تري علي ماذا تراهن إيران في تشددها تجاه الغرب فيما يخص الملف النووي؟ وما هي الأوراق التي تمتلكها في هذا الصدد؟ هل تراهن إيران علي أوراقها الخارجية المرتبطة بإثارة القلاقل عبر تعميق الخلافات والحروب شبه الأهلية والابتزاز في المنطقة سواء في اليمن أو فلسطين أو لبنان مستخدمة أوراقًا مهمة مثل جماعة الحوثيين وحماس وحزب الله؟ أم أنها تراهن علي قدرة الجماعات الشعبية المهيمنة في العراق والتي يكاد يكون قد وقع في أسرها العراق ككل؟ أم أنها تراهن علي التسهيلات الجيوبلوتيكية التي من الممكن أن تقدمها عبر حدودها المفتوحة مع جماعة طالبان في افغانستان وكذلك مساعدة الحركات الانفصالية الإسلامية في الشيشان والجمهوريات الإسلامية في آسيا الوسطي والقوقاز. وهنا تجد الإشارة إلي قدرة إيران علي اذكاء الصراعات الانفصالية والمذهبية في حزام يخترق أكثر من خمس عشرة دولة عربية وأفريقية وآسيوية وأوروبية عبر تحالفاتها مع تنظيم القاعدة والحركات الإسلامية المتشددة: الأمر الذي سوف يصيب التحالف الغربي بالإنهاك والارتباك خاصة في العراق وأفغانستان ويستنزف الموارد البشرية والاقتصادية لذلك للتحالف الأمر الذي يدفع بالغرب لعدم استخدام الحل العسكري حتي لو جاء من إسرائيل. أم أن هناك مباحثات سرية بين إيران والغرب وإسرائيل تحت شعار: القنبلة مقابل السلام؟ وإذا بحثنا عن مؤشرات لذلك السيناريو الافتراضي سنجد: أولاً: رغبة سوريا في إنهاء الصراع السوري الإسرائيلي وعقد اتفاقية سلام مع إسرائيل، وفي هذا السياق فإن القيادة السورية تلح علي ذلك وتطالب بشراكة الولاياتالمتحدةالأمريكية في تلك العملية. ثانياً: دخول حزب الله في مفاوضات غير مباشرة مع إسرائيل أكثر من مرة وكذلك دخول حزب الله كشريك في الحكومة اللبنانية دون اعتراض حلفاء إسرائيل في لبنان. ثالثاً: المفاوضات التي تجري سراً وعلناً بين حماس وإسرائيل علي هدنة طويلة، وقبول حماس بالتهدئة مع إسرائيل واعلانها الاتفاق مع جميع الفصائل المسلحة في قطاع غزة علي وقف اطلاق الصواريخ تجاه إسرائيل. ولا يعقل أن يتم كل ذلك من حلفاء إيران في المنطقة دون موافقتها أو علي العكس يمكن أن تكون هذه المبادرات السلامية السابق الإشارة إليها لكي تكسب الإدارة الإيرانية الوقت. علي الصعيد الفلسطيني: ماذا عن إعلان أبو مازن عن رغبته في عدم الترشح لرئاسة السلطة الفلسطينية في الانتخابات المقبلة؟ هناك أربعة سيناريوهات: السيناريو الأول: أن يكون هناك اتفاق غير معلن داخل حركة فتح علي أنه في حالة خروج مروان البرغوثي في صفقة شاليط، يترشح مروان البرغوثي لرئاسة السلطة كوجه مقبول من حركة حماس: وأيضاً لدي بعض الوزراء في الحكومة الإسرائيلية، وحين ذاك سوف توقع حماس علي اتفاق المصالحة وتعود إلي مشروع التسوية السلمية مع احتفاظها بسلاح المقاومة مثلما يفعل حزب الله في لبنان، ويكتفي أبو مازن بقيادة فتح ومنظمة التحرير الفلسطينية. السيناريو الثاني: في حالة عدم خروج مروان البرغوثي فسوف يترشح لرئاسة السلطة أحد الشخصيات التاريخية من حركة فتح مثل أبو العلاء أو غيره. السيناريو الثالث: أن يتراجع أبو مازن عن قراره ويترشح لقيادة السلطة مقابل التخلي عن قيادة منظمة التحرير لقيادة أخري تشارك حماس في اختيارها. جميع هذه السيناريوهات رهن بمواقف إيران تجاه حلفائها في المنطقة ويرتبط الأمر بموافقة الولاياتالمتحدةالأمريكية ومصر والعربية السعودية والله أعلم. السيناريو الرابع: حل السلطة الفلسطينية واللجوء إلي تدويل القضية الفلسطينية عبر الأممالمتحدة. جميع هذه السيناريوهات تعبر عن أزمتين: أزمة التفاوض بدون أمل في الحل وكذلك أزمة المقاومة المسلحة التي دخلت في طريق عبثي ومسدود. وأن بدا أي نور في هذا النفق المظلم فربما يأتي من التدويل ووصاية الأممالمتحدة مثلما حدث من قبل في تأسيس دولة نامبيا وجنوب أفريقيا وفلسطين القادمة بإذن الله والله أعلم.