إجازة الشيخ العبيكان إرضاع المرأة زميلها في العمل كفا لحرمة الاختلاط ليس اتجاها شخصياً، إنما منهج لدي رجال الدين. ثم إنها ليست فتوي، فالعبيكان أقرها بالسنة.. أما اجتهاده ففي تحايله علي عيب كشف المرأة عورتها، باشتراطه عدم أخذ اللبن من ثديها مباشرة. بعضنا أقام مأتما لسقطة أحد المشايخ، وانتهز الفرصة فسفه العبيكان، مع أن الرجل عبد مأمور، بكتب السنة.. وأثر الصالحين، ولا علي النائم حرج حتي يصحو. جادلهم بالتي هي أحسن.. أحسن. فالأزمة ليست في الذي يخرجه المشايخ اعتماداً علي السنة، إنما فيما دخل علي السنة، ثم استقر بوصفه من صحيح الدين، ولما اصطدم بالواقع التف المشايخ عليه فقها، وعملوا علي لي ذراعه بالمنطق.. اجتهاداً. في الملتقي العالمي الأخير للأزهريين. أجمعوا علي أن منكر السنة «غير المتواترة» ليس كافراً، وأن ما هو أدني مرتبة من «السنة المتواترة» ليس ملزماً. «المتواتر» من السنة هو ما رواه مجموعة من الصحابة بلغ حد التواتر (أكثر من 3)، حتي وصل إلينا بإسناد صحيح، غير مخالف لأحكام كتاب الله. وفي علوم الحديث، سطوة المتواتر في التشريع، كانت سبباً في الخلاف بين الكثير من الأئمة حول طرق رفع حديث لمرتبة «التواتر». الإمام الشافعي علي سبيل المثال اعتبر المتواتر الوحيد هو «من كذب علي متعمداً فليتبوأ مقعده من النار» ..وقال: هو ما اطمأن إليه قلبي!! وجهة نظر الإمام كانت سبباً مباشرا في إعادة تقييم كتاب الإمام البخاري، ثم كتاب تلميذه مسلم من بعده. حديث إرضاع الكبير الذي أخرجه البخاري ليس «متواترا»، ومعظم أحاديث البخاري «مشهورة»، تأتي في المرتبة التالية بعد «المتواتر»، وهي ليست ملزمة لدي كثير من دارسي العلوم الشرعية، كما لدي الشافعي. «فالمشهور» لم يثبت للنبي (ص) بيقين، ما يخرجه عن الإلزام في التشريع، والقوة في التطبيق. القضية إذا ليست في إنكار السنة أو اثباتها. إنما في كيفية اثبات ورود حديث ما علي لسان النبي (ص). فلو ضمنا «التواتر» فيما نقل عنه (ص) لما ظهرت الأزمات. وقتها لن يخرج من يجيز كشف ثدي البالغة للغريب بالحديث، في الوقت الذي يشدد فيه حديث آخر علي ألا يظهر منها إلا الوجه.. والكفان!! يبقي المثير أن حديث الحجاب.. وإرضاع الكبير رويا عن السيدة عائشة.. وأخرجهما البخاري، في كتاب واحد، هو - رغم التناقض - لدي معظم المشايخ الأصح بعد.. كتاب الله!!