حتي ندرك ماذا نريد فعله ونفعله. كيف تستطيع أن تقيس مستوي نجاحك؟ أسعي دائماً لقراءة الجغرافيا من حولي وعندما أطمئن علي شغل زملائي من ممثلين ومخرجين أتأكد من النجاح وهذا الموسم يضم عدداً من المخرجين الموهوبين لأني عندما اشعر أنني وسط سوق جيد أجد المتعة ولكن الخيبة الحقيقية أنني أشعر بالعكس وإذا اكتفيت بالنظر لنفسي فقط أكون في هذه الحالة «عبيط» وأنا لا أحب أن أكون من الفاشلين.. ولكن إذا شئنا أو أبينا نحن في حالة منافسة دائماً. وإذا تغاضينا عن منافسة الذات لن نهرب من المنافسة علي المستوي العربي وبالنسبة لي أنا أعرف أين أنا من أساتذتي ومن بينهم صلاح السعدني وعادل إمام ومحمود عبد العزيز ونبيل الحلفاوي وعزت العلايلي. ولماذا غبت عن السينما لمدة عامين بالرغم من تصريحاتك بضرورة تكثيف العمل السينمائي؟ الحمد لله انتهيت من تصوير فيلم «ابن القنصل» وبذلت فيه مجهوداً من نوع خاص وأعتبر هذا الدور مغرياً ولكنه خطر في نفس الوقت لأني أقدم فيه دور والد الفنان أحمد السقا وكان من الضروري لكي أقنع الناس بهذا الدور أن اقتنع به في البداية وهذا لم يكن سهلاً وبالمرة ولكني أفرح كثيراً بهذه التحديات التي أشعر بأنني لست علي قدرها لأني لا أحب الأدوار العادية. ولماذا تسعي دائماً لاختيار الأدوار الصعبة؟ لأني للأسف منذ بدايتي لم أتمتع برفاهية اختيار الأدوار السهلة خاصة أن سني لا يسمح لي بذلك ولا تجربتي الطويلة تؤهلني لأن أقبل دوراً بهذه المواصفات السهلة فالناس لديها ثقة كبيرة في اختياراتي، فلماذا أكون أقل من هذه الثقة لأنه في هذه الحالة اشعر إنني خائن وغير أمين وهذا لا ينفي أنني قدمت أدواراً سيئة ولكن لم أكن متعمداً ذلك، فوقت اختيارها كنت أظن أنها جيدة.