فعاليات ب«لغة الإشارة» إطلاق المرحلة الثالثة من مبادرة «أسرتى قوتى»    رئيس الغرفة الفرنسية: السوق المصري الأكبر في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا    أبو الغيط: الإرادة الدولية متفقة على إنهاء الاحتلال الاستيطاني العنصري    ترامب: عقوبات جديدة على روسيا ما لم تنه الحرب في 10 أيام    أحمد موسى: أحمد موسى: الإخواني لا يتردد في قتل أخيه.. والمرشد الحقيقي للجماعة هو بنيامين نتنياهو    العفو الدولية تحذر ألمانيا من أن تصبح شريكة في "جرائم الحرب" الإسرائيلية    «شيكودى» يغيب عن بتروجت 3 أشهر للإصابة    أحمد ربيع يكشف عن تفاصيل مفاوضات الزمالك وطموحاته مع الأبيض    «الأخبار» ترصد حكايات من دفتر احتضان الوطن    تجارة المزاج تقود عامل للسجن المؤبد وغرامة 200 ألف جنية بشبرا الخيمة    «التعليم» تحدد موعد بداية العام الدراسي الجديد 2025-2026.. (الخريطة الزمنية)    إصابة 3 أشخاص بطلقات نارية فى مشاجرة بمدينة إدفو بأسوان    منى الشاذلي تستضيف عالمة المصريات مونيكا حنا.. غدًا    "جالي فيروس".. صبري عبد المنعم يكشف تطورات حالته الصحية    عمرو دياب vs تامر حسني.. من يفوز في سباق «التريند»؟    «السياحة والآثار»: المتحف القومي للحضارة شهد زيادة في الإيرادات بنسبة 28%    أمين الفتوى: الشبكة جزء من المهر يرد في هذه الحالة    ما الذي يُفِيدُه حديث النبي: (أفضل الأعمال الصلاة على وقتها)؟.. الإفتاء توضح    هل يُحاسب الطفل على الحسنات والسيئات قبل البلوغ؟    تحذير عالمي| سرطان الكبد يهدد جيل الشباب    لمرضى التهاب المفاصل.. 4 أطعمة يجب الابتعاد عنها    سعر ومواصفات 5 طرازات من شيرى منهم طراز كهرباء يطرح لأول مرة فى مصر    رئيس جامعة برج العرب في زيارة رسمية لوكالة الفضاء المصرية    نقابة المهن التمثيلية تهنئ الفائزين بجوائز الدولة التقديرية فى الفنون والآداب    الغندور: صفقة تاريخية على وشك الانضمام للزمالك في انتقال حر    نصائح للاستفادة من عطلات نهاية الأسبوع في أغسطس    مبابي ينتقل لرقم الأساطير في ريال مدريد    حكم الرضاعة من الخالة وما يترتب عليه من أحكام؟.. محمد علي يوضح    خالد الجندي: الذكاء الاصطناعي لا يصلح لإصدار الفتاوى ويفتقر لتقييم المواقف    محافظ الدقهلية يهنئ مدير الأمن الجديد عقب توليه منصبه    بدء انتخابات التجديد النصفى على عضوية مجلس نقابة المهن الموسيقية    من أجل قيد الصفقة الجديدة.. الزمالك يستقر على إعارة محترفه (خاص)    ضخ المياه بعد انتهاء إصلاح كسر خط رئيسى فى المنصورة    تأجيل محاكمة المتهم بإنهاء حياة شاب بمقابر الزرزمون بالشرقية    برلمانية تطالب بإصدار قرار وزاري يُلزم بلم شمل الأشقاء في مدرسة واحدة    خاص.. الزمالك يفتح الباب أمام رحيل حارسه لنادي بيراميدز    "ياعم حرام عليك".. تعليق ناري من شوبير على زيارة صلاح للمعبد البوذي    وزير العمل ومحافظ الإسكندرية يفتتحان ندوة للتوعية بمواد قانون العمل الجديد    هآرتس تهاجم نتنياهو: ماكرون أصاب الهدف وإسرائيل ستجد نفسها في عزلة دولية    حتى لا تسقط حكومته.. كيف استغل نتنياهو عطلة الكنيست لتمرير قرارات غزة؟    