بينما أكدت شقيقات الفنانة سعاد حسني في أكثر من حوار ولقاء واقعة زواجها لفترة من الفنان عبدالحليم حافظ، أنكر الدكتور هشام عيسي الطبيب الخاص لعبد الحليم في كتابه "حليم وأنا"، الصادر عن دار "الشروق"، هذه الزيجة، موضحا أنها لم تكن أكثر من إعجاب وحب متبادل بين طرفين اتفقا علي الزواج، ولكن لم يتماه لتغيير سعاد رأيها في اللحظات الأخيرة. أكد الكاتب الصحفي منير عامر في مقدمته للكتاب أن هذه المذكرات جاءت لتفصح عن حياة مجتمع وجيل ورحلة رائعة الجمال، علي الرغم مما فيها من آلام، ونجح هشام عيسي في أن يلمس حياة العندليب دون أن يجرح بما يجعلنا نري ما وراء الظاهر الذي استمتعنا به من عبقرية المغني العظيم. يبدأ الدكتور هشام عيسي كتابه ببداية تطور المرض عن العندليب وكان ذلك في أواخر شهر سبتمبر 1970 حيث كان حليم يبدأ إجازته الصيفية كالمعتاد في الفيلا الخاصة به في العجمي، ولم أكن معه في ذلك اليوم وقبل أن انتهي من عملي واتوجه للعجمي، قطعت إذاعة القاهرة الكبري برامجها لتعلن خبر رحيل الزعيم جمال عبد الناصر، وقامت القيامة في القاهرة، وبالطبع لم أتمكن من السفر للإسكندرية في هذا اليوم. استمع عبد الحليم إلي النبأ فأطاحت الصدمة بصوابه، وانطلق يضرب المرآة بيديه وبرأسه، وهنا أطل شبح النزيف، فحمله مرافق معه إلي مستشفي "المواساة" بالإسكندرية، وأسرعوا في المستشفي بنقل زجاجة دم له، وبعد حوالي شهر ونصف الشهر من هذه الحادثة، فوجئت بظهور أعراض فيروس الكبد الوبائي عليه، فقد كانت زجاجة الدم بالمستشفي تحتوي علي الفيروس، فتفاقم عليه المرض، وبدأت سطور النهاية تخط. أفرد عيسي جزءا كبيرا من الكتاب عن علاقة حليم بالملك الحسن ملك المغرب، وأوضح أنها كانت علاقة وطيدة من نوع خاص، الذي كان يكن له مشاعر خاصة واحيانا يتكفل بعلاجه في أفضل المستشفيات في العالم. ومن المواقف التي تعرض لها حليم بسبب علاقته بملك المغرب، ما حدث عندما قامت حركة انقلاب فاشلة، يوم احتفال الملك الحسن بعيد ميلاده الثالث والأربعين، وكان حليم يسجل أغنية بهذه المناسبة في الإذاعة المغربية، وتشاور الثوار في قتل حليم لما يعرفونه عن مدي حبه للملك، لكنهم قرروا أن يتركوه بشرط أن يذيع بيان انتقال الحكم إلي الثوار، لكن لحسن حظ حليم أن الملك تمكن من السيطرة علي الانقلاب، وقام بإرسال فرقة لإنقاذ حليم. وتطرق الكاتب كذلك إلي علاقة حليم ببعض الفنانين والملحنين والشعراء، فقد كانت علاقته بالفنان فريد الأطرش مضطربة إلي حد كبير وبدون سبب، رغم أمنية فريد في أن يلحن لحليم، الذي كان يرفض الفكرة، متعللا بأن ألحان فريد لا تناسبه، أما علاقته بكوكب الشرق أم كلثوم، فتحدث عنها الكاتب في فصل كامل اسماه "صدام حتي النهاية"، تناول فيه علاقتهما التي كانت تبدأ وتنتهي بالخلافات والخصومات التي غالبا ما تظهر بينهم في الحفلات والمناسبات أمام الجمهور. وعن رفيق دربه من اول ملجأ الايتام الذي جمعهما وحتي ساحة الشهرة الشاعر احمد فؤاد نجم، لم يكن ثمة رابط صداقة أو غيره بينهما، رغم أنهما ترافقا في عنبر واحد أيام الملجأ، بل وتسبب نجم دون قصد منه في حرمان جمهور حليم من آخر فيلم كان ينوي تقديمه، بعد "أبي فوق الشجرة"، وكان مرشحا لبطولته أمامه سعاد حسني، عندما أصر مخرج الفيلم يوسف شاهين أنه يجب إضافة شخصيتين إلي هذا الفيلم لتكون صديقة البطل، وهي شخصية الشاعر أحمد فؤاد نجم والمغني الشيخ إمام. عندما عرف حليم انطلق يمزق أوراق السيناريو قائلا "المجنون جايبلي اتنين شيوعيين يعلموني الوطنية"، وانتهي الحلم ولم يخرج فيلم "وتمضي الأيام" إلي الوجود أبدا.