هناك من المشروبات ما يشكل حياتنا ومن بين هذه المشروبات الشاي الذي بات أيقونة ثقافية مميزة وتراثا حضاريا انتقل من قارة إلي أخري عبر الأزمان ليصبح المشروب الذي يقبل عليه الملايين حول العالم؛ وهو ما دفع المؤلفة سارة روز إلي إصدار كتابها الجديد" الشاي في الصين..كيف سرقت إنجلترا المشروب المفضل في العالم وغيرت التاريخ". رصدت فيه سر صناعة الشاي وتاريخه منذ القدم. كان يعرف قديما أن الشاي هو سر من أسرار الهند ولكن أثبت التاريخ بطلان هذه المعلومة ومن الصين فالصين هي أول بلد قام بزراعة نبات الشاي وأتقن سر صناعته ومنها انتقل إلي عدد من بلدان العالم حتي أصبح المشروب المميز في جميع القارات.وتوضح لنا الكاتبة روز كيف استطاعت إنجلترا التوصل إلي سرقة سر صناعة هذا المشروب اللذيذ من الصين ليكون لدي انجلترا الشركة الأولي الرائدة في صناعة الشاي في العالم. بسطت بريطانيا نفوذها وسيطرتها علي العالم في منتصف القرن التاسع عشر حتي عرفت باسم الإمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس ولكن كان هذا المشروب الساخن هو المشكلة الكبري التي تواجه تلك الإمبراطورية الكبري؛حيث دخل مشروب الشاي إلي بريطانيا منذ عام 1800 وكان يعد المشروب الأفضل والأكثر شعبية في البلاد .وعلي الرغم من النفوذ والمكانة اللذين وصلت إليهما بريطانيا إلا أن كل منتج شاي في العالم كان يأتي من مصدر واحد ألا وهو الصين لذا لم يكن لبريطانيا السيطرة علي سعر الشاي في العالم أو جودته.ودفعت تلك المشكلة مجموعة من رجال الأعمال البريطانيين إلي إنشاء شركة رائدة في صناعة الشاي. ففي عام 1848 أرسلت شركة الهند الشرقية البريطانية أحد الأشخاص المهرة يدعي روبرت فورشن في رحلة إلي الصين وكانت مهمته هي سرقة سر زراعة وتصنيع نبات الشاي في الصين . استطاع فورشن التسلل إلي داخل مصانع الشاي للتجسس علي سر هذا المشروب الفريد وكيفية قيام الصينيين بإعداده.ويمر الشاي بعدد من الخطوات الهامة بداية من عملية التذبيل الأولي والتي يتم فيها خفض نسبة رطوبة الأوراق ثم مرحلة اللف حيث تلف ورقة الشاي بشكل دائري لتهيئتها لخطوة التخمر ويعقبها تعرض الشاي لمعاملة حرارية حتي وصوله إلينا في الصورة التي نعرفها فضلا عن الحصول علي مجموعة من أفضل بذور نبات الشاي وإرسالها إلي الهند. وعلي الرغم من أن الفكرة المعروفة أن الشاي مشروب بسيط وسهل الإعداد عن طريق وضع حفنة جافة من الشاي في مياه ساخنة ولكن صناعة الشاي نفسها صناعة صعبة ومعقدة.ومنذ ذلك الحين أدمن الأوروبيون مشروب الشاي ذا الرائحة الزكية.وهناك عدة أنواع من الشاي :الشاي الأخضر والأولينج والأسود ويختلف كل نوع منها في الطعم والمذاق نظرا لاختلاف عملية التخمر التي يمر به. وينسب الفضل في رواج مشروب الشاي في الصين إلي الملك شينوق الذي كان لديه ولع بالتداوي بالأعشاب وكان يفضل تناول الماء الساخن بعد غليانه وفي ذات مرة سقطت ورقة من الشاي الجاف في كوب الماء الساخن وعندما تناوله الملك استساغ طعمه. وتشير الكاتبة إلي أن ما قامت به إنجلترا لمعرفة سر صناعة مشروب الشاي هي واحدة من أهم أعمال التجسس في التاريخ ومحاولة للسيطرة علي أسواق صناعة الشاي في العالم.واليوم سيطر الشاي علي الثقافة البريطانية بشكل كبير وزاد إقباله ليصبح المشروب الأول في العالم.