في صباح أون تايم علي قناة أون تي صباح أمس، وفي فقرة خاصة بأهم ما تناولته صحافة القاهرة لفت انتباهي اهتمام معدي البرنامج بخبر انتخابات نقابة السينمائيين التي جرت أمس، فهو خبر رئيسي ومهم في الصحافة، كما أن الانتخابات كانت حاضرة في برامج التوك شو المسائية التي اهتمت بهذه الانتخابات ليس باعتبارها انتخابات نقابية بين السينمائيين، وإنما بتحويلها إلي معركة سياسية تماما كما حدث مع انتخابات الصحفيين الأخيرة. ليس لدي أي اعتراض علي الاهتمام الإعلامي بالانتخابات النقابية والمهنية، لكن محاولة تسييس أي انتخابات مهنية هي نوع من التزيد غير المرغوب فيه، وخروج بالعمل النقابي عن مساره الصحيح، فنقابة مثل السينمائيين بغض النظر عن أسماء المرشحين لمنصب النقيب، ينبغي عليها الاهتمام بشئون أعضائها، وليس بشعارات سياسية غامضة.وقد أدي تحويل النقابات إلي أحزاب سياسية أن اكتفت الطبقة الوسطي بممارسة الشأن العام داخل النقابات، مما أثر علي وضعية الأحزاب السياسية وشعبيتها وقدرتها علي العمل العام، لأن الطبقة الوسطي المفترض منها تحريك العمل العام مشغولة في العمل النقابي وتعتبره آخر حدود المشاركة العامة.. وهذا أمر غريب ووجهة نظر قاصرة. نحن في حاجة ماسة إلي وضع الأمور في نصابها الصحيح، فليس مطلوبًا من أي نقابة مهما بلغ عدد أعضائها، أو عملهم في مهن تتعلق بالرأي ممارسة العمل السياسي داخل النقابات، وبالتالي ليس مطلوبا من الأحزاب السياسية السيطرة علي النقابات واعتبارها مدخلا للمشاركة في الحياة العامة. وقد جربنا خلال حقبة التسعينيات كيف اخترق الإخوان النقابات المهنية وسيطروا عليها واستغلوها في الوصول إلي البرلمان، ومن ثم حدثت المواجهة بين الدولة والإخوان داخل النقابات مما أدي إلي تجميدها، ومازالت نقابات كبيرة ومهمة مثل الأطباء والمهندسين بلا انتخابات منذ نحو عشرين عاما. وإذا أخذنا نقابة مثل السينمائيين كمثال فإن عدد من لهم حق التصويت هو ثلاثة آلاف عضو، لكن ما استحوذت عليه من اهتمام إعلامي يفوق هذا العدد المحدود، لأن أحد المرشحين وهو المخرج خالد يوسف يعيد تجربة ضياء رشوان في نقابة الصحفيين حاملا شعارا غامضا وهو التغيير.. بينما من غير المعروف كيفية هذا التغيير ولماذا؟ وهل مخرج مميز وكبير مثل علي بدرخان أصبح من الحرس القديم الذي يستحق الثورة وان يرفع البعض في وجهه شعار التغيير؟ أعتقد أننا بحاجة في الإعلام أولا وقبل كل شيء، إلي حصر اهتمامنا بأي انتخابات نقابية مهنية في حدودها، فهي ليست انتخابات عامة، وليس مطلوبا خلق رأي عام حولها من غير أبناء المهنة.. فجمهور المتفرجين أمام شاشات التليفزيون لن يعطي صوته لعلي بدرخان او خالد يوسف.. وكل ما يهمه منهما ان يشاهد أعمالا سينمائية جادة ليس أكثر ولا أقل!