حوار - هند عزام تصوير - مايسة عزت أكد الدكتور سيد خطاب رئيس الرقابة علي المصنفات الفنية أنه يجهز حاليا لخطة لإعادة شكل الرقابة تعتمد في المقام الأول علي الحوار بين جميع الأطراف المختلفة حول عمل أو قضية ما وهو الأسلوب الذي بدأت وزارة الثقافة اتباعه مؤخرًا عندما أعلن فاروق حسني وزير الثقافة بأن مؤتمر الثقافة المزعم عقده مايو المقبل يضم جميع التيارات للتحاور.. خطاب قال في حواره معنا أنه تقدم بمذكرة للأمين العام للمجلس الأعلي للثقافة لجمع اختصاصات الرقابة والملكية الفكرية في مكان واحد حتي تتوحد الصورة العامة والقوانين الرقابية بشكل يخدم المجتمع، علي جانب آخر عبر خطاب عن صرخة بداخله لافتقاده وجه شقيقته المنتقبة والتي تصر علي ارتداء النقاب حتي في وجوده. ما ردك علي اعتراضات الأزهر وطلبة وأساتذة الفنون الجميلة علي فيلم بالألوان الطبيعية؟ - الفيلم واحد من الأفلام الجيدة التي تشارك في انتاجها وزارة الثقافة والمشاكل التي أثيرت حوله المتسبب فيها الإعلان عن الفيلم حيث يركز علي كل التناقضات من حيث الشخصيات والألفاظ والأفكار، كل هذه التناقضات وضعت في الإعلان لتشكل عامل جذب تجاري، رغم أن الفيلم نفسه ليس به ما يستحق الحذف. لماذا لم تقم بدورك كرقيب بالتعديل في المقدمة؟ - حدث وتم عمل نسخة خاصة لكن الكارثة حدثت في الفضائيات، وتم عرض الإعلان، وليس للرقابة سلطة علي الفضائيات. ما الحل لرقابة الفضائيات؟ - هيئة عامة تجمع اختصاصات وصلاحيات الرقابة علي المصنفات الفنية، ممثلة في كل أجهزة الدولة وقد تقدمت بمذكرة بهذا الشأن للأمين العام للمجلس الأعلي للثقافة لجمع اختصاصات الرقابة والملكية الفكرية بمكان واحد حتي تتوحد الصورة العامة والقوانين الرقابية حيث لا يوجد سوي قانون رقابي واحد رقم 430 لسنة 1955، وهذا ضروري لأنه تم رفع دعوي قضائية من نوبيين بسبب أغنية هيفاء وهبي بابا فين رغم أنها تذاع علي الفضائيات، وليس للرقابة سلطة عليها، وذلك علي أساس سلطة الدولة ومسئوليتها عما تذيعه الفضائيات. وقد قلت لمحمد العمدة، نائب النوبة في مجلس الشعب، إنني أتمني خسارة هذه القضية، لأتمكن من ممارسة اختصاصاتي علي الفضائيات. تم اتهام بعض الأفلام بأنها تروج للمخدرات وتوصل رسائل سلبية للمشاهد، هل يقتصر اهتمام الرقابة علي قضايا الجنس والدين فقط؟ - نحتاج لوعي المبدعين لأن الصورة أثرها بالغ الحساسية، والميديا الآن أصبحت تساهم في تشكيل أنماط السلوك. أين دور الرقابة؟! - الرقابة تحاول التقليل من قسوة الفكرة علي شرائح وتيارات بعينها، وذلك للحفاظ علي مصالح الدولة العليا، وهذا يضعنا في مأزق شديد، بين التقليل من قسوة الفكرة والحفاظ علي رؤية المبدع، ومراعاة احتياجات المجتمع وعدم خدش قواه الاجتماعية، نحن علي قناعة بأن المجتمع بدون ابداع يعني مجتمعا ميتا، نحن نحتاج إلي تنشيط الابداع، وأن يدرك المبدع دوره التنويري. ماذا تعني بإدراك المبدع لدوره؟! - نحتاج لحوار مجتمعي كبير جدًا وحوار ثقافي مع مبدعينا لتحديد ومعرفة دورهم في المرحلة الراهنة. وهل الرقابة عاجزة عن