في 6 أغسطس من عام 1945 سقطت أول قنبلة ذرية علي هيروشيما باليابان لتبدأ نهاية الحرب العالمية الثانية والأخيرة إلي الآن.. لم يكن يوم الجمعة بل كان يوم الاثنين، وفي تمام الثامنة والربع صباحا سقطت القنبلة لتفني مدينة هيروشيما وتبيد نحو 70 ألفاً من المدنيين، بالإضافة إلي إصابات عديدة توارثتها الأجيال.. ربما تقف معلومات كثير منا عند هذا الحد.. ولكن ما لا يعرفه الكثيرون هو ما آلت إليه هيروشيما بعد هذا الدمار النووي، وما وصلت إليه الآن، وماذا يفعلون ويتذكرون في مثل هذا اليوم من كل عام.. قام اليابانيون ببناء هيروشيما جديدة في غضون عدة سنوات بعد دمارها.. وصار أهم معالم المدينةالجديدة (Peace Park) الذي يحتوي علي قبة السلام والتي تعتبر بمثابة مبني تذكاري لسقوط القنبلة ويعتقد أنها قد سقطت في هذا المكان بالضبط، وعلي متحف السلام أيضا.. وفي كل عام يكرس أهل هيروشيما يوم السادس من أغسطس للاحتفال بالسلام!! لا ليتذكروا الجانب المظلم من تاريخ المدينة بل ليحتفلوا بإنجازاتهم وبالتغلب علي أحزانهم وليقيموا الصلوات من أجل ضحايا الانفجار، والدعوات من أجل السلام العالمي. ويحتوي الاحتفال السنوي للسلام في هيروشيما علي ما يستحق التوقف، وإبداء الإعجاب، ومحاولة التعلم، وإدراك الأسباب التي جعلت هؤلاء الناس يتقدمون. فهم يستعرضون في كل عام سجل أسماء ضحايا القنبلة في بداية الاحتفال.. أي أنهم لا ينسون تاريخهم، ولا أجدادهم، بل يذكرونهم باحترام وتبجيل.. ثم يقومون بوضع الزهور لهم في لمسة تفيض بالوفاء. وفي تمام الثامنة والربع - أي وقت سقوط القنبلة - يدق جرس السلام لمدة دقيقة يصمت فيها الجميع في صلاة ليعم السلام العالم كله.. ولا يقومون بالتشهير بالأمريكيين الذين قاموا بتلك المصيبة، ولا يصرخون أو يهتفون أو يعلقون اللافتات التي تندد بالأعداء.. بل يقوم ممثل عن إحدي العائلات التي أضيرت من القنبلة بمصاحبة أحد أطفال المدينة بدق جرس السلام.. هل هي إشارة إلي العفو عما سلف والنظرة إلي المستقبل؟ ثم يقوم حاكم هيروشيما بقراءة إعلان السلام وتأكيد الالتزام به، ويؤيده ممثلو أطفال المدينة في تأكيد الالتزام بالسلام.. ويطلقون الحمام ليطير فوق المدينة تتويجا وإعلانا لهذا الالتزام.. هل يعني هذا أنهم يعلنون رغبتهم الأكيدة في السلام ويعلمون أبناءهم هذا الالتزام؟ هل يقولون لأبنائهم: لا تتبنوا الانتقام، ولا تخططوا إلا للسلام؟ وبعدها يقوم رئيس الوزراء الياباني بإلقاء كلمته، وتعقبه كلمات بعض الضيوف.. ثم ينشد الجميع نشيد السلام ويختتمون الاحتفال.. هم لا يغنون للسلاح، ولا يفتخرون بالقوة، ولا يوصون أبناءهم برد الشرف المسلوب، وذبح الأعداء، بل يغرسون فيهم حب السلام، وحب البناء. لم أتعجب كثيراً حين قرأت تلك المعلومات عن احتفال السلام في هيروشيما.. ولم لا يحتفلون هكذا وهم الذين استطاعوا القيام من كبوتهم وبناء حضارة وتقدم تحسدهم أمم عليه! ولم لا يغنون للسلام الذي أدي تمسكهم به إلي كل ما وصلوا إليه! أمن الممكن أن نصل يوماً ماً إلي هذا الفكر وتلك الممارسات؟!