38 قتيلا حصيلة ضحايا الأمطار الغزيرة والفيضانات العارمة فى الصين    وزارة الأوقاف تعقد (684) ندوة علمية بعنوان: "خيرُكم خيرُكم لأهله وأنا خيرُكم لأهلي"    20% من صادرات العالم.. مصر تتصدر المركز الأول عالميًا في تصدير بودرة الخبز المُحضَّرة في 2024    أمين الفتوى: مخالفات المرور الجسيمة إثم شرعي وليست مجرد تجاوز قانوني    وزير العمل: مدرسة السويدي للتكنولوجيا تمثل تجربة فريدة وناجحة    وزير الدفاع يلتقي رئيس هيئة الأركان المشتركة الباكستانية - تفاصيل المناقشات    نقيب الأشراف: كلمة الرئيس بشأن غزة نداء للمجتمع الدولي لوضع حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية    الأمراض المتوطنة.. مذكرة تفاهم بين معهد تيودور بلهارس وجامعة ووهان الصينية    بالأرقام.. رئيس هيئة الإسعاف يكشف تفاصيل نقل الأطفال المبتسرين منذ بداية 2025    حزب الجيل يختتم دعايته ل انتخابات مجلس الشيوخ بمؤتمر في المنصورة    منال عوض: تمويل 16 مشروعا للتنمية بمصر ب500 مليون دولار    «بيفكروا كتير بعد نصف الليل».. 5 أبراج بتحب السهر ليلًا    مقتل وإصابة خمسة أشخاص في إطلاق نار بولاية نيفادا الأمريكية    أُسدل الستار.. حُكم نهائي في نزاع قضائي طويل بين الأهلي وعبدالله السعيد    أسعار الأسماك اليوم الثلاثاء 29 يوليو 2025 في شمال سيناء    الكهرباء: الانتهاء من الأعمال بمحطة جزيرة الذهب مساء اليوم    موعد مرتبات شهر أغسطس.. جدول زيادة الأجور للمعلمين (توقيت صرف المتأخرات)    السيطرة على حريق بمولد كهرباء بقرية الثمانين في الوادي الجديد وتوفير البديل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رفعت السيد: مبارك لم يختلف أبداً مع القضاة والسادات وصف مذبحة 69 ب«السقطة»
نشر في روزاليوسف اليومية يوم 23 - 04 - 2010

في الجزء الأول من حواره الذي يأتي قبل شهرين فقط من انتهاء عمله كشف المستشار رفعت السيد رئيس محكمة الجنايات وأمن الدولة عن علاقة هيكل بمذبحة القضاء الشهيرة وكيف ساعد الرئيس الراحل جمال عبدالناصر علي عمليات التصفية للقضاة التي تمت علي 4 مراحل وكيف استأجر نظام عبدالناصر عمالاً ضربوا الفقيه القانوني السنهوري باشا وهتفوا تسقط الديمقراطية وتحيا الديكتاتورية.
وفي الجزء الثاني يواصل المستشار السيد كشف الكثير من الأسرار في أول شهادة من نوعها عن القضاء في 3 عهود رئاسية وفيما يلي نص الحوار..
ماذا تم عقب إصدار القانون رقم 82 لسنة 1969 الخاص بإعادة تشكيل الهيئات القضائية من جديد؟
عندما تم فصل القضاة عام 69 وتحديدًا في أول سبتمبر حتي 15 منه.. وهو نفس اليوم الذي أعيد فيه تشكيل الهيئات القضائية.. لم ينتبه الكثيرون إلي أنه خلال الخمسة عشر يومًا لم يكن هناك قضاة بمصر قانونًا سواء في القضاء العادي أو مجلس الدولة.. أو النيابة الإدارية أو هيئة قضايا الدولة.. لأن هذه الفترة حلت فيها جميع الهيئات القضائية. ولم يكن بمصر قضاء أو قضاة!.. وبعد ذلك تحدد الذين فصلوا نهائيًا.. الذي نقلوا إلي وظائف إدارية وأنا واحد منهم.. إذ عينت بوزارة الكهرباء والسد العالي.. أذكر هنا