هناك تطور عالمي مهم في مشاهدة برامج التليفزيون ومسلسلاته، وهو باختصار مشاهدتها بجودة عالية، حسب الطلب، علي شاشة الكمبيوتر، الأمر الذي أحدث اندماجا من نوع خاص بين شاشتي التليفزيون والكمبيوتر، وربما معهما أيضا شاشة الموبايل في القريب العاجل. لما بدأنا التجربة فيMBC في رمضان 1428ه (2007م) من خلال خدمة "شاهد أون لاين" علي موقع mbc.net كانت التجربة جديدة ومستغربة من الكثيرين الذين يرون أنها ستضر بنسب مشاهدة التليفزيون ولن تحصل علي دعم المعلنين، وكان هذا هو الموقف العام من هذه التجارب في أمريكا وأوروبا وآسيا وأمريكا اللاتينية. كان هناك أيضا من يرون أن الاشتراك في خدمات الإنترنت السريع (Broadband) لن ينمو بشكل سريع، مما سيؤثر علي عدد المشاهدين، وبالتالي علي الإعلانات، وبالتالي علي الدخل الممكن تحقيقه من الخدمة مقابل تكاليفها الباهظة. النتيجة جاءت بالعكس تماما، فالإقبال علي الاشتراك في الإنترنت السريع جاء فوق كل التوقعات، وساهمت خدمات الإنترنت المتنقل (3G Modems) لتزيد النمو سرعة، وصار الإنترنت السريع جزءا أساسيا من حياة كل من يستطيع تحمل تكاليفه التي بدورها صارت تنخفض بسبب المنافسة الحادة. في هذه الظروف، ولد الموقع الذي غير الصورة تماما وهو موقعHulu.com الأمريكي والذي نشأ بناء علي اتفاقية بين شبكة Fox وشبكة NBC الأمريكيتين، ثم انضمت إليهما شبكة ABC ليكونوا جميعا تحالفا ضخما سمح ببث أجمل المسلسلات الأمريكية بعد بثها مباشرة علي التليفزيون، واستطاع موقع Hulu أن يحقق عددا خرافيا من الزيارات (التي تجاوزت كل التوقعات)، ولتحقق بعدها إعلانات بما يزيد علي 100 مليون دولار في 2009م، والتي نمت بحدود 40% في 2010 حسب تصريحات مسئولي الموقع. هذا النجاح الباهر، سمح بظهور خدمات كثيرة مشابهة في مختلف انحاء العالم، ويتوقع أن تظهر مثل هذه الخدمات المتقدمة هذا العام مع الموقع الجديد الذي ستطلقهMBC وموقع آخر ستطلقه شركة Yahoo Maktoob وبعض المشاريع الأخري التي ما زالت في إطار الدراسة. هذه الخدمات كلها تقدم البرامج مجانا من خلال التمويل الإعلاني، وإن كان هناك في عالم الإعلام من يري أن هذا النموذج سيفشل في الشرق الأوسط بسبب ضعف السوق الإعلاني، وأن الصحيح هو إيجاد خدمات قائمة علي اشتراك مالي مخفض، وهذا كان بالفعل المنطق الذي جاءت منه عدة خدمات، منها خدمة في مصر تابعة لمجموعة أوراسكوم الإعلامية. أيا كانت تطورات السوق خلال السنوات القادمة، فالمؤكد أن هذا كله سينتج عنه تغير في سلوك المشاهد الذي سيستطيع أن يري البرامج التي يريد، متي وأينما أراد. هل هذا سيزيد من ارتباط المشاهد بالمحتوي التليفزيوني أم سينتج عنه نفور عن التليفزيون وإقبال علي شاشة الكمبيوتر والموبايل؟ السنوات القادمة ستأتي بالإجابة عن السؤال الأصعب في المعادلة..