يقول المثل الفارسي القديم «من دواعي الرثاء أن تنفق الذهب في الطلاء» لا أدري لماذا تذكرت هذا المثل وأنا أتابع برنامج مصر النهارده، علي الفضائية المصرية، كانت اللبنانية هيفاء وهبي تحل ضيفة علي المذيع تامر أمين، استقبل المذيع ضيفته بترحاب استثنائي كأنه يستقبل مارجريت تاتشر أو إنجيلا ميركل أو حتي هيلاري كلينتون، وكان يبدو سعيدا ومنتشيا وتظهر عليه علامات الفخر والاعتزاز لأنه يجلس أمام هذه الشخصية المتفردة وغير المسبوقة. السيد تامر أمين تحدث مع ضيفته عن زواجها من أحمد أبو هشيمة الذي وصفه بالصديق وهل هذا الزواج ناجح أم غير ذلك وما هي درجة نجاحه، سألها عن أسرار رحلتها إلي أمريكا، إلي أي الولايات ذهبت ومن قابلت وهل استمتعت برحلتها كما ينبغي أم لا؟ كان يتحدث معها علي أنها مؤسسة فنية يمكن أن تقود الأمة إلي آفاق جديدة، أما هيفاء فبدت واثقة في نفسها بدرجة كبيرة، وكان إطراء المذيع لها وهو يصفها بالذكاء النادر هو الذي جعلها تتعامل معه بطريقة مختلفة إلي حد ما. انتهي اللقاء وقام تامر أمين بوداع ضيفته السوبر وهو يقول لها باي باي يا حبيبتي أو ميرسي يا حبيبتي لا اتذكر، شعرت بعد الحلقة بضيق شديد أولاً: كمثقف مهموم بمستقبل هذا الوطن ثانيا: كدافع ضرائب في هذا البلد أريد أن أري أموالي توضع في المكان المناسب وتثمر الثمرة المطلوبة في هذا الوطن. أولاً: ماذا استفادت مصر الوطن والشعب، مصر الحكومة والنظام من معرفة تفاصيل وأسرار زيارة هيفاء إلي أمريكا؟ إن البرنامج الجديد الذي ينفق عليه الملايين يجب أن يكون لسان حال هذا الوطن في مواجهة الهجمات الشرسة للفضائيات التي تتاجر في آلام الناس وينثرون بذور الإحباط واليأس وسط جموع المواطنين، إننا كنا نظن برنامجا بحجم مصر النهارده يكون له أجندة وطنية تسير وفقا لأولويات ومصالح البلد، لأننا في حاجة ماسة إلي برامج جادة.. جادة، علمًا بأنني لست ضد استضافة النجوم ولكن أري أن هناك أولويات وأسأل وأتساءل بمنتهي الوضوح ودون الدخول في مسائل جدلية، هل الحوار والنقاش والاستماع لرجل في قيمة الدكتور صبري الشبراوي أهم أم الاستماع إلي هيفاء وهبي أهم. لقد تابعت الدكتور صبري الشبراوي في نفس البرنامج مع نفس المذيع وكان الشبراوي يتحدث عن أوراق إصلاحية وبرامج، تضع هذه الأوراق حلولا - كما يقول - لقضايا التنمية البشرية والاقتصادية وتشجيع الاستثمار والتصدير ومحاصرة البطالة والغلاء إلي غير ذلك من الأطروحات. لم يكن الدكتور الشبراوي يتحدث حديثًا اقتصاديًا اكاديميًا جامدا،بل كان حديثا شيقا رائعًا بسيطا يغلب عليه الصراحة والوضوح. أراد الرجل أن يستفيض في توضيح آرائه ورؤاه ولكن كان صوت المذيع يعلن أن وقته ووقت البرنامج قد انتهي! لكن الدكتور الشبراوي قال له «مد الوقت كلم الوزير!» لكن هذا لم يحدث بالطبع، بعد ذلك فوجئنا بحديث الصلح بين مرتضي منصور وأحمد شوبير بمبادرة من محمود سعد وبحضور الشيخ خالد الجندي، ودون الدخول في تفاصيل هذه السقطة الإعلامية التاريخية - والتي تحدث عنها الكثيرون - امتد الإرسال قرابة الساعة، ساعة كاملة علي الفضائية المصرية لمحاولة فاشلة لصلح فاشل بين اثنين كلاهما يتخيل نفسه محور الكون في مصر المحروسة، والحقيقة أن مشاكلهما الشخصية وقضاياهما لا تهم مصر ولا المصريين ولا يجب لأن تكون، وهنا اتذكر المثل الدنماركي الذي يقول: «كثيرون هم الذين يمدحون ما هو حق ويفعلون ما هو باطل».