نظمت مكتبة حنين حفل توقيع وندوة بمناسبة صدور المجموعة الشعرية "وليمة قمر" الصادرة عن سلسلة "آفاق عربية" للشاعر البناني شربل داغر، غاب عنها ضيوفها الشاعر حلمي سالم والروائي إبراهيم أصلان، حتي صاحبة الدار الصحفية نوال مصطفي غابت هي الأخري، أما السفير اللبناني الدكتور خالد زيادة، فحضر مبكرا واشتري نسخة من المجموعة وانصرف قبل بداية الندوة، واقتصر الجمهور علي عدد من الصحفيين لا يتجاوزون أصابع اليد الواحدة. عبر شربل عن سعادته بصدور "وليمة قمر" بالقاهرة، التي تشهد - من وجهة نظره - حالة من الجدل الشعري بتياراته المختلفة، وأبدي سعادته بالمشاركة في هذا الجدل، خاصة أنه يجمعه بالشعراء والنقاد والجمهور المصري صلات وروابط قوية، وأشار إلي أن هذه هي المرة الأولي التي يقرأ فيها شعره في أمسية، حيث اقتصرت مشاركته في المؤتمرات الثقافية بمصر علي صفته ناقد فقط، وآخرها ملتقي القاهرة الشعري الأخير، وأكد أن شعره لا يناسب اللقاء الجماهيري، لأن اللقاءات الشعرية الجماهيرية يناسبها الشعر المهموس، كما يقول الدكتور محمد مندور، بينما يحتاج شعره إلي المزيد من التأمل، ويناسب أكثر الجلسات المغلقة والحوار الحميمي. وأكد شربل أن كتابة الشعر عملية مؤلمة واختلفت وظيفة الشاعر القديم الذي كان بمثابة الموظف والخادم للخليفة أو الأمير، يسجل مآثرهم وإنجازاتهم ويمدحهم بإفراط، أما الشاعر الحديث فمشغول بذاته وما يحيط بها من مشكلات، ويغلب علي الشعر الحديث الطابع الفردي. وأشار شربل إلي أنه كتب رواية منذ عامين، واكتشف أن علاقته بالرواية أفضل وأوثق من علاقته بالشعر، لأنه مع الشعر تسقط كل الحسابات فهناك مواجهة مع النفس مباشرة وباستمرار، أما الرواية فتعدد شخصياتها يتيح التوزع والتخفف من حجم المواجهة، وأكد شربل أن خيانة الشعر عن طريق الترجمة عملية لازمة لأنها ليست مقصودة بحد ذاتها، تنتج عن تبديل التعبيرات المستعملة في اللغة الأصلية التي لها صعوبتها وأساليبها الخاصة في الأداء. وأوضح شربل أنه يوجد في أشعاره تفاعل تجمع بين القصيدة العربية القديمة والحديثة، ويتمحور موضوع القصيدة عنده حول الذات وتشكيلاتها، وأكد أن تحقق الذات ليس في ثباتها بل في تبدل مواقعها وتحولاتها المستمرة نشاط ضروري لتكاملها، وهذا التكامل بالانشطار لا يعد نكوصا كليا بالمشروع الحداثي الذي تبناه الرواد، والذي بني علي مركزية الذات، وإنما ما زال يحمل في طياته التطلع الرومانسي نحو التكامل، والإيمان بالقدرة علي لملمة الذات المنشطرة في التواصل مع الجمع. وأكد أنه في شعره يصعب فصل إنتاج اللغة وأدائها بمعزل عن الحس بالمكان والزمان، وفي عالم اليوم يستحيل علي الشاعر التسليم بأنه المتكلم، حيث صار الكلام الشعري يقيم فصلا لا بين الشاعر وذاته وحسب، بل بين الشاعر ولغة الكلام أي اللغة المتداولة، أصبح الشعر الفضاء الذي تغدو فيه الذات الفاعلة للشاعر في اللامكان، لذلك حدث تشتت وتبدد مثلما تعددت الأمكنة المعاشة ولغة الكلام.