للتاريخ موقفًا عظيمًا لنقابة المحامين في مصر فترة رئاسة المرحوم أحمد الخواجة.. الذي كانت علاقته بالتنظيم الطليعي.. وعلاقته بالدولة والاتحاد الاشتراكي قوية كعضو بالبرلمان وقتها وهو نقيب المحامين.. وكان المتوقع منه أن يأخذ موقفًا مضادًا من القضاة المفصولين ولكن هذا الرجل عندما دخلنا لنقابة المحامين.. رحب بنا جميعًا.. وذهبنا وقتها برفقة المستشارين مممتاز نصار ومقبل شاكر، محمود بهي الدين عبدالله، فتحي نجيب، شكري عبدالمقصود، وجمال خفاجي. وفريد الديب.. وتقدمنا بطلب قيد بالنقابة فوجدنا احتفالية مقامة لنا هناك.. وكان بعض القضاة المفصولين لا يملك قيمة الاشتراك أو القيد بنقابة المحامين وكان وقتها المبلغ المطلوب «مائة جنيه» وراتب وكيل النيابة بعد خدمة عشر سنوات كان 35 جنيها.. وموقف النقابة وقتها كان اتخاذ قرار بتقسيط المبلغ علي دفعات.. لذلك عندما استلمت أمانة الصندوق بنقابة المحامين قبيل إجراء الانتخابات الأخيرة قلت لهم: سوف أعمل بدون أجر.. لأنني أرد دينا في رقبتي منذ أربعين عامًا. لأنهم احتضنونا من قبل.. وبالفعل لم أتقاض مليمًا واحدًا من نقابة المحامين علي مدار 11 شهرًا.. وسلمت لهم ما يقرب من 32 مليون جنيه كاش.
من هم أشهر الذين فصلوا من السلطة القضائية.. وذاع صيتهم الآن؟
أشهر الذين فصلوا ضمن مجموعة 199 من الهيئات القضائية أنور أبوسحلي، عادل يونس.. سميح طلعت، محمود بهي الدين، ممدوح البلتاجي، مدحت المراغي.. فتحي نجيب.. مقبل شاكر يحيي الرفاعي.. فريد الديب.. عاطف الحسيني.. علي عبدالرحيم، حامد عكاظ.. حافظ السلمي.. كمال عبدالعزيز، محمد صفاء عامر، ومن مجلس الدولة أحمد عبدالفتاح حسن وبعض نواب رئيس مجلس الدولة، ومن هيئة قضايا الدولة محمد صبري أبوعلم.. نادر عبدالدايم، وحسين عشماوي وعبدالرحمن فرج محسن وكيل مجلس الشوري.. من أعضاء النيابة الإدارية الذين فصلوا.
بالنسبة لحضرتك!
خطاب الفصل بلغني علي منزلي باسم رفعت السيد وليس باسمي المدون في السجلات الرسمية «محمد حسين» جاء فيه.. نشكركم علي خدماتكم.. ونتمني لكم التوفيق وننهي لكم أنه تم نقلكم إلي وزارة الكهرباء والسد العالي.. وهذا يعني أن القرار الجمهوري الذي صدر بفصلي كان باسم الشهرة نتيجة أن الشخص الذي كتب تقريرًا عني وهو علي نور الدين الذي شغل موقع النائب العام لم يكن يعرف اسمي الحقيقي.. وهذا علي خلفية حوار كان قد دار بيني وبينه.. وحاول استدراجي لصالحه ضد المستشار ممتاز نصار بالرغم من معرفته بكون نصار هو «خالي».. وطلب مني ذلك في مكتبه.
تحدثت عن سطوة القضاة الأعضاء بالتنظيم الطليعي فهل تذكر واقعة تدل علي هذه السطوة؟
الوقائع كثيرة وكلها تصب في اتجاه سيطرتهم علي زملائهم فمثلاً أحد وكلاء النيابة العامة طلب من الحاضرين بنادي القضاة أن يذهبوا معه إلي الرئيس عبدالناصر ويقدموا له واجب العزاء داخل مقر الاتحاد الاشتراكي في الراحل عبدالمنعم رياض وذهبوا معه وفعلاً التقوا الرئيس عبدالناصر شخصياً وهو ما يعني وقتها أن أصغر وكيل نيابة منضم للتنظيم كانت له سلطات واسعة إضافة إلي أن القيادة السياسية في هذا التوقيت راضية عن التنظيم الطليعي وأنها تؤيده.
