ما تتناقله الاخبار، وتتم مشاهدته علي مواقع الانترنت من حملات دعائية وتعبيرات فظة اقل ما يقال عنها انها تجافي ابسط قواعد الذوق واللياقة، وما نراه من ملصقات دعائية لانتخابات الرئاسة والتي ستحل بعد عام كامل، وما نراه ايضاً من ملصقات اخري مضادة للملصقات السابقة، تشعرك وكأن حديث الموضوع عن انتخابات سوف تجري للتنافس علي رئاسة اتحاد الطلبة للمدارس الثانوية ولم ترق حتي لتكون انتخابات رئاسة اتحاد طلبة الجامعة !! لصق ملصقات علي حوائط المباني في الشوارع .. ثم نزع وتمزيق ملصقات اخري .. عبارات لغوية متدنية الالفاظ .. مشاحنات علي مواقع الانترنت يقرأها ويشهد احداثها كل متصفح باللغة العربية، ليبدو الأمر وكأن انتخابات الرئاسة المصرية اصبح ميقاتها بعد عدة اسابيع .. ان الحديث عن مرشحين بعينهم لخوض انتخابات رئاسة الجمهورية في الوقت الذي يمارس فيه رئيس الجمهورية وظيفته علي اكمل وجه وهو الذي لم يحسم امره بعد بتقديم اوراق ترشيحه في الانتخابات المقبلة من عدمه، لهو امر اقل ما يوصف به انه امر خارج عن مجتمعنا المصري صاحب العادات والتقاليد القائمة علي توقير شخص "الكبير" واحترام مكانته في حالة وجوده او حتي في غيابه، هكذا كانت تربيتنا جيلاً بعد جيل، وهكذا نشأنا ابًا عن جد نتوارث قيماً لا وجود لها في مجتمعات غربية عنا غريبة علينا. وفي هذا الأمر اساءة للمجتمع نفسه الذي يتطلع بعض افراده الي استعجال الأمور واشعال الفتن بين فئات الشعب المختلفة المشغولة بأمور اكثر اهمية واكثر عقلانية، ومعركة الملصقات التي تدور رحاها منذ فترة قليلة فيها ايضاً محاولة توريط و"جرجرة" طرف ثالث ليبدو وكأنه مشارك في معركة الرئاسة المحتملة، علي حين ان ذلك الطرف لم يصرح او يلمح من قريب او بعيد بخوضه تلك المعركة البعيدة حتي الان. وما تهدف اليه ملصقات الشوارع هو الشوشرة والتشويش واثارة الانتباه وتوجيه الأنظار نحو قضية لا توقيت لها في الوقت الحالي وذلك لتشتيت الجهد عن المعركة الاساسية وهي معركة انتخابات مجلس الشعب التي يحل توقيتها خلال اقل من ثلاثة اشهر من الان، وهو تخطيط سياسي مدروس بعناية لصرف الانتباه وتفتيت الجهد عن مهمة الاختيار الجيد لمرشحي مجلس الشعب المقبل ودعمهم للفوز باكبر نسبة من مقاعد المجلس النيابي للسنوات الست القادمة .. وما اتوقعه خلال فترة الأسابيع القليلة القادمة قبيل موعد الانتخابات هو ظهور اساليب اشد ضراوة لشغل المجتمع بقضايا فرعية عن قضية الانتخابات الأساسية وذلك بالتزامن مع حلول مواعيد سنوية ثابتة ومهمة في حياة المجتمع اهمها دخول المدارس والجامعات والاستعدادات التي عادة ما تسبق هذه المواعيد وانشغال افراد المجتمع كله بها. وما كل ذلك الا تمهيداً لتبرير الفشل المتوقع في الانتخابات النيابية القادمة وعدم الحصول علي نسبة المقاعد المستهدفة، ذلك التبرير الذي سيتم تقديمه للجماهير الأعضاء في الأحزاب او الجماعات صاحبة الملصقات التي قامت فكرتها وتمت طباعتها وصياغة عباراتها ولا تستهدف الا مواطناً واحداً فقط بهدف "تحذير" الشعب من شخصه وحزبه و"تخويف" الناخبين من قدومه ونجاح حزبه .. وكنت اتمني ان يكون السجال لأفكار ورؤي، والنقاش حول برامج ومشاكل، والخلاف حول اساليب ومعالجات، الا ان القائمين وراء حملة ملصقات الشوارع يرون ان الخلاف حول صورة المرشح اهم من الخلاف حول افكاره وارائه، ويرون ان الخلاف حول اسمه ولقبه اهم من الخلاف حول مجهوده وخدماته لمجتمعه، ويرون ان الخلاف حول توصيف وظيفته اهم من اندماجه وتفاعله مع مختلف فئات مجتمعه. ويرون ان الخلاف حول صحبة مسئولي الحكومة الرسميين له خلال جولاته الميدانية بصفته الحزبية اهم من استثماره لتلك الصفة خدمة لمواطني المنطقة محل الزيارة .. ولطالما بقي الأمر شخصياً فلن ينجح من حوله الي تلك الوجهة الشخصية في تحقيق ادني درجات التواصل مع مواطني مجتمع يأملون في مرشح يعلو بهم ومعهم نحو تحقيق الامل، مرشح يترفع عن الصغائر ويتصدي بهم لحل مشاكل تعوق تقدمهم .. انهم مواطنو جمهورية مصر الذين يستحقون هذا المرشح صاحب القضية الوطنية، اما تلاميذ اتحاد الطلبة فانهم يستحقون ذلك المرشح الناجح جداً في تحويل القضية الي قضية شخصية ..