في الحادي عشر من نوفمبر سنة 4491، صدر العدد الأول من جريدة أخبار اليوم، التي أسسها التوءم الأشهر مصطفي وعلي أمين، وأعلنا من خلالها عن ميلاد مدرسة جديدة في تاريخ الصحافة المصرية. كانت أخبار اليوم صحيفة مختلفة، في اللغة والأسلوب والأبواب والمانشيتات والصور، تخاطب قارئًا مختلفا ينتمي إلي عالم جديد، أسهم اقتراب الحرب العالمية الثانية في نهايتها في تشكيل مزاجه واهتماماته، وهيأته لاستقبال مرحلة غير مسبوقة في تاريخ الإنسانية، تلك التي بدأت فعليا بعد نهاية الحرب، وبداية الترتيب لإعادة رسم الخريطة ذات المفردات المغايرة امبراطوريات تنهار، ودول عظمي تنشأ، وشعوب تتحرر، وحرب باردة تشتعل ولا تقل في خطورتها عن الحروب السابقة المباشرة، وقوي اجتماعية تبحث عن دور، وزحام في الأفكار والنظريات والشعارات. منذ العدد الأول، اتخذت أخبار اليوم مساراً مختلفًا، ولم يكن الجديد فيها هو الموقف السياسي والفكري فحسب، حيث الانحياز للقصر الملكي والعداء المحموم للوفد بل يمتد التجديد أيضًا إلي المنهج الصحفي الذي يتوافق مع المرحلة، فقد اختلف أبطال الأخبار، وتبدلت الأدوار، وأضحت الأهمية لما ينشغل به القارئ العادي، المواطن البسيط الذي يمثل السواد الأعظم من الشعب، وإن لم يجد ما يشغله، فلا بأس من إيجاد هذا الخبر وصناعته والترويج له!. لا شك أن تجربة أخبار اليوم، عند نشأتها، لا تروق للكثيرين، ولا شك أيضًا أن زيادة مصطفي وعلي أمين ليست موضعا للجدل والاختلاف، فهما اسمان بارزان في التاريخ الصحفي المصري، ولأكثر من نصف قرن تعرضا لتحولات وانقلابات، وبرحيل علي أمين، انفرد مصطفي أمين بحمل الراية، وظل إلي يومه الأخير متشبثا بأفكاره واجتهاداته التي تتطور دائمًا في الجزئيات، ولا يتبدل المنهج. خمسة وستون عاما من الصحافة المثيرة للجدل، وأجيال من الصحفيين والكتاب، وصرح شامخ تعتز به الصحافة المصرية وتفخر وتباهي.. وعام جديد من العطاء والإضافة.