كشف الطاهر شرقاوي في مجموعته القصصية «عجائز قاعدون علي الدكك»، عن كاتب لديه من الجبروت وعدم الاكتراث ما يجعله يكتب عن «الموت»، أكثر مظاهر الحياة قسوة وجلالا، بنعومة وشاعرية، وهو ما يتناسب مع طبيعته كما قال كل من الناقد سيد الوكيل، والناقدة هويدا صالح، في الندوة التي أقامتها دار "وعد" لمناقشة المجموعة، الصادرة عن دار «نهضة مصر». قال سيد الوكيل: المجموعة تختلف عن قصصه السابقة، رغم أنه سار علي نفس الخط الذي سار عليه في روايته «فانيليا»، تلك الرواية التي أحدثت نقلة علي نفس خط القصص الأولي، كلاهما يحمل درجة كبيرة من النضج، ويقدم لغة بصرية واضحة في رسم أنماط الشخصيات، مع انحياز عاطفي واضح مع النماذج التي ساقها، التي غالبا ما تتضمن رجلا أصلع ضخما، مع حضور قوي جدا للمقابر والموت. وأكمل: الطاهر ليس شريرا وحتي حين حاول أن يبدو كذلك بدا شريرا طيبا، شره أقرب للسذاجة، كتب بروح طفل في العاشرة من عمره، ورغم أن عوالم الطفولة هي التي تكتب مرارا وتكرارا كونها التجارب الذاتية الأولي، إلا أنه ومع تكرارها أصبح من الضروري لمن يكتبها أن يكون لديه من الأدوات الفنية والنضج ما يجعله مميزا وغير مألوف، وهذا ما فعله الطاهر الذي تجادل واشتبك مع شخصياته، عبر تفاصيل شكلية واجتماعية وثقافية، مع درجة كبيرة من الغنائية، عشق فيها الشكل بدلا من محاولة الغوص في أعماق الشخصية. أما هويدا صالح فقال: لقد ورطني الطاهر نفسيا مع مجموعته، كنت أمر في قريتنا علي العجائز الذين يذهبون ليقبضوا معاشهم الشهري دون أن أكترث أو أشعر أن هناك شيئا مختلفا فيهم، ولكن الكاتب وضعهم في بؤرة رؤيتي، وظف في مجموعته ثنائية الواقع والخيال، لكن مساحة الواقع زادت فيها، مع توظيف للخيال جاء علي استحياء، وقد أخرج الكاتب المهمشين بشكل جعلني أتواصل معهم بدهشة. وأكملت: لقد قطع الطاهر سردياته، ومع كل قطعة يضيء جزءا من الكادر، حتي تكتمل الصورة في النهاية، رغم أنه لا يوجد تسلسل لهذه القطع السردية، فلو أننا غيرنا مكان أحدها بالآخر لن يكون هناك ثمة فارق.