أحيانا نحلم ليس أحلام المنام ولكن أحلام اليقظة.. نحلم بمنصب أرفع، وحياة أرقي، ودخل أكبر، وراحة أكثر، ويحلم بعضنا أن يسكن المدينة الفاضلة، ويعيش بين أناس طيبين مهذبين، ويسير أو يقود سيارته في شوارع نظيفة هادئة، ويعمل في ظروف ممتازة.. كما يحلم البعض الآخر بحياة أسرية مستقرة، ومكانة اجتماعية مرموقة.. هذا يحلم بنجاح أبنائه، وذلك يحلم بزواجهم.. وتلك تحلم بأن تكون أما لأطفال تحبهم ويحبونها.. وهناك الكثير والكثير من الأحلام المشروعة التي لا ينكرها أحد وليس علي صاحبها أي حرج.. ولكن هناك ما يسمي (حلم كبير لناس كتير)!! و(حلم كبير لناس كتير) هو عنوان مسرحية لم تأخذ حقها في النقد والمتابعة ولكنني لا أنسي موضوعها المتميز والقضايا التي تناقشها ومنها قضية تحقيق الأحلام، والطرق المستخدمة من قبل شخصيات مختلفة لتحقيق أحلامهم.. والفكرة بوجه عام هي أن بعض الناس يحاولون تحقيق أحلامهم بطرق قد تكون غير مشروعة، أو بمعني آخر بطرق غير شريفة، يدوسون فيها علي غيرهم، ويخطفون ما ليس لهم، ويقهرون من يقف في طريقهم، ويتناسون كل الأخلاقيات بل والقواعد والقوانين، وقد يقومون برشوة أو سرقة أو حتي جريمة قتل ليصلوا إلي تلك الأحلام.. وهناك آخرون شرفاء يعملون بجد لتحقيق أحلامهم، فيتعبون ويسهرون ويجتازون المصاعب ويثابرون ويعيدون الكرة مرة ومرات للوصول لتلك الأحلام.. وهناك أناس يعتقدون أن تحقيق الأحلام يحتاج إلي قوي خارقة تفوق الطبيعة، أو حظ فائق، أو فرص نادرة، فيطرقون أبواب الحظ، وينتظرون أمير أو أميرة الأحلام، ويجربون الاتصال بأرقام تليفونات المسابقات التي قد تكون وهمية ليكسبوا ذهبا أو أموالا، ويتفاءلون ويتشاءمون، ويؤمنون أن هذا هو الطريق لتحقيق الأحلام. في كل تلك الحالات: الجبابرة الذين يدوسون الناس، والمجتهدون، ومنتظرو الحظ، قد تتحقق الأحلام وقد لا تتحقق.. فالظالم يغنم أحيانا بعض حلمه، وأحيانا كله.. وهكذا المخلص في عمله قد يصل إلي مراده و رغم اعتراض البعض قد لا يصل إلي حلمه.. فنحن لا نعيش قصة مسرحية ولا رواية خيالية تأتي فيها النهاية بعقاب الشرير ومكافأة الطيب.. وإنما نعيش واقعا لا يسير وفق حسابات معروفة ولا يتبع قواعد مفهومة ولا تحده أخلاقيات ولا إنسانيات.. بل نجد أن الظالم أحيانا يحقق حلمه، بينما لا يحقق المخلص هدفه.. ولا توجد قاعدة.. بل إن حتي منتظر الفرصة، المؤمن بالحظ قد يتحقق له حلمه أيضا، وقد لا يتحقق.. فقد يكسب الكسول مليونا من الجنيهات، وقد تسقط ثروة من حيث لا ندري علي من ندعوه محظوظا. صحيح أننا نقول (ولكن من لم يتعب في شيء لا يشعر بطعمه) أو نقول (ستضيع الثروة من الظالم وأيضا من الكسول) ولكنها أحيانا لا تضيع.. وأحيانا يتحقق حلم الظالم وحلم الكسول في الثروة وفي غيرها من المجالات الأخري.. إذا فما هي القاعدة؟ ماذا نفعل لنحقق أحلامنا؟ إلي أي مدي نسعي وراء تحقيقها؟ متي نقول (لا)؟ ومتي نقول (كفي)؟ وما هو الحلم الذي يحلم به كثيرون ويدعي (حلم كبير لناس كتير)؟ للحديث بقية..