15 مايو 1971 كانت ثورة التصحيح التي قادها الرئيس الراحل أنور السادات وأعقبها قرار جمهوري بإعادة القضاة المفصولين إلي مناصبهم من جديد؟ ماذا حدث وقتها؟
- سبقت هذه الفترة وفاة الرئيس عبدالناصر عام 1970 وأعاد الرئيس السادات تشكيلات الاتحاد الاشتراكي وأجريت انتخابات بالاتحاد وللتاريخ أيضا أنه عندما عقد المؤتمر العام للاتحاد الاشتراكي كان هناك محام بالجيزة يدعي «الحمزة محمد الحمزة دعبس» الذي أصبح فيما بعد رئيسا لحزب الأحرار وكان في الأساس وكيل نيابة واستقال عام 68 أي قبل المذبحة بعام ووقتها كان يعمل معي وكيل نيابة بالسيدة زينب وكانت استقالته احتجاجا علي موقف قام به المستشار عدلي بغدادي مدير التفتيش القضائي آنذاك إذ وشي لديه أحد رجال القضاة بأن الحمزة دعبس تصرف في محضر جنح خاص بتبديد علي نحو فيه «هوي» وتم استدعاء الحمزة دعبس ونسب إليه شفاهة أنه خالف السلوك السليم بقراره ودعبس رفض هذا التنبيه وقال لبغدادي إذا كان هناك أحد يتصرف عن هوي وغرض فهو أنت لأنني أصدرت قراري من واقع الأوراق وبما يمليه علي ضميري واعتبرها البغدادي تطاول فقرر إحالته إلي مجلس تأديب لأنه تطاول عليه فذهب الحمزة دعبس يشكو للنائب العام وقتها المستشار محمد عبدالسلام الذي فصل أيضا في مذبحة القضاة عام 1969 فطلب منه سكرتيره أن ينتظر لحين خروج النائب لأن عنده زائرين وعلم حمزة أن النائب العام يجلس مع بعض المستأجرين لأرضه وليس متقاضين ودخل عليه قائلاً ليس من اللائق أن ينتظر وكيل النائب العام لقاء النائب العام في أمر يتعلق بالنيابة العامة والنائب العام مشغول عنه بلقاء مستأجري أرضه فأضيفت إليه تهمة التطاول علي النائب العام.. وعندما أحيل إلي مجلس التأديب وكان وقتها المستشار عادل يونس رئيس محكمة النقض الذي فصل أيضا عام 1969 واستدعي دعبس وقال له ما حدث خطأ ولكنه نموذج للقاضي الشريف وكل ما أملكه سوف أقوم بتخطيك في الترقية بعام قضائي واحد وعندما صدر القرار استقال.
المهم عندما عقد مؤتمر الاتحاد الاشتراكي كان الحمزة دعبس أحد الأعضاء الرئيسين بالاتحاد باعتباره عضواً عن دائرة الدقي وكان موقعه قد سمح له بالوقوف أمام الرئيس السادات خلال المؤتمر بجامعة القاهرة آنذاك ليقول له بالنص: كيف يمكن أن يترك القضاة الشرفاء حماة العدالة أعظم من أنجبت مصر خارج مجلس القضاء بقرار تعسفي ظالم صدر في العهد البائد!!.. فرد عليه السادات أنا منذ توليت المسئولية وشغلي الشاغل كيف أصحح هذه «السقطة» وأنا شكلت لجنة لدراسة هذا القرار وسوف يعود القضاة لأماكنهم وبالفعل أوائل يناير لعام 1972 صدر قرار إعادة القضاة إلي مناصبهم.
