مهما كان الاختلاف أو الاتفاق مع السيد صفوت الشريف رئيس مجلس الشوري والأعلي للصحافة سياسياً، فلا يمكن إنكار كفاءته القيادية في كل مهمة يتولاها فها هو مجلس الشوري بات له وزن وتفاعل دائم في جميع القضايا بشكل ملحوظ، وها هو المجلس الأعلي للصحافة طفئ دوره علي سطح الحياة الإعلامية في مصر فبات فاعلاً: في المواقف المصيرية والقضايا القومية لضبط الأداء الإعلامي بما يحقق التوازن بين الحرية والمسئولية والمصلحة العليا للوطن. ما دفعني لابداء هذا الرأي افتتاح المركز الإقليمي لتدريب الصحفيين العرب والأفارقة، والذي استضاف في دورته الأولي وفداً من صحفيي دول حوض النيل يضم وزير إعلام دولة بروندي.. ففي الوقت الذي نطالب فيه جميعاً باهتمام السياسة الخارجية المصرية بالقارة الأفريقية خاصة السودان ودول حوض النيل لما لذلك من أهمية في دعم وحماية عمق الأمن القومي المصري وخاصة الأمن المائي، لم نشهد أي تحرك فعلي علي أرض الواقع من الإعلام الرسمي المسموع أو المرئي ولا أكون مبالغاً إذا قلت والمقروء أيضاً. كثيراً ما نتحسر علي زمن مساندة حركات التحرر الأفريقية ونشكو ما يصفه البعض بتراجع الدور المصري في أفريقيا بما يعرض مصالحنا للخطر وإن كان جانب من ذلك النقد صحيحاً. فإن رئيس المجلس الأعلي للصحافة تحرك بحنكة تخلق قنوات اتصال مباشر بين الإعلام الأفريقي ومصر من خلال تدريب كوادره وتوضيح حقائق المواقف المصرية عبر الحلقات النقاشية واللقاء بالمسئولين الرسميين ونظرائهم الإعلاميين. وإن كان هذا الهدف سيتحقق ويضاف إليه تبادل الخبرات بين الصحفيين المصريين والأفارقة فإنه بلا شك سيتحقق أيضاً علي المستوي العربي بدورات مماثلة يستضيف المركز فيها زملاء من الأشقاء العرب. يأتي ذلك في الوقت الذي تقلص فيه دور اتحاد الصحفيين العرب وجمد فيه دور اتحاد الصحفيين الأفارقة لأسباب عدة أقلها ضعف مصادر التمويل، ليس المطلوب فرض وجهة نظر بل التواصل وخلق علاقات حميمة ومساحة من الحوار وتبادل الآراء بما يسمح باستيضاح الحقائق وتصويب الصورة الذهنية حول العديد من القضايا المشتركة في ظل ما يشن من حملات إعلامية غريبة تروج أكاذيب. الحملات التي تستهدف مصر تستهدف غيرها من الدول الأفريقية، بل والعربية لإثارة الفتن والشقاق بين الأشقاء وخلق بيئة تتناثر بها بؤر الصراع، بما يسمح بتدخل أجنبي يحمي مصالح الغرب علي حساب مصالحنا المشتركة. لكن تحرك المجلس الأعلي للصحافة ليس كافياً ويتطلب استراتيجيات مماثلة علي جميع المستويات، من خلال النقابات المهنية والاتحادات الدولية والأنشطة الثقافية ووزارة الإعلام والخارجية.. يجب أن يقابله تقارب مماثل من الدول العربية والأفريقية فمصيرنا مشترك ومصالحنا مشتركة ومشكلاتنا متقاربة.