توطدت علاقتي بعالم الحراريات الحائز علي جائزة نوبل براجوجين حتي قال لي ذات يوم بعد أن رفض زيارة لإسرائيل إنه يتعجب كيف يصدق مثقفون وعلماء هذه الخزعبلات عن أرض الميعاد ومن الذي وعد اليهود الروس. وكان براجوجين الذي ولد أصلا في روسيا قبل الهجرة إلي بلجيكا يقول: من وعد اليهود أن يعطي لهم أراضي العرب في فلسطين؟ تذكرت حين إذن أنه لم يكن الله سبحانه وتعالي الذي وعدهم بهذه الأراضي، لكنها كانت دعوة صحفي نمساوي اسمه تيودور هرتسل لإنشاء وطن قومي لليهود في العالم كله وهو ما كان بقيام إسرائيل فيما يسمي عن حق بالنكبة. في يوم من الأيام كنت أعطي محاضرة في جامعة بروكسل الحرة في وجود براجوجين.. كان أخي الأصغر الأستاذ الدكتور عمرو النشائي موجودا في صالة المحاضرة ويجلس إلي جوار براجوجين. بعد المحاضرة أخبرني أخي أنه سمع براجوجين يتكلم لنفسه ويقول إنه معجب بما أقول لدرجة أنه قرر أن يرشحني لأعلي جائزة في الطبيعة النظرية للعام المقبل. لم أصدق ما قاله لي عمرو واعتبرته مجاملة إلي أن طلب مني براجوجين أن ألقي نفس المحاضرة في مكتبه في حضور عدد كبير من الأساتذة. منذ ذلك اليوم تبني براجوجين نظريتي وكون فريقا من مساعديه للعمل معي وهو ما كان له وقع إيجابي ووقع آخر سلبي مصدره الغيرة الشديدة أن يلفت نظر عالم بحجم براجوجين مجرد مهندس إنشائي اسمه الأول محمد وجنسيته مصرية ويزيد الطين بلة أنه معتز بعروبته ودينه. لن أتعرض لسرقة بعض أفكاري ونشرها في مجلة أمريكية مشهورة ولا الحملة الشرسة التي يقودها إلي اليوم مجموعة من الحاقدين التي وصلت إلي نزاع قضائي في محكمة عليا في عاصمة أوروبية حتي لا تستخدم هذه الكلمات في صياغة تبرير للجرائم التي ارتكبت في حقي وحق تلاميذي وكل من عمل في نظريتي. أريد فقط أن أعرب عن احترامي لأساتذتي الذين كان أغلبهم من أصل يهودي ولم يكن بهم أي أثر لتفكير عنصري أو صهيوني.. رغم ذلك لا بد أن أذكر أن هناك الكثير من العنصرية والتفكير الصهيوني في إسرائيل.. ليس كل شخص في إسرائيل مثل أوري أفنوري ولا زميلي العالم الكبير الأستاذ الدكتور أثمار بروكتشيا من معهد ويزمان بإسرائيل الذي اشتركت معه في محاولات عديدة للتوفيق بين أفكار السلام في الشرق الأوسط والحقائق المحزنة علي أرض الواقع. لم يوفق لا أنا ولا أثمار في الوصول إلي أي نتيجة إيجابية، لكن علي الأقل حاولنا وهذا هو أضعف الإيمان. علي الرغم من هذا الفشل تكون عندي شعور عميق أن السلام الحقيقي بين العرب وإسرائيل ممكن، لكن لا بد أن تتخلص إسرائيل من الفلسفة الصهيونية والدولة الدينية التي تتشبث بها.. وللحديث بقية.