ماذا تم ليلة ثورة التصحيح التي أعقبها صدور قرار جمهوري بعودة جميع القضاة المفصولين إلي أماكنهم؟
- يوم 15 مايو للعام 1971 كان وزير شئون رئاسة الجمهورية وقتها محمد أحمد وكان المستشار القانوني الخاص به محمد إبراهيم أبوعلم وهو أحد القضاة المفصولين في المذبحة وأحيل لوظيفة أخري في الحكم المحلي ونقل لرئاسة الجمهورية والرئيس السادات كان يعرف أبوعلم شخصيا وخلال ثورة التصحيح استدعي أبوعلم المستشار الراحل يحيي الرفاعي وقال له لابد أن يكون لنا موقف ضد مراكز القوي التي فصلتنا من القضاء فتوجه عدد من القضاة المفصولين وهم يحيي الرفاعي، فريد الديب، عاطف الحسيني، إبراهيم عشماوي، فتحي نجيب، محمد أبوعلم، محمد عبدالسلام الزيات ووزير شئون رئاسة الجمهورية محمد أحمد وتولوا مسئولية الاستيلاء علي الاتحاد الاشتراكي والتحفظ علي الأوراق الموجودة به في نفس يوم ثورة التصحيح للتاريخ أيضًا.. ليلة 15 مايو التقي المستشار يحيي الرفاعي الرئيس السادات في منزله بالجيزة.. شخصيا .. وقال له شوفوا نقابة المحامين .. لأن نقيب المحامين أحمد الخواجة محسوب علي مراكز القوي.. وتوجه الرفاعي مع المجموعة الخاصة به فجرًا.. وتقابل مع الخواجة.. والرفاعي قال للخواجة «احنا عايزين نؤيد السادات» فرفض الخواجة.. وقام الرفاعي بعد ذلك بدعوتنا جميعًا إلي مكتبه.. وذهبنا إليه وكنت من أوائل الموقعين علي بيان تأييد الرئيس أنور السادات.. وأرسلنا البيان إلي جميع النقابات باعتبارنا قضاة سابقين، ومحامين حاليين.. وكان عددنا وقتها 80 فرداً أشهرهم فيما بعد ممدوح البلتاجي، وفتحي نجيب ومقبل شاكر، الذي صاغ هذا البيان كان المحامي عصام حسونة.. وجاء نص: السيد رئيس الجمهورية.. عندما عاد القانون من منفاه فإن سدنة القانون.. قضاة مصر الشرفاء.. الذين يعملون الآن بالمحاماة.. يقفون خلفك صفًا واحدًا .. ويساندونك في القضاء علي بؤرة الفساد ومراكز القوي التي أذلت الوطن والعباد.. فأيدك الله لتقضي عليها إلي غير رجعة.. وهو ما يعني أن أول من وقف مع الرئيس السادات هم القضاة السابقون الذين فصلوا من القضاء ونشرنا بيان التأييد في الصحف.. واضطر بعدها نقيب المحامين أحمد الخواجة إلي أن يعقد مجلسًا للنقابة يؤيد فيه ثورة التصحيح.
إذن القضاة المفصولون هم من تقدموا خطوة نحو الرئيس السادات؟
- نعم.. وحدثت واقعة الحمزة دعبس بجامعة القاهرة وشكلت لجنة لإعادة دراسة القضاة المفصولين من القضاء إلي أماكنهم.. وكانت تعليمات الرئيس السادات عودة جميع رجال القضاء ما عدا الذين خرجوا في نفس التوقيت من خلال قرار لمجلس الصلاحية.. وللاسف حدث أمر غريب.. عندما اختار الرئيس السادات وزيرًا جديدًا للعدل ليتولي عملية إعادة القضاة وهو المستشار السابق بالنيابة الإدارية محمد سلامة وهو والد د. مأمون سلامة.. واختاره الرئيس السادات بسبب وحيد هو أن سلامة كان الصديق الشخصي لممتاز نصار.. وبمثابة والد للمستشار يحيي الرفاعي! وأعد محمد سلامة قرار عودة القضاة أول يناير 1972 .. وعرض الكشف وقتها علي ممدوح سالم الذي كان يشغل موقع وزير الداخلية وقتها..
وحدث حوار بين سلامة - وسالم .. مفاده أنت هترجع ممتاز نصار مرة ثانية للقضاء.. فرد عليه سلامة.. ايوه فقال له ممدوح سالم: أنت كده هاتخليه بطل.. وطلب من سلامة كوزير عدل أن يعود جميع رجال القضاء إذا كان عمرهم أقل من 57 سنة .. وانطبقت القاعدة هنا فقط بالنسبة للمستشارين علي ممتاز نصار.. وفيما يخص يحيي الرفاعي.. ومصطفي كمال توفيق فأعادوهما للقضاء كموظفين.. وليس قضاة فذهب الرفاعي لوزارة المواصلات.. وتوفيق لوزارة الري.. فرفضا وأقام الرفاعي قضية أمام النقض بإلغاء قرارات فصل القضاة باعتبارها مخالفة للشرعية القانونية والدستورية.. وقضي وقتها د.محمد حافظ هريدي نائب رئيس محكمة النقض ببطلان القرارات وانعدامها واعادة جميع القضاة وعاد الرفاعي وتوفيق إلي القضاء مرة أخري.. واشتغل نصار بالمحاماة وفاز بعضوية مجلس الشعب عن المعارضة.
