هذا المصطلح يستخدمه أهل اللغة الإنجليزية للتعبير عن حالة تشبه ما نقول في بعض الأحيان وهي محلك سر أو بالمعني الشعبي الدارج "كأننا يا بدر لا رحنا ولا جينا" وبالطبع يمنحنا ذلك نوعا من الإحباط لما فيه من كل معاني التراجع والشعور بعدم التقدم نحو الأفضل، مايقال حول المربع "أ" يماثل القول بأن ريما رجعت بسلام لعادتها القديمة؟!، وهذا صحيح في قضايا الساعة: قضية السياسة الأمريكية، وقضية الصراع العربي غير العربي، وقضية الصراع الفلسطيني بجناحيه المحلي والقومي، ولنا حق محاولة الشرح والتفسير استنادا لمبدأ الاجتهاد الشخصي في فهم ما يدور، خاصة أن المواطن البسيط تحمله أمواج الأمل إلي عليين في حلول لهذه القضايا علي أمل أن يعيش في سلام وأمان ورخاء بدلا من السنوات العجاف التي يعيش فيها منذ الحرب العالمية الثانية وحتي الانتفاضة الثانية أيضا. الغريب في الأمر أن هناك رباطًا عضويا وثيقا بين تلك القضايا التي ذكرتها آنفا ولو تخيلنا تغييرا جوهريا في أي منها لتغير الحال في كل منها؟!، ولنفترض قيام المصالحة بين فتح وحماس ثم نهاية الصراع العربي الاسرائيلي علي الوجه الذي يرضي العرب أولا ثم إسرائيل ونتخيل كذلك وقوف أمريكا علي الحياد بين المتنازعين لأصبح العالم كله في حالة سلام واستقرار. السياسة الأمريكية فلنبحث عنها في جنبات الكنيست الاسرائيلي وفي برامج الأحزاب الحاكمة أو المعارضة في تل أبيب، فما يراه ساسة إسرائيل من الصقور أو الحمائم المزيفة التي لم يعد لها وجود هو بالضبط ما يضعه الحزب الجمهوري والحزب الديمقراطي علي أجندته بصفة دائمة وبشكل علني وبطريقة عملية، راجعوا معي ما قاله الرئيس الحالي أوباما ومن سبقه من قبل بل وجميع الرؤساء الذين دخلوا البيت الأبيض للحكم منه والمعيشة فيه، كلهم أجمعوا علي ضرورة حماية إسرائيل ومصالحها في الشرق الأوسط وفي العالم وتبنيها في كل المواقف والمحافل، بل اتفق كل الرؤساء علي أهمية تفوقها علي العرب عسكريا ونفسيا، لدرجة أن الرئيس الحالي أوباما أعلن ذلك في خطابه الأول أمام الأمة وفي كل خطاباته الموجهة للعالم حتي خطابه الشهير في القاهرة والذي كان يبعثه للعالم الاسلامي كله حيث أفاض في عرضه الالتزام الشخصي والرئاسي والأمريكي لدولة إسرائيل، ولقد ألمح إلي ضرورة وجود بعض التنازلات من طرفي الصراع حتي يمكن الوصول إلي حل للمشكلة المزمنة بين العرب وإسرائيل، ولقد كان الحذر في استيعاب مقال أوباما أكثر من التفاؤل في الفهم، والحقيقة المؤكدة أن إسرائيل وأمريكا وجهان لعملة واحدة ورأسان لجسد واحد ولا مكان للفصل بينهما سوي المسافة التي توجد علي الخريطة والتي يتم اختزالها إلي بضع دقائق فقط في حالة الطوارئ وحالة التهديد بالحرب وربما يتم اختصار الوقت إلي ثوان قليلة، في حرب أكتوبر تم نقل الدبابات من المخازن الأمريكية إلي ساحة المعركة في سيناء عبر جسر جوي خلال ساعات قليلة وفي حرب الخليج الأولي والثانية والثالثة لم يستغرق الأمر شيئا، الآن وبكل فخر توجد قواعد عسكرية في معظم البلدان العربية للدفاع المشترك؟! كلها وقت اللزوم سوف تدافع عن وجود إسرائيل، هذا خلاف الأساطيل وحاملات الطائرات التي تقطع البحار ذهابا وإيابا، أضف إلي هذا المناورات المشتركة بين بعض الجيوش العربية وبين أمريكا. أما الصراع العربي الاسرائيلي فهو صراع قديم جديد بل متجدد منذ ماقبل الحرب العالمية الأولي لما بعد حرب العراق، القوي الصهيونية في العالم أجادت التخطيط والتنفيذ في كل مرحلة من مراحل الصراع ، وهو في الحقيقة صراع متعدد الجوانب يتداخل فيه التاريخ والجغرافيا، الدين والعقيدة، الهوية والثقافة، المال والاقتصاد، ولابد من ترجمة كل ذلك عسكريا وسياسيا. القادة في تل أبيب يعرفون تماما ماذا يريدون لمستقبلهم قبل حاضرهم ولديهم خارطة طريق مرسومة منذ مائة عام صالحة لمائة عام قادمة يستندون فيها علي سياسة الأمر الواقع ألا وهو التشرذم العربي في كل المجالات التي تقرأها قبل هذا من سطرين ونحن نعيش في وهم يسمي القومية العربية دون محاولة ترجمتها إلي الواقع، وما زال البعض يتشدق بما يمكن فعله في هذا الصراع ولكن العدو الأوحد للعرب هو إسرائيل ولابد من فهم ما جري بعد حرب أكتوبر بشكل صحيح، فاتفاقية كامب ديفيد ما هي إلا هدنة من نوع خاص تحكمها ضوابط دولية قوية فهي هدنة دائمة ومشروطة وهي لن تصمد ثانية واحدة حين تتفوق مصر عسكريا ويتحد العرب سياسيا وتحييد أمريكا بقدر المستطاع وتلك الشروط الثلاثة تحتاج إلي عمل كبير ومعجزة أكبر. أما الصراع الفلسطيني كان واضح المعالم طوال الأعوام القليلة الماضية حيث كان هناك خلاف في وجهات النظر بين كل من منظمة التحرير وبين فتح وبين منظمة أو حركة المقاومة الإسلامية حماس الأولي تضع في حساباتها معني المقاومة بأولوية التفاوض عبر وسطاء من المجتمع الدولي أما الثانية تبني خطتها علي المقاومة المسلحة مع بعض التأييد من قوي إقليمية ومحلية معينة، تضارب الرؤي والمصالح مع الصراع علي تصدر الصورة العامة للقضية أدي إلي ما حدث من خلاف واختلاف وضحت معالمه بشدة في صناديق التصويت، وفاة عرفات الزعيم التقليدي لمنظمة التحرير الفلسطينية والقيادة التاريخية للصراع أدت إلي التنازع علي الإرث القيادي للفلسطينيين وزادت حدة الخلاف ثم الصراع ثم القطيعة، الآن هناك قطيعة بين فتح وبين حماس وأصبحت قطيعة سياسية وجغرافية وبالطبع في بقية الأمور، حكومة مقالة وأخري مؤقتة وثالثة حكومة تيسير أعمال ورابعة حكومة توافق وطني!!، كل هذا أصاب العالم بالحول في نظرته للقضية الفلسطينية مما يستدعي جراحات متعددة ليس فقط كي يتم تعديل النظر في أعين العالم بل تعديل النظر في أعين من يقال عنهم قادة الفصائل وما أكثرهم؟!