"لينين" و"ستالين" و"مولوتوف" أسماء تحمل جانبا آخر من حياة المؤلف المسرحي الكبير لينين الرملي، ربما لم يذكره كثيرا في حواراته الصحفية، فبالرغم من أنني ذهبت إليه في منزله بحي المهندسين وفي نيتي إجراء حوار مسرحي بحت إلا أن الحديث أخذنا إلي جانب خاص جدا وهام من حياته الشخصية ، خاصة فيما يتعلق باسمه وأسماء ابناء عمه التي ذكرناها في بداية الحوار ، حيث تسبب اسمه "لينين" في حدوث أشياء طريفة وصلت إلي حد المضايقات معه في بداية حياته عن ذلك والمسرح حدثنا الرملي قائلاً: الحقيقة تسبب لي هذا الاسم منذ أن كنت طفلاً في الشعور بالاغتراب فدائما كان يندهش الناس من سماعه ويتشككون في أربعة أشياء أولها أنني اشتراكي أو شيوعي ثم يتسألون إذا كنت مسيحيا أم مسلما، أيضا يتساءلون إذا كنت أجنبيا أو من أصل غير عربي أما الطريف أن البعض كان يتصور أنني امرأة قبل أن يراني، وأذكر أن المدرس عند سماع اسمي كان يطلب مني قراءة الفاتحة أو قول الشهادة حتي يتأكد من اسلامي!! من الذي اختار هذا الاسم؟ - والدي ووالدتي هما من اطلقا علي اسم "لينين" لأنهما كانا اشتراكيين فإلي جانب أنهما صحفيان ووالدتي كانت من أوائل الصحفيين الذين عملوا بمؤسسة روزاليوسف، إلا أنهما عملا أيضًا بالسياسة لفترة طويلة فوالدي أسس حزبًا اشتراكيا وكان معجبا بالزعماء الاشتراكيين لذلك أطلق علي هذا الاسم خاصة أن قبلها كان عمي قد أنجب ولدًا قبل ولادتي بتسعة أشهر وعمي كان غير مهموم بالسياسة لكنه كان يحب والدي فسأله أن يختار اسما للمولود الجديد فإقترح عليه أن يسميه "ستالين" وبالفعل أطلق علي ابن عمي "ستالين" لذلك تحير والدي بعد ولادتي في اسمي إلي أن هدي إلي اسم "لينين"، وأعتقد أنه كان من حسن حظي لأن "ستالين" كان زعيما دمويا بينما "لينين" كان أخف وطأة منه، الطريف أننا أصبحنا نطلق علي ابن عمنا الآخر نبيل اسم "مولوتوف" حتي نكمل مسيرة هذه الأسماء. ألم تفكر يومًا في تغيير هذا الاسم تفاديا للمشاكل التي سببها لك؟ - بالفعل اسمي سبب لي العديد من الأزمات خاصة أيام عبد الناصر حيث كانت ترفض لي أعمال بسبب اسمي فكانوا يعتبرونني يساريا رغم أن اليساريين كانوا يكرهونني بسبب أنني بعيد عنهم، لكن أذكر واقعة هامة في حياتي عندما ذهبت والدتي لرئيس تحرير صباح الخير حتي ينشر قصة قصيرة في باب "قصة من قارئ" وافق وقتها أن ينشر القصة لكنه اشترط ونصح أمي أن أغير اسمي ، فعادت إلي المنزل واقترحت علي هذا الاقتراح وقتها كان عمري عشرين عاما، لكنني رفضت وبشدة وقلت أن هذا الإسم تسبب لي في الإغتراب منذ أن كنت طفلا وإذا غيرته باسم آخر سوف أشعر بحالة اغتراب مضاعفة لأنني اعتدت أن ينادني الناس ب"لينين" وعشت به عشرين عاما، وإذا غيرته لأنه لم يعجب الناس فمن المحتمل بعد ذلك أن أتنازل عن أي شيء في حياتي لأنني قررت التنازل من البداية. هل هناك مواقف طريفة تعرضت لها بسبب اسم لينين؟ - أذكر أنني في بداية حياتي ذهبت للفنان فؤاد المهندس بعد أن عرفني عليه محمد صبحي وكانت أول مسرحية لي "انهم يقتلون الحمير" رويت له المسرحية فأعجب بها بشدة وقال أنه موافق علي العمل معي لكنه عاد وسألني أن أذكره باسمي فقلت "لينين الرملي" فصمت وقال يعني ينفع نكتب تأليف "لينين الرملي" وشعرت أنه يريد إنهاء المقابلة فإنسحبت في هدوء ووقتها اخذها جلال الشرقاوي وقدمها علي مسرحه، لكن عندما نشر عنها أخبارا في الأهرام كتب في الخبر الأول تأليف فتحي الرملي فغضبت وطلبت منه الا يكرر ذلك فكتب المرة التالية تأليف لينين الرملي؟ هل تبنيت يوما الفكر الإشتراكي؟ - بحكم انني عن أسرة اشتراكية كنت قد قرأت منذ بداية حياتي كل ما يخص الأدب الاشتراكي واقتنعت بالفكرة فترة ثم بدأت بعد ذلك في إبداء رأيي في الاشتراكية خاصة بعد إطلاعي علي أكثر من فكر وفلسفة فلم انتمي لحزب معين أو فكر سياسي محدد لكن من الممكن ان أقترب إلي حد ما من الفكر الوجودي باعتبار أن الوجودية فكرة فلسفية وفردية لا تخص جماعة أو حزبًا أما بالنسبة للاشتراكية فأعتقد أنها كانت مجرد خيال وهذا ما حدث لأنها انتهت ولم تكتمل. بعيدا عن "لينين" كتبت وأخرجت مؤخرا عرض "وهم الحب" وشارك في المهرجان التجريبي لكن العرض لم يأخذ حقه وأغلق مبكرا ألم تنزعج من ذلك؟ - ما حدث كان ظرفًا طارئا لم اتوقعه وإذا كنت اعلم أن مسرح الهناجر سيخضع للتجديد كنا سنغير خطة العرض من البداية لأن العرض كان من المقرر ان يقدم لمدة خمسة عشر يوما لكننا فوجئنا أن القوات المسلحة ستتسلم المسرح لتجديده فاكتفينا فقط بالعرض لمدة أربعة أيام حتي يدخل العرض الثاني "السبعة ضد طيبة" لمحمد أبو السعود ، لكن خلال الفترة القادمة هناك اتفاق علي تقديم العرض علي مسرح الهوسابير لمدة شهر حتي يأخذ حقه ويستطيع أن يشاهده الجمهور. هل بالفعل حدث خلاف بينك وبين أبو السعود مما تسبب في اعتذاره عن التجريبي؟ - لم يحدث اي خلاف علي الإطلاق لكنني قرأت تصريحات له عن ذلك في إحدي الصحف ، لأنني لا أحب المشاكل بشكل عام ولا أفتعلها في أي مكان بالعكس دائما أحرص علي الابتعاد عنها حتي انه قال أنه تتم مجاملتي علي حسابه وهذا غير حقيقي لأنني عرضت أربعة أيام مثله تماما كما أن أيام بروفاتي كانت أقل كثيرا من بروفاته حتي أننا عرضنا أمام لجنة مشاهدة المهرجان التجريبي ولم يكن العرض جاهزا وقتها وخرج بشكل سيئ في هذا اليوم لكنه بعد ذلك حقق نجاحا طيبا أمام الجمهور. ألم تحزن لعدم اختياره ضمن عروض المسابقة الرسمية للمهرجان؟ - دائما أقدم عروضا في التجريبي وأعلم جيدا أنها غير مشاركة ولن تحصل علي جوائز لأن المهرجان واللجنة لهما أسلوب في اختيار العروض والجوائز لا تشغلني فأنا أعمل فقط للعمل ولا أنتظر جوائز فمنذ عام 1992 أقدم عروضا بالمهرجان ولا أنتظر جوائز، لأنني أعلم أن لجان المهرجان لها حسابات أخري . منذ بداية عروضك التجريبية وأنت حريص علي إخراج معظم هذه الأعمال لماذا؟ - لم أخرجها جميعا بل أخرج لي من قبل محسن حلمي "الكابوس" و"العار" و"مجد الغلب" و"الشيء"، كذلك عندما كتبت "البكوات" رشحت لها عصام السيد وكان لا يزال جديدا وعادة كنت أختار دائما الشباب للبحث عن تقديم وجوه جديدة خاصة بعد انفصالي عن محمد صبحي حيث كنت أريد تقديم شكل جديد مع عدد من الشباب بدأت بهذه الأعمال وخرج من هؤلاء الشباب بالوقت الحالي نجوم كبار مثل مني زكي وفتحي عبد الوهاب وهما كانا أبطال عرضي "العار" و"الكابوس". بالرغم من النجاح الكبير الذي حققته مع صبحي إلا أن انفصالكما جاء بشكل مفاجئ ولم يفصح أي منكما عن الأسباب الحقيقية؟ - هذا السؤال تكرر معي كثيرا لكن باختصار أننا كنا مختلفين في التفكير فليس معني اننا نعمل معا أننا متفقان بشكل كامل ولكن جاء وقت بعد مسرحية "بالعربي الفصيح" شعرنا دون أن نفصح ان كلا منا يريد تقديم ما يريده بعيدا عن الآخر خاصة أنني أري أن الإعلام دائما ما ينسب نجاح العمل للنجم ولا يذكر المؤلف بشيء فكل ما قدمه صبحي كان يعبر عن فكري الخاص ، ولكن للأسف المؤلف ليست له حقوق مادية او فكرية في مصر وهذا الإهدار تتسبب فيه دائما وزارتا الإعلام والثقافة لكنني حاليا أقدم ما أريد وصبحي يقدم ما يريد. ولماذا تري أن المؤلف في مصر ليس لديه حقوق مادية أو فكرية؟ - لأن هناك حالة من الخلل والتشويه أحيانا تحدث بأعمال المؤلفين وليس لدينا ما يحفظ حقوقنا في ذلك فمثلا عندما تم تصوير عرض "زكي في الوزارة" تليفزيونيا وجدت ان العرض حذف منه مشهد بالكامل المشهد الرابع ومدته 18 دقيقة وكان اجتماع برئاسة الوزارة دون أن يعودوا لي في ذلك خاصة ان رقابة التليفزيون وقتها كانت قد شاهدت العرض من قبل ولم تعترض علي أي شيء به وبعد التصوير طلبوا حذف المشهد فرفضت لأنه ليس هناك مبرر لذلك إلي جانب ان وزارة الثقافة حاليا أصدرت قرارا بعمل عقود للمؤلفين بها إقرارا منا بالتنازل بمعني أن أتنازل عن عملي لجهة الإنتاج بحيث لا يحق لي الاعتراض علي اي قرار تتخذه جهة الإنتاج خاص بالعمل فهو يحمي المنتج علي حساب المؤلف وهذا خوفا من أن يضر المؤلفون بالعروض رغم أنه لم يسبق واستطاع أن يوقف مؤلف عرضًا لأنهم خرجوا عن النص مثلا!! بعد وهم الحب هل ستدخل مشروعا جديدا بمسرح الدولة؟ - كان لي نص "الدنيا مسرح كبير" وكنت سأقدمه مع المخرج محمد عمر لكننا اختلفنا فقررت أن اسحب الرواية منه وطلبها مني حاليا المخرج محمد متولي وهناك مناقشات حولها لكننا لم نتفق علي خطة محددة أيضا هناك احتمال لسفر عرض "وهم الحب " إلي أمريكا أو تقديم العمل من جديد هناك .