بعض القضاة رددوا أن الرئيس السادات كان علي خلاف مع المستشار الراحل يحيي الرفاعي؟
- يحيي الرفاعي لم يكن في القمة أثناء فترة حكم الرئيس السادات يعني لم يكن حق القانون ورئيس النادي في هذه الفترة كان المستشار أحمد فؤاد جنينه والد المستشار هشام جنينه الذي كان سكرتيرًا عامًا لنادي القضاة خلال مجلس المستشار زكريا عبد العزيز ثم كان هناك رئيس للنادي بعده المستشار حافظ هريدي.. ثم جاء المستشار وجدي عبد الصمد وهو حي يرزق.. وللعلم بالشيء عبدالصمد هو زوج اخت د. مفيد شهاب وزير الدولة للشئون القانونية والمجالس النيابية .. وهؤلاء كانوا رؤساء للنادي في عهد الرئيس السادات.. والرفاعي لم يكن سوي سكرتير نادٍ.. حتي ينسب إليه أنه مع أو ضد .. بل أقول لك.. إن هناك موقفًا عظيماً حدث بين الرئيس السادات والمستشار وجدي عبدالصمد أثناء الاجتماع القوي بالقضاة.. وكنت أحضر كل هذه اللقاءات .. وخلال هذه الاجتماعات.. حدث خلاف بين السادات وعبدالصمد أثناء اجتماع مجلس الإدارة حول ميزانية القضاة وغيرها.. وحدثت حالة من الغضب وكانت هناك خطابات معدة سلفًا.. فألغي وجدي عبد الصمد خطابه.. وارتجل كلاماً من عنده قال فيه أمامنا: إن غضبت فاغضب من نفسك.. فأنت أنت الذي زرعت الحرية.. أنت الذي ناديت بالديمقراطية.. والرأي والرأي الآخر.
والرئيس السادات رد وقال: كنت أجهز خطابا.. ولكن سوف أرتجل خطابًا أنا الآخر.. وتحدث عن الثورة وغيرها من الأمور السياسية.
إذن لماذا كانت هناك فكرة مؤداها أن الرئيس السادات كان علي خلاف مع بعض القضاة.. وهذه الفكرة رددها مجلس إدارة نادي القضاة السابق برئاسة عبد العزيز أكثر من مرة؟
- إطلاقا.. والفترة التي تولي فيها الرئيس السادات الحكم وزياراته المتراكمة للنادي وللمحكمة.. وتكريمه لهم كانت هذه الفترة من أفضل فترات القضاء.. لأن الرئيس السادات كان يذكر دائمًا أنه لولا القضاء لما وصل إلي وضعه الذي كان عليه.. بل أقول وفق رؤيتي إن الرئيس السادات كان عارفا بالجميل.
خلال الدورتين اللتين تولاهما المستشار زكريا عبدالعزيز بنادي القضاة.. ظهر ما يسمي بالبيانات النارية ضد عدد غير قليل من الزملاء لماذا؟
- لغة البيانات بنادي القضاة عمومًا ظهرت قبل عام 1969 وبدأها أعضاء التنظيم الطليعي.. وهم الذين كتبوا أول بيان ضد زملائهم من القضاة.. أعضاء النادي وقتها بانهم مانعون للخير.. واعتقد أن عدد الذين انضموا للتنظيم الطليعي لا أعلمه بشكل دقيق.. ولكن هناك عددًا غير قليل منهم.. كانوا فيه.. وكشف الأسماء الخاصة بهم نشر في أحد أعداد كتاب القضاة.. أصدره المستشار وحيد شوقي.. لأن هذا القاضي كان قد قدمت ضده تقارير من جانب أعضاء التنظيم الطليعي من القضاة.. وأحيل إلي مجلس تأديب وعندما جاء عهد الرئيس السادات.. وتم التحقيق في الواقعة تم تبرئته.. ولكن يمكنني القول إن أعضاء التنظيم الطليعي عندما تم الكشف عن أسمائهم في عهد الرئيس السادات عرفنا أنه كان مقسمًا إلي عدة أقسام .. قسم القيادة العليا وقسم المناصرين.. والأصدقاء .. والتابعين .. هناك بعض الشخصيات مازالت علي قيد الحياة.. وبالطبع هم الآن في سن التقاعد باستثناء المستشار حسن سليمان أمين عام اللجنة العليا للانتخابات السابق وبلغ سن التقاعد بداية العام القضائي الحالي وكان عضوا بارزًا في التنظيم السري للقضاة. وهناك وزير للعدل تولي الوزارة لمدتين مختلفتين هو المستشار ممدوح عطية وهذا يعني أيضا أن هذه المسألة خاضعة للتقديرات السياسية.. وهناك عمومًا كشف بأسماء التنظيم الطليعي لمحكمة النقض.. وحقق معهم ومنهم من قال إن اسمه ورد خطأ.
