نعم كلنا شركاء في هذه الجريمة البشعة التي راح ضحيتها سبعة أو ثمانية وليس مهما العدد من قبط مصر إلي جانب العديد من المصابين المصريين الأقباط والمسلمين حدث هذا في يوم الاحتفال بعيد الميلاد المجيد والمفروض أن يكون يوما للفرحة والبسمة والتهاني والدعاء بالصحة والسعادة ولمصر بالخير والنماء ولكنه تحول إلي يوم للحزن والبكاء والتعازي والدعاء بأن يقي مصر العزيزة الحبيبة من كل هذه الأثام والشرور ومغتالي أنبل ما فيها من الحب والتسامح والاعتدال والعشرة الطيبة. إنه وبالفعل يوم حزين وكئيب وعصيب علي كل مصري ينتمي إلي هذه الأرض التي هانت علينا ونصب كل يوم - بل كل لحظة - اللعنات عليها من قبل الخوارج علي مصريتنا من منحرفي الطبع والطابع وشذاذ الإعلام والفضائيات وخفافيش الظلام وعملاء الخارج وحاملي أجندات قوي وجماعات ومؤسسات لا تستهدف سوي تمزيق الكيان وإثارة الفوضي وإحراق البلد تحت دعاوي وأكاذيب وشعارات خادعة مزيفة. يقومون بهذا دون وازع أو ضمير قومي وإنساني تحقيقا للمنافع والمكاسب المادية والشخصية والأيديولوجية ورغبة في المزيد من الانتشار الإعلامي. إن ما حدث في نجع حمادي إنما هو امتداد لمسلسل الفتن الطائفية التي ابتلينا بها منذ أواخر سبعينيات القرن الماضي بفعل التوجهات السياسية أنذاك والتي كانت تصب في زرع الفتن الطائفية وظهور التيارات الجامدة المتخلفة وبفعل الانقلاب الاقتصادي وظهور طبقات النهب والسلب والثراء علي حساب الفقراء فازداد الأغنياء غني والفقراء فقرا واستمر هذا الوضع بعد ذلك. صحيح اختلفت التوجهات السياسية وباتت أكثر قربا من الوحدة الوطنية والتأكيد علي حق المواطنة للجميع بل أصبحت المواطنة نصا دستوريا ولكن لاتزال الأحداث وتزايدها وكل مرة نتعامل معها بالتفسيرات الواهية المضحكة ما بين اتهام القائمين بها بالجنون تارة وبالأحداث الفردية تارة أخري أو أنها نتاج الاغتصاب أو الحب أو الزواج عنوة من أهل هذه الديانة أو تلك وغيرها من الفقيرات التي تشكل هروبا واضحا من تحمل المسئولية والقاء مواجهتها للأمن ورجال الشرطة الذين باتوا يعانون من أثقال ما يلقي عليهم من مهام بل وباتوا هدفا للبؤر الإجرامية ومثيري الفتن الطائفية وأصبحوا بين يوم وآخر يقدمون الشهداء والمصابين. يحدث هذا ونحمل الشرطة مسئولية المواجهة وننسي أننا جميعا شركاء في كل ما يحدث سواء في حادث نجع حمادي أو في غيره من الأحداث وإن اختلفت درجة المسئولية من فرد ومن جهة لأخري ويأتي المقدمة من هؤلاء وأولئك. أهل السياسة علي اختلاف التوجهات والتيارات والاحزاب فلا هم لهؤلاء سوي محاولات الهيمنة والسيطرة والصراعات الداخلية وتصفية الحسابات وإصدار التصريحات الخادعة المزيفة بل وتحويل المجلس المحترم إلي ساحة للشتم والسب والضرب حتي بالحذاء الذي تحول إلي آلية من آليات اعضائه الذين يوصفون أو المفروض أن يوصفوا بالمحترمين وغاب هؤلاء الساسة وغابت الأحزاب وغاب الأعضاء عن دوائرهم وبالدرجة التي لا يراهم فيها الناخب بعد فوزهم وحصولهم علي العضوية