بروتوكول تعاون بين نقابتي التعليم في مصر والسنغال لتعزيز الخبرات والتدريب    أسعار الذهب في الصاغة اليوم الأربعاء 24 سبتمبر 2025    أسعار الخضار والفاكهة اليوم الأربعاء 24 سبتمبر 2025    أسعار الحديد والأسمنت اليوم الأربعاء 24 سبتمبر 2025    الأسطول الداعم لغزة يتهم إسرائيل بمهاجمته في المياه الدولية باستخدام قنابل ومواد مشبوهة    زيلينسكي يدعو مجلس الأمن إلى تكثيف الجهود الدولية لتعزيز الدفاعات الجوية الأوكرانية    كوريا الجنوبية: نعتزم الاعتراف بدولة فلسطين    باكستان تؤكد التزامها الثابت بدعم القضية الفلسطينية    الطقس اليوم.. أجواء خريفية معتدلة وشبورة صباحية والعظمى بالقاهرة 32 درجة    تسريب غاز في محطة القصر العيني بالقاهرة| إجراء عاجل من الشركة    اليوم.. أولى جلسات استئناف المتهمين في حادث مطاردة طريق الواحات على حكم حبسهم    اليوم.. الحكم على مساعدة هالة صدقي بتهمة السب والقذف    رحيل أسطورة الشاشة الإيطالية كلاوديا كاردينالي.. أيقونة الجمال والموهبة تغادر عن 87 عامًا    رئيس «حماية المستهلك» يقود حملة ليلية مُفاجئة على الأسواق    حركة القطارات | 90 دقيقة متوسط تأخيرات «بنها وبورسعيد».. الأربعاء 24 سبتمبر    «التحرير الفلسطينية»: الاعترافات الدولية بدولة فلسطين تحول استراتيجي هام    نيران صديقة، متحدث الأهلي السعودي يكشف سر الخسارة أمام بيراميدز (فيديو)    جدول ترتيب الدوري المصري بعد فوز الأهلي وتعادل الزمالك    حظك اليوم وتوقعات الأبراج الأربعاء 24/9/2025 على الصعيد المهني والعاطفي والصحي    حسين فهمي: القضية الفلسطينية حاضرة بقوة في مهرجان القاهرة    إنقاذ طفل حديث الولادة مصاب بعيب خلقي خطير بالقلب بمستشفى أطفال مصر للتأمين الصحي    انتصار الحب، إلهام عبد البديع تعود لزوجها الملحن وليد سامي بعد 4 أشهر من انفصالهما    ماكرون: الذكاء الاصطناعي يحمل مخاطر ويستدعي تنسيقًا دوليًا    في جولة ليلية.. وزيرة التنمية المحلية توجه بإزالة المخالفات بالممشى السياحى بمدينة دهب    محافظ الدقهلية يشارك في احتفالية تكريم الطلاب المتفوقين من أبناء المهندسين    هاني رمزي: الموهبة وحدها لا تكفي وحدها.. والانضباط يصنع نجمًا عالميًا    نقابة المهن التمثيلية تنعي مرفت زعزع: فقدنا أيقونة استعراضات مسرحية    «أوقاف أسوان» تكرم 114 من حفظة القرآن فى ختام الأنشطة الصيفية    مصرع ربة منزل سقطت من شرفة منزلها بالبحيرة    «احمديات»: لماذا ! يريدون تدميرها    هشام حنفي: القمة فرصة ذهبية لعودة الأهلي والزمالك مطالب بتحسين الأداء    رابطة الأندية تخطر استاد القاهرة بنقل المباريات بعد القمة دعمًا للمنتخب الوطني    وزيرة التنمية المحلية توجه بإزالة الإشغالات والمخالفات بالممشى السياحي بدهب.. صور    حبس مطرب المهرجانات "عمر أى دى" 4 أيام بتهمة نشر فيديوهات خادشة للحياء بالإسكندرية    مسلم يفجر أسرار عائلته: «من 15 سنة سبت البيت والجيران كانوا بيسمعوا عياطي»    قرارات جديدة من وزارة التربية والتعليم بشأن الصف الأول الثانوي 2025-2026 في أول أسبوع دراسة    السفير أسامة عبدالخالق: غزة وصلت إلى مرحلة كارثية.. ومصر لم تنجر إلى مهاترات    «وريهم العين الحمرا.. واللي مش عاجبه يمشي».. رسالة خاصة من إبراهيم سعيد ل وليد صلاح الدين    القبض نزل، بدء صرف مرتبات شهر سبتمبر 2025 للعاملين بالدولة    رئيس الوزراء يؤكد لرئيس مجلس القيادة الرئاسى اليمنى دعم مصر للحكومة الشرعية فى عدن    أسعار الذهب اليوم الأربعاء 24 سبتمبر في محافظة الغربية    نتيجة وملخص أهداف مباراة ليفربول ضد