علي مدار أربعة أيام متواصلة عقدت فرق المسرح المستقل بمقر المجلس الأعلي للثقافة الأسبوع الماضي مؤتمراً علمياً بعنوان عشرين عاما من المسرح المستقل تضم عدداً من المحاور المهمة التي تخص الفرق المستقلة منها المشكلات التي تواجه تيار المسرح المستقل ثم التأريخ والتوثيق لهذا المسرح ، وبالطبع كان من أهم الملفات التي تمت مناقشتها بالمؤتمر فكرة الدعم والتمويل من الدولة لهذه الفرق التي تعمل منذ عام 1990 وحتي الآن تحت مظلة المسرح المستقل لكن هناك من اعترض علي مسألة الدعم من الدولة لأنه يري أنها تنفي عن الفرق صفة الاستقلال خاصة أن في مفهوم "الفرقة المستقلة" بملف المؤتمر هناك نقطة تشير إلي أن "الفرقة المستقلة لابد أن تعمل علي إيجاد التمويل المادي اللازم لتقديم عرضها الفني دون تدخل من أي جهة خارجية سواء حكومية أو خاصة وأحيانا تقوم علي التمويل الذاتي"، وعلي العكس يري أغلبية القائمين علي هذه الفرق أنه لابد أن تكون هناك علاقة تعاون بين المستقلين والدولة يحفظ لهم حقوقهم واستقلالهم لذلك توجهنا لأصحاب هذه الفرق لمناقشة مسألة دعم الدولة للمستقلين حيث أكد طارق السعيد مدير "فرقة الضوء" المسرحية قائلا: لم نطلب أن تدعمنا الدولة مثلما تدعم مسارحها ليس هذا هو المقصود وإنما أن تدعمنا عن طريق شراء ليالي عروض الأعمال المسرحية التي نقدمها فباعتبارنا نقدم خدمة ثقافية لابد أن يتم استغلالها لأننا لا نريد أن نصبح موظفين لكن بما أننا موجودون علي الخريطة الثقافية بمصر فلابد أن تكون هناك صيغة للتعامل بين المستقلين والدولة تحفظ لنا استقلالنا. ويضيف: بالفعل بدأنا في اتخاذ خطوات إيجابية نحو هذا المشروع فهناك طلبات من الفرق المستقلة قدمت للدكتور أشرف زكي رئيس قطاع الإنتاج الثقافي منها مثلا أننا نريد إنشاء بيت للمستقلين نقدم فيه عروض الفرق المستقلة ويديره مجموعة من المستقلين وأن يكون هناك صندوق لدعم أنشطة هذا البيت وهو قابل لتلقي دعم من الدولة أو من أي جهات أخري وأن نبيع ليالي عروض هذه الفرق للأماكن المهتمة باستضافتها مثل مركز الهناجر للفنون أو مركز الجزيرة أو معرض الكتاب فما نريده هو أن يكون هناك في النهاية حالة من الاستقرار لهذه الفرق وخلال الفترة القادمة سوف نقوم بعمل حصر لهذه الفرق الجديدة والقديمة ووافق الدكتور أشرف زكي علي مطالبنا ونحن حاليا بصدد البحث عن مكان يصلح أن نخصصه لنا. أما عزة الحسيني مدير فرقة "الغجر" فقالت: أعتقد أنني متفائلة هذا العام بما حدث لأن الأمور بدأت تأخذ نوعاً من الجدية عما كان يحدث من قبل فبعد المؤتمر عقدنا اجتماعاً الاثنين الماضي واقترحنا فيه ضرورة عمل لائحة داخلية لإدارة هذا الكيان للفرق لذلك اطلعنا علي لائحة اتحاد الكتاب حتي نري إذا كان نظامها من الممكن أن يتلاءم معنا أم لا لأننا دائما نبحث عن الكيانات التي تشبه كيان الفرق المستقلة حتي نضع شروطا للعضوية بالفرق وكذلك أهداف هذا الكيان المستقل. وتضيف: لا نطالب الدولة بأن تنتج لنا ولكننا طالبنا بدعم انتاجنا عن طريق انشاء صندوق للمستقلين كي يشارك في دعم هذا الإنتاج عدة جهات مختلفة، وفي النهاية هذا الدعم لن ينفي عن الفرق صفة الاستقلال لأننا سنظل مستقلين بعروضنا عن الدولة فهي لا تفرض علينا العروض التي نقدمها ولا تتدخل في اي شيء مثلما يتصور البعض لكن بالنسبة لمسألة الرقابة فمن الطبيعي أن تتابع عروضنا سواء كنا مستقلين أو تابعين للدولة فعرض أعمالنا عليها شيئاً أساسياً ليس له علاقة بتبعية العمل للدولة من عدمه لأنه ليس هناك منتج فني في مصر لم تشهده الرقابة. وفي نفس السياق تضيف عبير علي مدير فرقة "المسحراتي" قائلة: هذه المرة أصبح مستقبل الفريق المستقلة أكثر وضوحا أما فيما يخص علاقتنا بالدولة فكانت هناك حالة من عدم التفاهم بيننا لكن الحمد لله أصبح هناك تصور جديد يحدد علاقتنا بالدولة وهناك تصور عادل يبشر بأنه أصبح هناك نضج في هذه العلاقة. وتضيف: فرق المسرح المستقل كان لابد ان تمر بعشرين عاما حتي تصل إلي مرحلة النضج في الاستقلال لأن تجربة الاستقلال من قبل كانت لم تستطع أن تبتكر آليات لإدارتها كما أن المستقلين أثبتوا أنهم كيانات حقيقية وليست مجرد كيانات وهمية ، وأرفض فكرة أن الدولة إذا قدمت دعما للمستقلين ستنفي عنهم فكرة الإستقلال لأننا مستقلون بإرادتنا فنيا ولسنا مستقلين عن الدولة وأشبه الفرق المستقلة بالكتاب فهو جزء من ثقافة الدولة لكنه يحتاج دعمها وهو في نفس الوقت مستقل بأفكاره وما يقدمه عنها والثقافة الجادة دائما لا تدر ربحا لذلك لابد أن تدعم وزارة الثقافة الثقافة المدنية ، وهذا ما يحدث في العالم فنحن لسنا مستقلين تماما أي بعيدين عن الدولة لكننا جزء من ثقافة الدولة ونوع من أنواع المسرح الموجود بها. يذكر أن تاريخ المسرح المستقل في مصر يرجع إلي عام 1990 لكن كانت قد ظهرت بعض البدايات له في منتصف الثمانينيات ببعض الكيانات الفنية التي حاولت تقديم نوع مختلف من المسرح في مصر ، لكن مع إلغاء دورة المهرجان التجريبي لعام 1990 بعد غزو الكويت واندلاع حرب الخليج الثانية ظهرت مجموعة من الكيانات المستقلة التي قدمت عروضا مسرحية ثم قامت بالتجمع في نفس العام وأقامت لقاء مسرحيا ل22 فرقة تم تمويل عروضها ذاتيا وكان لقاء ناجحا وضع اللبنة الأولي في بنيان المسرح المستقل.