أصبح تكرار حدوث التوترات الطائفية من سمات الشهور الأخيرة من كل عام في مصر.. وهي توترات لا يجمع بينها سوي أنها تحمل العديد من الدلالات السلبية. فمنذ عام 2000 بدأت قضية الكشح الأولي، ثم قضية الكشح الثانية، ثم قضية أبو قرقاص، ثم قضية الراهب المشلوح، ثم قضية إسلام زوجة الكاهن، ثم الإسكندرية، ثم دير أبو فانا، ثم الفيوم، ثم المنيا وبني سويف، ثم قنا والدقهلية. فضلاً عما حدث بحي الزيتون وعين شمس بالقاهرة. وفي ظني أنه بعد ما يزيد علي خمسة عشر عاماً علي اهتمامي بالشأن القبطي الخاص في سياق الشأن المصري العام.. يجب أن نؤكد علي بعض الدلالات المهمة ذات الارتباط المباشر بما يحدث لنا، ومنها: - إن الغالبية العظمي من الصحف التي تناولت هذا توتر نجع حمادي الأخير سواء بالأخبار أو بالمقالات من جانب، أو من موقع الحادث من جانب آخر.. قد قاموا بتغطية غير موضوعية للتوتر الطائفي من خلال تصعيد الموقف لأقصي درجة يمكن أن يصل إليها لخلخلة الأمان الاجتماعي. وهو ما يتكرر في كل توتر طائفي بشكل دوري.. فتارة يرجعون التوتر لتلك العلاقة الآثمة بين شاب مسيحي مصري وشابة مسلمة مصرية لها سلوك ملحوظ، وتارة أخري يعيدون صياغة القصة علي اعتبار أنها قضية اغتصاب. - إن التوتر بهذا الشكل في رأي الكثيرين لا يخرج عن كونه متعلقاً بشكل أو بآخر بالانتخابات البرلمانية.. خاصة ما تردد حول علاقة المتهم الأول الوطيدة بأحد أعضاء مجلس الشعب.. بعد أن فشل الأخير في الوصول لتسوية مع الأنبا كيرلس حول تعويض خسائر فرشوط. - ما زالت جميع التوترات الطائفية تتسم بالنقص الشديد في المعلومات. وبالتالي، في صحة ودقة المعلومات التي يتداولها رجل الشارع من جانب، والتي تنشرها بعض الصحف أو التي تبثها بعض القنوات الفضائية من جانب آخر. بالإضافة إلي ما يصاحب ذلك من تأويل للاستهانة بما حدث في بعض الأحيان أو تضخيم وتهويل يصل لحد المبالغة في الكثير من الأحيان. وهو ما ترتبت عليه تلك المقارنة المزعومة في إطلاق لقب الشهيد علي الجندي المصري الذي قتل علي الحدود، وبين من تم قتلهم من المصريين (الجندي المسلم والشباب المسيحي) في نجع حمادي. - ليس بالمفهوم الأمني فقط يمكن أن ننهي التوترات الطائفية. بمعني أن إدارة الأمن للأزمات الطائفية هو وقف التوترات والصدام وتعقب الجناة. أما معالجة الأسباب ومواجهتها ليست من مسئوليات الأمن. - أعتقد أنه قد آن الأوان إذا كنا نتحدث عن الإصلاح والتغيير أن نضع العلاقة بين الأقباط والمسلمين في مصر علي أجندتنا الوطنية والقومية. ويجب أن نتبني تأكيد مفهوم المواطنة كقاعدة انطلاق ومشروع مستقبلي للمصريين جميعاً. ولكي لا نقع في شرك المنطق المسكون بالتبسيط المخل لهذه التوترات، والتي يختزلها البعض إما في التأكيد علي بعض المفاهيم الاحتفالية من عينة وحدتنا الوطنية، وإما برفض الحديث والتلويح بالتدخلات الخارجية - التي لا تخلو من مصلحة ما - في شئوننا الداخلية.