أفاقت جوهانسبرج مساء أمس الأول علي نهار بارد وغائم، إلا أن سخونة الأجواء وحمي المونديال غطّت علي برودة الطقس. ولكن سرعان ما سكبت الشمس أشعتها الذهبية علي المدينة التي كانت ترتدي أجمل حلة لها لتستقبل زوارها وترسل أجمل تحياتها إلي عُشاق المستديرة الساحرة من مهد الحضارات.. بهذه الكلمات بدأ موقع الاتحاد الدولي لكرة القدم "الفيفا" وصلة الغزل في حفل افتتاح مونديال 2010 بجنوب أفريقيا. ووصف الفيفا ملعب سوكر سيتي الشهير، بأنه أصبح بمثابة أيقونة البطولة، بعدما اكتظ بعشرات الآلاف من عُشاق المستديرة الساحرة، حيث انطلقت أصوات أبواق الفوفوزيلا لدرجة غطّت معها علي أزيز الطائرات المقاتلة التي حلقت فوق الملعب احتفالاً بانطلاق عروس البطولات، وبعد ذلك العرض الجوي المثير، حدّقت العيون مجدداً إلي السماء التي حلّقت فيها خمس طائرات استعراض جوي تُعرف في جنوب أفريقيا باسم "الصقور الفضية" يحمل ذيل كلٍّ منها قوس قزح. وازدادت حماسة الجمهور بدرجة كبيرة مع حلول اللحظة التي انتظرتها هذه البلاد بفارغ الصبر منذ أكثر من ست سنوات. ثم خاطب زولاني مكهيفا الملقب ب"شاعر أفريقيا" مواطني القارة السمراء بأكملها قائلاً: "يا أيها الأفارقة، إننا نكتب التاريخ في هذه اللحظات بعد أن جلبنا كأس العالم إلي أرضنا." هذا وقد اقترب تسعة من ضاربي الطبول قادمين من تسعة اتجاهات مختلفة ليحيطوا بشاعر أفريقيا، الذي يعد أصغر من يحترف التقليد الشفهي الأقدم في البلاد والمُسمي ب "كوبونجا" (التغني بالمديح). وتحول الملعب بعد ذلك إلي بحر من الألوان عندما دخلت إليه 270 امرأة شكّلن بأجسادهن خطوطاً ملونة خلف ضاربي الطبول. وأخذت هذه الخطوط اتجاه الملاعب التسعة الأخري في تسع مدن مختلفة سيستضيف كلٌّ منها جزءاً من إثارة مباريات كأس العالم علي امتداد الأسابيع الأربعة المقبلة. ثم شدا الفنانون ورقصوا علي إيقاعات عدد من الأغاني كان من بينها يو كونجوثوين التي اشتهرت في أرجاء العالم بصوت المغنية الجنوب أفريقية الراحلة ميريام ماكيبا، وأغنية ديدي التي أداها الشاب خالد وقدم فيها تحية إلي المنتخبات الأفريقية الستة المشاركة في هذه النسخة من المونديال وهو العدد الأكبر في تاريخ البطولة. وأشاد الفيفا بالمغني أر كيلي الحائز علي جائزة جرامي الموسيقية عدة مرات مشيراً إلي أنه قد ألهب الجماهير الحاضرة عندما غني بالأغنية الرسمية لهذا الحفل التي حملت عنوان "غناء النصر"، حيث كانت بمثابة تحية للاتحادات الوطنية المائتين وثمانية التي شاركت في التصفيات المؤهلة إلي جنوب أفريقيا 2010، بالإضافة إلي المنتخبات ال32 التي تمكنت من الوصول إلي النهائيات. واختتم الفيفا وصفه لحفل الافتتاح قائلا " بانتهاء الحفل تمت إزالة الأرضية القماشية التي كانت تحمي المستطيل الأخضر، لترتفع من جديد أصوات الفوفوزيلا وتتطلع عيون مئات الملايين في دول العالم إلي المواجهة الافتتاحية بين المكسيكوجنوب أفريقيا التي أعلنت انطلاق أبرز بطولة كروية في العالم والتي طال انتظارها منذ أربع سنوات بالتمام والكمال. الحلم تحول الي حقيقة من جانبه اعتبر رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم السويسري جوزيف بلاتر بأن الحلم أصبح حقيقية. وقال بلاتر علي أرض ملعب سوكر سيتي وإلي جانبه رئيس جنوب افريقيا جايكوب زوما "يا اصدقائي، ها نحن في افريقيا، ها نحن في جنوب افريقيا" وسط تصفيق حاد في المدرجات. واضاف "قد لا يكون نيلسون مانديلا معنا جسديا في الملعب، لكن روحه موجودة في أرجاء ملعب سوكر سيتي". وكان من المقرر ان يحضر مانديلا ربع ساعة من المباراة الافتتاحية، لكنه اضطر الي الاعتذار عن عدم الحضور بسبب وفاة حفيدة ابنته في حادث سير مروع.