تعرف المرأة اللاتينية والأرجنتينية بشكل خاص بقوة شخصيتها وتأثيرها في المحيطين بها مما دفع البعض لوصفها بالتسلط أحيانا لما تعرف عنه السيدات والبنات بشكل خاص في الأرجنتين حيث تعد النساء في بوينس آيريس من المحركين الأساسيين لحركة المجتمع ومن اللاعبين البارزين في جميع المجالات سياسيا ورياضيا واجتماعيا وأبرز مثال علي ذلك رئيسة الأرجنتين الحالية كرستينا كرشنر التي تتمتع بشخصية قوية وبشعبية كبيرة علي الرغم من الانتقادات العنيفة التي توجه لحكومتها. وتعد إيفا بيرون الزوجة الثانية للرئيس خوان بيرون والتي كانت السيدة الأولي في الأربعينات من أكثر الشخصيات التي أثرت علي وجدان الأرجنتينيين ربما أكثر من شخصيات تعد شخصيات نضالية مثل تشي جيفارا الذي لم يكتسب مكانة في قلوب ووجدان الأرجنتينيين التاريخي مثلما احتلته إيفيتا أو إيفا التي كانت حنونة علي بسطاء الشعب الأرجنتيني بجسمها الضئيل مما دفع الكثيرين لإطلاق لقب " ليتل إيفا "عليها إلا أن تأثيرها كان يتجاوز أكبر الرجال ضخامة ونفوذا علي قلوب البسطاء من شعبها، كتاب " العاطفة وفقا لإيفا " يتناول السنوات الأخيرة من حياة ملهمة الشعب الأرجنتيني الوحيدة وأحد أبرز الشخصيات في تاريخه. فإيفا كانت فتاة ريفية متواضعة تنحدر من أسرة فقيرة تتكون من خمسة أشخاص وهو ما كان يشعر البسطاء بأنها واحدة منهم فأطلقوا عليها لقب " سانتا إيفا " ، بدأت قصة إيفا في عام 1919 عندما ولدت كابنة غير شرعية لامرأة فقيرة في إحدي قري الأرجنتين وفي سن ال24 التقت الكولونيل "خوان بيرون" في دارٍ للدعارة وهذا ما لا تسلط هوليوود الضوء عليه في الأفلام التي تناولت قصة حياتها والتي كان أبرزها فيلم " إيفيتا " للنجمة مادونا لأن هدفها تزييف صورة الفاسدين والمنحلين وعمِلت بعد ذلك ممثلة في الإذاعة الأرجنتينية ثُمِ أصبحت المتحدث الرسمي باسم "خوان بيرون" وقامت بجهد هائل من أجل دعم شعبيته وزيادة نفوذه فعندما أطاح به تمرد عسكري عام 1945 تحركت إيفيتا بنشاط بين الضباط وعمال المصانع وجماهير الشعب الأرجنتيني فتمكنت من إعادته إلي موقعه قائداً للجيش ورئيساً للحكومة بل أكثر من ذلك فقد ساعدته للوصول إلي سدة الرئاسة حتي اتفق المقربون والأعداء علي أن حكم بيرون لا يمكن لأحد الإطاحة به أو حتي إضعاف والسرّ هي السيدة الأولي التي تربعت علي قلوب الملايين.وعندما اقتحمت "إيفا بيرون" مجال الأعمال الخيرية تعرضت لسخرية واستهزاء من نساء الطبقة الراقية ورغم ذلك استطاعت خلال فترة وجيزة تأسيس "صندوق إيفا للأعمال الخيرية" ولم تتوان عن استغلال منصبها ومركزها لتوزيع المساعدات وتقديم الخدمات للمحتاجين حتي أنها كانت تقوم بزيارات مفاجئة للقري وتدخل بيوت الفلاحين والفقراء لتقدم لهم المواد الغذائية ولأطفالهم الحلوي كما كانت تقوم بجمع وشراء الملابس الأوروبية وإعطائها لهم حتي وصل اهتمامها بهم إلي حد ِشراء اللعب لأطفالهم باللُعب وهي اللعب التي كانت تحصل عليها من جميع أنحاء العالم.وعندما أصيبت إيفا بمرض السرطان بدأ نظام خوان بيرون في التداعي ورغم ذلك لم تستسلم بل ظلت مصرّة علي حضور اللقاءات السياسية والجماهيرية وفي صباح 26 يوليو من عام 1952 ماتت "إيفا بيرون" عن عمر يناهز 33 سنة وبمجرد أن لفظت آخر أنفاسها قام أحد الخبراء بتحنيط جثمانها وعلي الفور اجتاحت الأرجنتين حالة من الرعب لموتها ومشي في جنازتها مليونان من البشر وتوفي سبعة أشخاص سحقا بالأقدام من شدة الزحام.