وفق ما سبق أيضا.. هل تري أن السنوات الماضية شهدت ولأول مرة وضوح العلاقة بين عدد من القضاة.. والتيارات الدينية المحظورة؟
- الإخوان المسلمون في عهد عبدالناصر كان يكفي أن تكون متعاطفا معهم. تسجن.. والقضاة الذين كانت لهم انتماءات كانوا لا يجرؤون علي إشهار ذلك.. حتي إن بعض القضاة الذين كانوا يؤدون الصلاة أيام عبدالناصر كانوا يؤدونها سرًا.. حماية لأنفسهم.
أما عهد الرئيس السادات فاعتقد أن الإخوان المسلمين كجماعة محظورة لأن الانتماء لأي تيار ديني محظور.. جريمة.. ولم يكن هناك تيارات دينية يتفاخر القضاة بالتعامل معها أو حتي يشتركوا في ندواتهم كما يحدث حاليا.
أما عهد الرئيس مبارك فالمجتمع كله تغير.. لأنه علي سبيل المثال كان من المستحيل أن يصل أحد أعضاء جماعة الإخوان المسلمين إلي مجلس الأمة -البرلمان حاليا- كما حدث في عهد الرئيس مبارك.. والتيارات الإسلامية عموما انتشرت في العالم كله.. وتغيرت تركيبة بعض الدول المجاورة لمصر مثل السودان.. والعراق.. وإيران ولا أشك أن الأجيال نفسها بحكم هذه التغييرات.. وبحكم التغييرات الثقافية والتكنولوجية ساهمت في تغيير تركيبة المجتمع نفسه.. ويكفي أن هناك شخوصًا عادية بدأت تجاهر بانتماءاتها الدينية.. وهذا ظهر خلال آخر انتخابات للبرلمان للعام 2005 .. إذ دخل عدد كبير من الإخوان البرلمان.
يعني بشكل أوضح فيما يخص هذه المسألة.. شاب عاطل بدأ يتجه للصلاة أو الانتماء لجماعة ما.. فهو يتكسب من ورائها.. يعني المصلحة هي السبب في انتمائه وليس تدينه.. ومصلحته أن ينتمي لهذ التيار الإسلامي.. وحديثي هنا عن البعض وليس الكل.. والقاضي لا يجب أن يكون له انتماءات سياسية أو دينية ولكن بدأت ظاهرة تنتشر بين القضاة وهي القضاة الملتحون وهي ظاهرة خطأ بالطبع.. لأنه لا يصح أن يجاهر القاضي بانتمائه الديني أو السياسي.. وهناك فارق يجب أن يدركه الجميع أن العرف شيء، والشرع شيء يعني أن بعض القضاة الذين يتمسكون بقولهم أن القضاء شرع.. نقول لهم.. إن هناك وظائف سيادية لها زي معين.. يعني أن القاضي ما ينفعشي يذهب لمحكمة وهو يرتدي «جلابية» بحكم أن الشرع يقول «لبس الجلابية».
وماذا يعني ظهور بعض الأصوات القضائية مجاهرة بعلاقاتها بالتيارات الدينية المحظورة قانونًا في مصر؟
- الانتماء للتيارات الدينية من جانب القضاة «جريمة» ولكن نقول إن هناك تياراً متعاطفاً مع التيارات الإسلامية من القضاة.. ولكن الانضمام لأي تنظيم شرعي أو غير شرعي من جانب القضاة «مرفوض» وإذا اشترك قاضٍ أو انطوي تحت لواء تيار ديني يبقي «مجرم».. ويجب أيضًا أن نفرق بين التيارات والتنظيمات.. لأن التنظيم يهدف للحكم.. وهو ما يعني أنه ليس كل المسلمين إخواناً مسلمين.. وللعلم.. معني أن نعطي للإخوان المسلمين هذه الأهمية.. أننا نعطي لهم شعبية جارفة وهذه مصيبة.. لأننا بذلك نعتبر الشعب كله إخواناً مسلمين.. في حين أن عدد الإخوان في مصر لو انطبقت السماء علي الأرض لا يزيد علي ثلاثين أو أربعين ألف شخص.
