دفعت التطورات التي شهدتها جماعة الإخوان المحظورة علي مدار الشهور الثلاثة الماضية، الانتقادات الموجهة اليها والأصوات المطالبة بتعديل أوضاع الجماعة إلي دائرة الضوء، ولم يجد المعارضون داخل الجماعة ظروفا اكثر مواتاة من تلك التي تمر بها الآن لكي يصفوا ويكشفوا معاناتهم معها ولن نقول تجاربهم، وهو ما نرصده في محاولة لتشخيص اسباب الأزمة التي باتت جماعة الإخوان تعانيها باعتبارها التنظيم الاكثر خطورة علي المجتمع المصري. هشاشة الهياكل هشاشة هياكل الجماعة الداخلية كانت النقطة التي ركز عليها القيادي الإخواني السكندري حامد الدفراوي، موضحا أن المستويات التنظيمية بالجماعة متداخلة الاختصاصات وغير واضحة المعالم ويسيطر علي جميع المهام فيها مكتب الإرشاد، وان الجماعة تدار بأسلوب إدارة "الدكان" ويغيب عنها قيم الرقابة والشفافية، حتي باتت القيادات تتعامل بمنطق النعامة التي تخفي رأسها في التراب خوفا من الخطر. غياب الرؤية الأزمة يلخصها محمد عبد اللطيف الإخواني السابق ورئيس اتحاد الناشرين العرب في نقاط ثلاث اولها غياب رؤية التغيير عن قيادات الإخوان ما يجعلهم يخلطون بين الدور الدعوي الذي يفترض العلاقات الطيبة مع الجميع والدور السياسي الذي يفرض علاقات يحكمها عنصر المنافسة، ويتضح ذلك من مواقفهم المتضاربة خلال زلزال 1991 وأحداث الدويقة الأخيرة، وثانيها يتمثل في تراجع قيمة الحرية في التنظيم لصالح مبدأ السمع والطاعة، أما النقطة الثالثة فهي الخلط بين الدين والتنظيم بحيث يكون من ترك التنظيم بالنسبة للعناصر كمن ترك دينه، ويستدل عبد اللطيف علي ذلك بموقف المرشد الأخير من نائبه الأول محمد حبيب عندما قال عنه بعد أن أقصي من التنظيم "نسأل الله له الهداية". نموذج ثيوقراطي صلاح عبد الكريم استاذ هندسة الطيران ووكيل نقابة المهندسين الأسبق يشخص الأزمة التي تمر بها جماعة الإخوان حاليا، علي انها تتمثل في سيطرة القطبيين وهم بمثابة امتداد للتنظيم السري الذي أنشأه حسن البنا مؤسس الجماعة، واردف عبد الكريم انه رصد من واقع تجربته مع جماعة الإخوان 16 وجها للشبه بين التنظيمات العقائدية الإسلامية والنظام الكنسي الأوروبي منها الحرص علي التنظيم والشفافية والتعامل مع المنتقدين وشروط الترقي واساليب نشر الثقافة الداخلية وآليات الاعتراض علي الاوضاع الداخلية وطريقة التعامل مع الآخرين من خارج التنظيم. سقوط القيم من جهته أشار عصام سلطان الإخواني السابق وأحد مؤسسي الوسط الجديد إلي أن الخلافات الإخوانية الأخيرة كانت فارقة في تاريخ الاسلاميين بصفة عامة وليس في تاريخ الإخوان وحدهم حيث إنها شهدت ثالث النقاط الفارقة في تاريخ الإسلاميين وهي ظاهرة سقوط القيم وفي مقدمتها قيمة الصدق، حيث وجد عناصر الجماعة انفسهم امام صدمة كبيرة في مواجهة تساؤل مهم هو كيف لقياداتنا الذين ربونا علي القيم الدينية ان يخرجوا علي الالتزام بها، وتخالف ممارساتهم أقوالهم؟ عزلة شعورية هيثم أبو زيد منشق عن الإخوان وأحد مؤسسي الوسط أشار إلي ان اساليب التربية التي تعتمد عليها الجماعة تقوم علي فرض نوع من العزلة الشعورية بين العناصر والمجتمع الخارجي، كما تقوم علي التكفير العملي وليس اللفظي للآخرين. فجور في الخصومة حفيد المرشد الاسبق للجماعة مأمون الهضيبي كان له إسهام في تشخيص أوجاع الجماعة عندما قال ان الأزمة تكمن في عدم وضوح الهدف او الفشل في تحديد آليات تحقيقه، لافتا إلي ان الاحداث الأخيرة التي مرت بها الجماعة كشفت جوانب لم تكن ظاهرة للجميع منها الفجور في الخصومة وإساءة الادب بين القيادات