ساوثهامبتون في كأس الرابطة الإنجليزية    رسميًا.. موعد الإجازة المقبلة للقطاع العام والخاص والبنوك (يومان عطلة في سبتمبر)    عاجل- وزير التعليم العالي يطمئن معيد آداب سوهاج: التعيين محفوظ والدعم الصحي كامل    النائب محمد زكي: ملفات التعليم والصحة والاقتصاد تتصدر أولوياتي    مصرع 4 أشخاص فى حادث تصادم سيارتين على صحراوى البحيرة    مندوب مصر بالأمم المتحدة: مصر حرصت على تجنب العديد من الاستفزازات    ترامب: نريد إنهاء الحرب في غزة واستعادة المحتجزين.. صور    جامعة قناة السويس تكرم الدكتورة سحر حساني والدكتورة شيماء حسن في حفل التميز العلمي    جامعة حلوان التكنولوجية الدولية تدعو الطلاب للإسراع بالتقديم الإلكتروني قبل انتهاء المهلة    «كان قريبًا من هزيمة كارثية».. رضا عبدالعال يعلق على تعادل الزمالك مع الجونة    بعد اعتراض الرئيس، هل يعيد مجلس النواب مناقشة قانون الإجراءات الجنائية؟ (فيديو)    إجراء جراحة ناجحة استمرت 17 ساعة لاعتدال عمود فقرى بمستشفى جامعة كفر الشيخ    مدير فرع الرعاية الصحية بالأقصر يطلق مبادرة "اليوم المفتوح".. صور    بعد انطلاق موسم الدراسة.. 5 أطعمة لا تضعيها لأطفالك في «اللانش بوكس»    ما حكم الحصول على مال مقابل "لايكات" على فيديوهات المنصات؟ أمين الفتوى يجيب    أمين الفتوى يوضح كيفية الصلاة على متن الطائرة ووسائل المواصلات.. فيديو    ما حكم الاستثمار فى صناديق الذهب؟ أمين الفتوى يجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صناعة العالم من هنا

حين أتيت إلي القاهرة أول مرة كان ذلك عام 1964، كنا قد جئنا في رحلة مدرسية إلي القاهرة وأسوان، بدأت بأسوان أولا، كنت في القطار إلي أسوان وفي أسوان ذاتها لا أفكر إلا في القاهرة التي عرفتها في روايات نجيب محفوظ وفي السينما وعشقتها دون أن أراها، زرنا في أسوان موقع السد العالي وعدنا فخورين إلي القاهرة، كان معنا مدرس شاب قاهري الأصل لا أذكر إلا أن اسمه محمود وكنا نحبه جدا، صحبنا إلي المعالم السياحية وكان حريصا علي الحديث عنها بفخر كما كان حريصا أن نأكل الكشري الذي اندهسنا منه نحن السكندريين لأن فيه مكرونة وعدس بجبة ونحن تعودنا علي كشري البحر المتوسط، الأرز والعدس الأصفر، لكننا أكلنا كشري القاهرة من أجل الأستاذ محمود وأضفنا عليه كثيرا من الشطة حتي لا ننسي، عادت الرحلة بدوني، كنت أريد أن أبقي في بلد نجيب محفوظ، أمشي في شوارع الجمالية لعلي أقابل كمال أو ياسين عبد الجواد أو زنوبة أو رشدي من زقاق المدق ونسيت أنهم أبطال روايات،
عدت متأخرا عدة ايام ووجدت مناحة في البيت والمدرسة ولم يعرف أحد أنني كنت نويت البقاء والانقطاع عن الدراسة وكدت أعمل في أحد المحال بالحسين وكدت أيضا أموت من الجوع لأن نقودي نفدت ولم يعد ممكنا النوم في مسجد الحسين أكثر من ذلك، عدت الي الإسكندرية وفي روحي عزم أن أعود إلي القاهرة مهما طال الزمن، في عام 1969 نشرت أول قصة قصيرة لي وبعدها نشرت أكثر من قصة علي فترات متباعدة وأتيت أكثر من مرة لأحصل علي مكافأة القصص، خمسة جنيهات ياجدع لكنها كانت تكفي شهرا، عرفت الطريق إلي مقهي ريش ومقهي زهرة البستان وفيما بعد مقهي الحميدية وفينيكس وطبعا المستودع الذي سميناه المستنقع وفيما بعد الجريون، ثم حدث الاستقرار هنا في عام 1974، ومع الاستقرار لم أحب القاهرة، اكتشفت إنها مدينة ظالمة بزحامها وضوضائها، تمنيت يوما أن أمشي مع حبيبتي في شارع السبق بمصر الجديدة كما مشي عبدالحليم حافظ ولبني عبد العزيز، وحدث قبل الاستقرار النهائي أن مشيت فيه معها، لم أجده خاليا أبدا كما بان في الفيلم،وهربنا منه