هل يمكن لقاضٍ أن يتعاطف مع تيار ديني، الأمر الذي يؤثر علي نزاهته وحيادته؟
- ممكن القاضي يتعاطف مع دينه.. ولكن لا يمكن أن يتعاطف مع حزب الوفد.. أو الحزب الوطني.. ويفقد صلاحياته «يعني.. القضاة المنتمون للحزب الوطني.. أو الوفد. أو غيره» لا يصلحون أن يكونوا قضاة.
هل حدث خلاف بين الرئيس مبارك وأحد قضاة كما حدث خلال عهد الرئيسين عبدالناصر، والسادات؟
- لم يكن هناك خلاف في يوم من الأيام بين الرئيس مبارك وأحد القضاة.. بل تقدير واحترام من جانبه لهم ولكن كون أن السلطة التنفيذية لا تستجيب في بعض الأحيان لمطالب القضاة بنقل تبعية التفتيش القضائي من وزارة العدل إلي مجلس القضاء الأعلي.. لا يمكن أن يكون خلافا مع الرئيس نفسه.. ولكن اختلافاً في وجهات النظر بين الحكومة والقضاة.. لأن القضاة جزء من النظام وعمومًا الاستجابة لمطالب القضاة تتم وفقا لإمكانيات الدولة المتاحة.. وهذا يعني أيضا أن البرلمان نفسه يمكن أن يختلف مع الحكومة نفسها.. فهل هذا خلاف حقوق.. بالطبع هو خلاف في الرأي.
خمسون عاما قضاء.. ما هو تقييمكم للأصوات القضائية التي تبلغ سن التقاعد وتفتح النار علي زملائها؟
- إذا كنت تقصد المستشار المستقيل محمود الخضيري.. فالخضيري عندما أعلن استقالته عبر إحدي الصحف اليومية أخطأ في حق نفسه وأسرته وزملائه من القضاة.. لأنه قال كلامًا لا دليل عليه وبه شمولية. وهذا يخالف طبيعة القاضي المعروفة بالدقة.. فهو تحدث عن تدخل من جانب السلطة التنفيذية في أعمال القضاء ولم يقل أين ومتي.. وكيف؟ وترك الأمر كما هو!
هل تري أن الحصول علي مقعد بمجلس إدارة نادي القضاة.. أفقد القضاة هيبتهم؟
- بالرغم من الديمقراطية التي شهدتها انتخابات نادي القضاة الأخيرة.. إلا أنها أججت الخلاف بينهم.. وهذه هي طبيعة الانتخابات في أي مكان.. وهو شر لابد منه.
أما مسألة تعديل منصب وزير العدل.. فهذه ممكنة من خلال إنشاء منصب وزير دولة بشئون العدالة يبين أمور القضاة.. داخل البرلمان.. كحلقة وصل بين مجلس الوزراء.. والبرلمان.. علي أن تنقل كل الإدارات الموجودة بوزارة العدل إلي مجلس القضاء الأعلي.. وهذه الفكرة ممكن أن تتم بعد عشر سنوات مقبلة.. بعد توفير الإمكانيات اللازمة لهذه الخطوة.. لأنه لا يعقل أن يتم نقل كل إدارات وزارة العدل إلي القضاء الأعلي بين يوم وليلة.
بأمانة.. هل هناك تنظيم سري للقضاة حاليا؟
- كدولة لا.. لأنه يوجد تنظيم سري في الدولة ككل.. والتنظيم السري الوحيد الموجودة حاليا هو جماعة الإخوان المسلمين المحظورة قانونا بالبلاد.. وبعض الشيوعيين.. لأن الدولة انتهت من مسألة إنشاء تنظيمات سرية.. ولكن علي مستوي الأفراد.. من الممكن أن يكون هناك تنظيم شيعي بمفهوم «الشللية».. يعني ممكن أن أي أحد من كبار المسئولين يلم شلته.. وتأتمر هذه الشلة بأمره.. وتشتغل حسابه.. بمن فيهم القضاة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.