في يوم الاثنين الماضي، أعلنت نتائج الانتخابات السودانية التي عقدت في الفترة ما بين 11 و15 من أبريل المنصرم والتي تمخضت عن فوز رئيس الحزب الحاكم عمر البشير بنسبة 68%. وعلي الرغم من المعارضة الكبري والانتقادات التي واجهتها تلك الانتخابات منذ البداية فهذه الانتخابات ستمهد الطريق لهذا البلد الذي مزقته الحرب للمضي قدما نحو السلام الدائم وتعزز من سعيها نحو ديمقراطية حقيقية. وتعد الانتخابات في السودان هي من أكثر الانتخابات تعقيداً من بين «75» عملية انتخابية راقبها مركز كارتر. وكانت هناك قرابة عشرات من الأحزاب السياسية وعدد من المرشحين المستقلين.كما أن الحرب الأهلية التي دارت رحاها في السودان علي مدي نصف قرن من الزمان لم يكتب لها النهاية سوي في عام 2005. والجدير بالذكر أن السودان لم يشهد انتخابات حقيقية منذ أكثر من 24 عاما بل ظل منقسماً جراء الاختلافات القبلية والعرقية والدينية والسياسية. ومن جانب آخر، أوضح المراقبون في مركز كارتر أنهم شاهدوا انتخابات بوجه عام في السودان فضلا عن وجود إقبال جيد من الناخبين. كما كان مُتوقعاً، فقد شهدت العملية الانتخابية أخطاء ملحوظة وهو الأمر الذي حال دون تلبيتها للمعايير الدولية ولكن تكمن أهمية تلك الانتخابات في أنها استطاعت تلبية خطوة مهمة نحو تنفيذ اتفاقية سلام شاملة والتي أدت بدورها لإنهاء حالة الحرب في عام 2005 فضلا عن ذلك دعت إلي عقد استفتاء في عام 2011 حول ما إذا كانت جنوب السودان ستعد دولة مستقلة أم لا. وتجدر الإشارة إلي أن هناك عدداً قليلاً من قادة المعارضة أعربوا عن امتناعهم عن المشاركة في الانتخابات عقب انتهاء فترة الحملة الانتخابية.ومن جانبهم عزا قادة المعارضة السبب وراء مقاطعتهم الانتخابات إلي ثلاثة أسباب أولا: الحيلولة دون هزيمة البشير والتي ربما قد تؤدي إلي اندلاع المزيد من العنف ونهاية لاتفاقية السلام واستفتاء جنوب السودان. ثانيا:منع هزيمة حرجة لكبار المسئولين الذين لم ينالوا سوي قدر ضئيل من التأييد خلال حملتهم الانتخابية. ثالثا: تجنب إضفاء الشرعية علي فوز البشير الذي صدر ضده أمر اعتقال من قبل المحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكابه جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية. ومن بين المشكلات التي واجهت الانتخابات في السودان هي وجود أخطاء في قوائم الناخبين تم تعديلها قبل يوم الانتخابات. كما تم تقليل مراكز الاقتراع من 21.200 إلي 16.500 .وواجه بعض الناخبين صعوبات في العثور علي أسمائهم في قوائم الانتخابات وإيجاد مراكز الاقتراع الخاصة بهم.ومن أجل العمل علي حل تلك المشكلات مددت لجنة الانتخابات الوطنية مدة الانتخابات من ثلاثة أيام إلي خمسة أيام. وقد حصلنا علي نسخة الكترونية من القوائم الكاملة للناخبين في محاولة لمعرفة ما إذا كانت أي من المشكلات اللوجستية تهدف إلي تغيير في نتائج الانتخابات. وكانت قد أفادت بعض التقارير بوجود مخالفات خطيرة وغياب الشفافية في عملية التصويت خاصة في جنوب السودان. وعلي الرغم من وجود بعض الاستثناءات فإن الانتخابات كانت تتسم بالهدوء والنظام النسبي فنوجه التهنئة لشعب السودان والعاملين في مراكز الاقتراع لاستكمال العملية الانتخابية تحت ظروف صعبة. ولا تزال الولاياتالمتحدةالأمريكية والمجتمع الدولي يؤكدون علي ضرورة وضع جميع عناصر اتفاقية السلام الشامل في حيز التنفيذ. وهذا هو الأمر الوحيد للشعب السوداني الشجاع الذي طال أمد معاناته من بينهم من هو في دارفور الذين ذاقوا أخيرا قدرا من طعم الحرية والسلام والديمقراطية.