إلي الميريلاند، تمنيت ان أمشي في المعادي حول الترعة التي غني فيها عبد الحيم لماجدة فلم اجد الترعة ووجدت المباني تزحف علي المعادي كل يوم، تمنيت أن أمشي في عين شمس بين الآثار التي نقش عبد الحليم حافظ ولبني عبد العزيز اسميهما علي أعمدتها وكلما سألت أحدا عن ذلك يضحك ولم أصل إليها أبدا لأنها هدمت واختفت ولم أحب عين شمس أبدًا حتي اليوم لانه أيضا صارت الحبيبة التي مشيت معها في شارع السبق وتمنيت أن أذهب معها الي الآثار في عين شمس وكانت تسكن في بيت الطالبات بروكسي صارت إحدي قصص الحب الضائع، ورغم عدم حبي للقاهرة عشت فيها ناسيا أني فيها لأن أحاديث الأدباء في هذه الأماكن التي أشرت اليها كانت تصنع عالما آخر نحلم به،
يوتوبيا نتمناها ومدينة فاضلة، كل الأدباء والفنانين غاضبون من كل شيء حتي من بعضهم وكلهم يرون ما يجري علي الأرض جناية علي الناس والأوطان والحقيقة الوحيدة هي ما يكتبون، هذا هو قدر الأدباء والمبدعين في كل الدنيا، ولا أقول قدر المفكرين، فالأدباء والمبدعون حتي لو كانوا في الجنة سيرونها أقل مما يتوقعون، هذا طبعا إذا كان في الجنة أدب وأدباء، لم أختلف عنهم و ليس بإرادتي ولكن بطبيعة الموهبة، هكذا أتذكر من رحل منهم من أصحاب الغضب العظيم مثل أمل دنقل ونجيب سرور أو اصحاب الرفض العظيم أيضا مثل يحي الطاهر عبد الله او الباقون من الأدباء وكلهم بين الرفض والغضب وإن سهروا في ريش والجريون أو لعبوا الطاولة علي البستان أوصخبوا في المستودع، في النهاية يعود الجميع إلي اقلامهم وابداعهم وينتهي العالم من حولهم حتي يخرجون في اليوم التالي، العالم المعيش هو العالم الاستثنائي، والعالم الحقيقي هو ما قدموه من إبداع، الأمر نفسه ينطبق علي كل من عرفت من فنانين تشكيليين راحلين مثل اللامنتمي الأعظم جودة خليفة تملأ ضحكاته الفضاء أو اللامنتمي في صمت لا يزيد انطباعه عن ابتسامة وهو يحدثك عن جمال الأبيض والأسود، القلم مادة الفقراء في التشكيل، وأعني به محمود بقشيش، والأمر نفسه ينطبق علي الموهوبين من الأحياء، وتستطيع أن تمد الخيط إلي جميع المبدعين في كل المجالات، الموهوبون بالتحديد، من رحل من كل هؤلاء رحل وهو يشعر أن مشروعه لم يكتمل ولو عاش أكثر كان سيبدع أكثر لكنه لم يكن سيفوز بالرضا أبدا عما حوله، زمان كنت أظن ذلك من أثر التربية السياسية أو الاقتراب من السياسة وتهمها الجاهزة التي ذهبت بالكثير من المبدعين إلي السجون والمعتقلات ناهيك عن فقد الوظائف أو الاضطهاد الذي وقع عليهم في أعمالهم، ورغم أن الكثيرين وأنا منهم لم نكن بعيدين عن السياسة والتنظيمات السرية فإنه حتي لو لم يحدث ذلك، لم يكن ممكنا الرضا عن العالم، تغيير العالم وصناعة عالم أجمل هو قدر المبدعين، لكن هذا العالم الأفضل لا يتحقق إلا في الابداع نفسه حتي لو كان الابداع مؤلما في موضوعه، تغيير العالم وصناعة عالم أفضل كان ولا يزال هو عمل المبدعين المنقطعين إلي هذه الأماكن التي ذكرتها من قبل، أو التي بقي منها، والتي تسمي المنطقة التي تقع فيها بالمثلث الجهنمي، فمنها خرجت البيانات ضد الظلم ومنها خرجت البيانات تعلن عن موجة جديدة من الفن والإبداع، لم يتغير العالم الواقعي حولنا، بل تراجع كثيرا لأسباب طال فيها الكلام من قبل، مني أو من غيري، واشترك في هذا التراجع قوي كثيرة طال فيها الكلام أيضا من قبل، وسيطول من بعد، لم يقترب العالم الواقعي أبدا من الجمال الذي ابتغيناه، لكن العالم الفني حقق طفرات في جمال النصوص وحقق فتوحات وكشوفات ويحقق كل يوم ونحن لسنا في غاية الرضا عما حولنا ولا عن أنفسنا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.