والحصانة وبهذا وغيره تركوا الساحة لقوي الظلام والنهب والسلب بل وأصبح منهم في مقدمة الهباشين تحت مظلة الحصانة. أهل الاقتصاد بل كل الأثرياء والأغنياء ورجال الأعمال الذين بدلاً من أن يستثمروا لبناء الوطن وتشغيل الأيدي العاملة بات يتعامل البعض منهم مع الساقطات والتفرغ لإرضاء النزوات واشباعها والمحصلة لابناء ولا استثمار حقيقي وأنما ولا نهضة تزايد البطالة وترك الساحة لتيار الجمود والتخلف لتوزيع الصدقات علي الشباب المتعلم الذي لم تنفعه شهادته العلمية في الحصول علي ما يطعمه أو يساعده علي تكوين أسرة. أما علي جبهة الثقافة فلقد انشغل ما يطلقون علي أنفسهم النخبة المثقفة أو علي الأقل الكثير منهم بقضايا وأمور لا علاقة لها بالواقع الاجتماعي بل ويعمل البعض منهم لكسب المزيد من المنافع ومن ثم تركوا الساحة لكل فكر متخلف ومن يحاول من هذه النخبة كشف وفضح هذا الفكر يواجه بالأوصياء علينا من أهل الحسبة لرفع القضايا بل ونجاحهم في إدانة وتغريم المثقفين والمفكرين دعاة الاستنارة وحماية المجتمع والمسلمين من فكر التخريب والتدمير الذي بات مهيمنا علي الشباب وفي القري والكفور والنجوع والأحياء الشعبية علي وجه الخصوص. ونأتي للمؤسسة التعليمية التي باتت تعاني الانهيار والخواء الفكري ويعمل فيها إما من يرغب الانسحاب من كل ما يحيط به أو يروج لأجندات الفكر المتخلف بل ونجد في مؤسسات إعداد المعلم من يروج لهذا الفكر لا من منطلق الإيمان به وإنما للكسب المزيد من الأموال والنفوذ ولن نتحدث عن المدارس الدينية إسلامية كانت أم مسيحية فأمرها معروف وتشكل جيوباً لتدمير الوحدة الوطنية وتكريس الطائفية. أما علي جهة الإعلام والفضائيات وتزايد المفتين والمفتيات واتساع دائرة الحرام وتضييق دائرة الحلال وانتشار الفتاوي ابتداء من كيفية دخول الحمام إلي فتاوي تزغيط البط وما بينها من إرضاع الكبير والتبرك ببول الرسول صلي الله عليه وسلم وغيرها مما ترك الساحة فارغة من الفكر المستنير ليملؤه الفكر الجاحد المتخلف والفتاوي المدمرة لكل مقومات الدولة المدنية. وهنا نصل إلي المؤسسة الدينية الإسلامية منها والقبطية والتي تركت الساحة وإيصال الخطاب المستنير واكتفت بالقبلات والأحضان في المناسبات الدينية بل وانشغلت هذه المؤسسات بأمور أخري لا علاقة لها بها.. لقد انشغل علماء الدين بهذه الأمور وهل هي حرام أم حلال؟ وتركوا الشباب وصحيح الإسلام وقضاياه المسلمة والمحصلة فراغ في فراغ ووقوع الشباب في بتاهات الاغتراب مع الذات ومع المجتمع ولم يعد أمامهم إما الانسحاب من الساحة والتقوقع داخل الذات أو التدمير والتخريب والانتقام من كل ما يحيط به. وهنا نتساءل هل سنظل نتعامل مع حادث نجع حمادي وغيره من الأحداث بمنطق رد الفعل كما يحدث في تعاملنا مع حوادث القطارات أم بالفعل والحركة قبل وقوع الأحداث لتجنبها؟ لنترك الإجابة لنري ماذا سيحدث وعلي كل الجبهات وإلا كنا جميعا شركاء في كل ما يحدث في مصر ولمصر من كوارث وأزمات والتي لا قدر الله سوف تعصف بالجميع.