التصدي لما يخالف قانونها؟! - إطلاقا نتصدي لدرجة أن البعض يتهمنا بأننا نحجر علي الإبداع رغم أن تدخلاتنا تكون لحذف صور وألفاظ تخدش الحياء ا لعام علي سبيل المثال قرأت في الصحف أن الأزهر ومجمع البحوث الإسلامية طلبا فيلم بالألوان الطبيعية بدعوي مراجعته ثم رفضه رغم أن كل هذا لم يحدث، وهذا كله في إطار أقاويل عن حجرنا علي الابداع.. وهو شكل من أشكال الضغط علينا لذلك من الممكن التشكيك فيما ينشر لكن هذا ليس المشكلة.. في غياب وثيقة تثبت الاعتراض وهذا ليس معناه أن هناك جهات لها حق ممارسة دور الرقابة، فهذا دورنا قانونيا. هناك بالفعل قوي تحاول ممارسة دور الرقابة.. هل هذه القوي في ازدياد أم تقل؟ - تزيد بالطبع وألاحظ أن الناس تزداد عنفًا تجاه آرائها لذلك لدينا رغبة بأن تكون الرقابة مؤسسة ثقافية أو مكان لالتقاء جميع الاتجاهات من سياسيين ومبدعين بشتي ألوانهم، ويمكننا تنظيم ندوة للفيلم الذي يتم رفضه. هل ستدعو التيارات الإسلامية للمناقشة؟ - جميعهم.. نجلس ونتناقش لأننا نريد لغة حوار. وماذا عن أفراد من الجماعة المحظورة؟! سوف أدعو من يمثلهم لأنه من المفترض أن يحضر الندوة جميع المهتمين بالشأن الثقافي والفني لنتحاور عن سبب الرفض. هل تدعو لحوار مع التيارات الإسلامية والأصولية؟! - كل الاتجاهات ولا أدعو للتفاوض إطلاقا إنما التعريف بمؤسسة ثقافية مشهور عنها المنع والحجب فقط وأحيانا تتهم بقتل الابداع وافساد المجتمع، والنقاش لن يكون نقاشًا بين تيارات سياسية إنما بين مهتمين بالشأن الثقافي بمعني عقد ندوة عامة ليس فيها حظر لأي أحد لمناقشة سبب رفض الفيلم، خاصة بعد تصويره، وهذا أيضا مهم لطلاب معهد السينما، للمقارنة بين السيناريو والفيلم النهائي، وهذا يجعل الرقابة إحدي المؤسسات الثقافية. التيار الديني يلجأ للقضاء، ولن يتحاور؟ - للأسف توجد تيارات مختلفة ترفع القضايا واتجاهات كثيرة لديها رغبة في عدم سماع الآخر أو رؤية التنوع رغم أن عظمة مصر تكمن في تعدد ألوانها الفكرية، ولولا هذا لماتت منذ قرون. هل يمكن أن تحاور يوسف البدري علي سبيل المثال؟ - ما المانع في أن يأتي للمناقشة بدلا من رفع قضية، أنا أريد إنهاء المسائل الرقابية داخل الرقابة خاصة وأن السينما المصرية تدخل مرحلة شديدة الأهمية وهي السينما الرقمية ولذلك نحن نحتاج إلي إعادة النظر في أشكال الانتاج وأنماطها وأيضا التوزيع بما يعني اعادة بناء وهيكلة صناعة السينما وهذا يجعل من الحتمي تشكيل الرقابة لمؤسسة ثقافية وليست مجرد سلطة حجب أو حذف. ما أشهر الأفلام التي تم رفضها مؤخراً؟ - فيلم صوت وصورة وتحت النقاب وقمت بما علي وحفظت نسخة C.D من تلك الأفلام لمناقشتها وكان اعتراضنا ينصب علي تعديل رؤية أن كل المنتقبات فاسدات فعلينا أن ننظر للنقاب كقضية مجتمعية وسلوك اجتماعي وعلي المبدع أن يقدم رؤيته في هذا الإطار. ماذا عن رأيك الشخصي؟ - حقي أن أعرف إلي من أتحدث أنا فعلا اشعر بالخوف عند رؤية منتقبة رغم أن أختي منتقبة وبزعل جدا منها عندما ترتديه في وجودي وأقول لها إنني أفتقد وجه أختي. فتخيلي التواصل الإنساني بين أخ وأخته علي الرغم من كونه غير محرم كما أنني أفتقد إلي التواصل الإنساني لمن يمشي إلي جواري بالشارع ومن يركب المواصلات بهذا الشكل فحقي الإنساني أن أكون متواصلاً مع من أراه. انتشرت مؤخراً ظاهرة سرقة الأفلام السينمائية والأغاني الحديثة وعرضها علي الإنترنت ما دور الرقابة في الحد من هذا؟ - الإنترنت له رقابة خاصة والمواقع التي تبث من مصر تتحكم فيها ثلاث شركات ولكن المشكلة في المواقع التي تبث من الخارج لذلك تحاول التعاون مع جمعية المنتجين والموزعين للمطالبة بمعاقبة المواقع التي تبث أغانيها وأفلامها لأنها تهدر المال العام وتدمر حق المبدع وللأسف حملة إدارة التفتيش التابعة للرقابة علي المصنفات ضبطت مؤخراً سيديهات أغلبها لأفلام حديثة تباع في الشوارع وأعتقد أن هذه ظاهرة عالمية لذلك نحتاج إلي مزيد من الضوابط للحد من انتشارها. ألا تري أن وزارتي الإعلام والاتصالات لم تقوما بدورهما لمنع هذه الظاهرة؟ - لا أستطيع اتهام أحد إنما غياب المعيار الثابت لأشكال الرقابة وعدم التنسيق سبب رئيسي في ذلك ووجود هيئة عامة ستحدث توازنًا بين مساحات الحرية المتباينة ما بين تلك الجهات. ألم تحاول لقاء مسئولي تلك الجهات أم اكتفيت بمقترحك فقط؟ - قدمت المقترح للأمين العام للمجلس الأعلي للثقافة وسنتعاون خلال الفترة المقبلة. اتهمت الرقابة مؤخراً بالتسبب في ترك موجة أفلام العشوائيات؟ - للأسف ظهرت مؤخراً موجة سيئة من السينمائيين يؤمنون بأن تصوير الواقع هو الدور الأساسي للفن وهذا غير صحيح لأن الفن دائما وأبداً عمل افتراضي كما أنه لا توجد أماكن بهذا الشكل إنما وقائع افتراضية فالواقع أكثر صدقاً فمكان مثل الطالبية والقطامية وكثير من العشوائيات التي نعرفها ونعيش فيها كلنا ولسنا بعيدين لا يوجد فيه هذا النسيج المصنع وهذا يؤكد فكرة الافتراضية. وهل ستضع الرقابة ضوابط جديدة لمنع ذلك؟ - سنتناقش فالحوار أجدي من الضوابط والعنف في المنع والحجب. ما مدي العلاقة بين الرقابة ومؤسستي الأزهر والكنيسة؟ - الأزهر والكنيسة من أهم مؤسساتنا الدينية وهما محافظان بقدر كبير جداً علي وسطية الدين الإسلامي والمسيحي ويؤمنان كمؤسستين كبيرتين في العالمين الإسلامي والمسيحي بتعدد الألوان والتجاور والتنوع في مجتمعنا المصري ولم يعتد أحد منهما علي دور الرقابة ولم يقدم لهما أحد ملاحظات عدا تقديم اعتراض علي إذاعة فيلم يسيء لجهة من الجهات وهو حق لأي مؤسسة إذا كنا نحترم مؤسساتنا ويحق لنا أن نمارس عملنا الذي يخوله لنا الدستور كما أن الرقابة تحتاج إلي هاتين المؤسستين في الاستشارات الدينية لأنني لست رجل دين. ماذا عن خطة التطوير؟ - سنعيد هيكلة الرقابة والمطالبة بوحدة حسابية ومستقلة عن الديوان العام والمحاولة لتحديث أجهزتنا حيث طلبنا قائمة بالتجهيزات لأن كمًا كبيرًا من الأجهزة رديئة وغير صالحة لاستعمال ولا نملك التقنيات الحديثة المتطورة أيضا نسعي لإنشاء أرشيف إلكتروني كامل كما طالبنا بتعيين شباب من خريجي المعاهد الفنية للتقنيات الحديثة وخريجي معهد السينما والنقد الفني.